الجزائر تنتظر على أحر من الجمر عودة 'محاربيها' المظفرين

في خضم حراك سياسي تشهده البلاد منذ أشهر، استقبال رسمي وشعبي حاشد منتظر للمنتخب الجزائري غداة تتويجه بلقب كأس الأمم ومنحه الشعب فرحة عارمة بعد بطولة قدم فيها المستوى الأفضل.
حافلة خاصة تم تجهيزها للتجول باعضاء المنتخب في شوارع العاصمة الحافلة بالمشجعين
حفل "غداء رسمي" لكل أعضاء البعثة قد يواكبه الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح
بلماضي محط إجماع الصحف بعد قيادته محاربي الصحراء الى لقب ثانٍ في كأس الأمم

الجزائر - تعد الجزائر السبت استقبال الأبطال لمنتخبها الوطني لكرة القدم غداة تتويجه بلقب كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت في مصر، والذي رسم على القميص نجمة ثانية بعد انتظار 29 عاما، وعلى وجه مواطنيه فرحة كبرى في خضم الاحتجاجات السياسية المتواصلة منذ أشهر.

وتغلب محاربو الصحراء على منتخب أسود تيرانغا السنغالي بنتيجة 1-صفر بفضل هدف المهاجم بغداد بونجاح في الدقيقة الثانية من المباراة النهائية التي أقيمت في ستاد القاهرة الدولي، ليحرزوا اللقب للمرة الثانية في تاريخهم، والأولى منذ تتويجهم على أرضهم بلقب نسخة 1990.

وينسب الفضل الكبير في هذا اللقب الى المدرب جمال بلماضي الذي يتولى الإدارة الفنية منذ آب/أغسطس 2018، وله الفضل في مصالحة الجزائريين مع اللقب. ففي خضم الحراك السياسي الذي تشهده البلاد منذ أشهر، منح النجم السابق ولاعبوه شعبهم فرحة اللقب بعد بطولة أجمع فيها النقاد على أن الجزائر قدمت المستوى الأفضل.

ولقي بلماضي إشادة كبيرة من الصحف السبت في الجزائر، مع تحضر البلاد لاستقبال أبطالها العائدين في وقت لاحق اليوم.

وأفاد مصدر حكومي أن "طائرة المنتخب الجزائري ستحط في مطار هواري بومدين عند الساعة الثانية (13:00 ت غ)، وسيخصص له استقبال رسمي وشعبي".

وأوضح أنه من المقرر إقامة حفل "غذاء رسمي" لكل أعضاء البعثة في المركز الدولي للمؤتمرات بنادي الصنوبر غرب العاصمة الجزائرية.

ولم يحدد المصدر ما اذا كان الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح سيشارك في مأدبة الغداء، علما بأنه كان حاضرا في ستاد القاهرة خلال المباراة النهائية، مثله مثل آلاف المشجعين الجزائريين الذين انتقلوا خصيصا الى العاصمة المصرية لمتابعة منتخب بلادهم.

وفي إشارة على تداخل السياسي بالرياضي، لقي وصول بن صالح الى ستاد القاهرة، صافرات استهجان من قسم كبير من المشجعين الجزائريين الذين حضروا بالآلاف الجمعة.

وأفادت الإذاعة الجزائرية أن "حافلة خاصة تم تجهيزها للتجول باعضاء المنتخب في شوارع العاصمة" التي شهدت احتفالات عارمة حتى فجر السبت على وقع أبواق السيارات وزغاريد النسوة والمفرقعات النارية.

ومنح المنتخب مواطنيه فرحة تمتد من العاصمة المصرية الى الجزائر وولاياتها على وقع هتافات "وان تو ثري فيفا لالجيري (1، 2، 3، تحيا الجزائر)"، وصولا الى مختلف مدن فرنسا والانتشار، في فترة من الحراك السياسي النشط والتظاهرات الاحتجاجية ضد نظام الحكم التي تتكرر كل يوم جمعة، وأحيت الجمعة "ذكراها" الثانية والعشرين.

وتوقع لاعب خط الوسط الجزائري سفيان فغولي في تصريحات بعد النهائي الجمعة أن "تكون كل الجزائر في الشوارع (اليوم). سيكون الأمر لا يصدق. لقد اختبرنا ذلك في 2014 (بعد بلوغ الدور ثمن النهائي لمونديال البرازيل). كان الأمر مذهلا، والآن سيكون أكبر".

وتابع "لا يوجد أصعب من الفوز بلقب أمم إفريقيا، بمشاركة 24 منتخبا (للمرة الأولى بدلا من 16)، وخارج البلاد... لكن الاحتفال سيكون أقوى في بلادنا".

بلماضي "دخل التاريخ"

وشكل بلماضي السبت محط إجماع الصحف بعد قيادته محاربي الصحراء الى لقب ثانٍ في كأس الأمم بعد نحو ثلاثة عقود، وطي صفحة أعوام من التخبط في صفوف المنتخب ونتائج متواضعة.

وعوّل بلماضي على تشكيلة موهوبة يقودها رياض محرز، وضمت في صفوفها أسماء مثل فغولي وبغداد بونجاح ويوسف بلايلي، إضافة الى اسماعيل بن ناصر (21 عاما) الذي اختير أفضل لاعب في البطولة، وحارس المرمى الصلب رايس مبولحي الذي اختير الأفضل أيضا في مركزه.

وعنونت صحيفة "الخبر" على صفحتها الأولى "جابوها الرجّالة (الرجال)" و"كتيبة بلماضي تهدي الثانية للجزائر"، مرفقة ذلك بصورة جماعية للمنتخب بعد تسلمه الكأس، وأخرى للاعبين يحتفلون مع بلماضي.

ورأت الصحيفة أن الجزائريين آمنوا "بقدرة بلماضي على قيادة الجزائر الى تتويج طال انتظاره، ما جعلهم ينتقلون بقوة الى مصر في النهائي من أجل مساندة المنتخب وتقاسمه فرحة التتويج"، في إشارة الى آلاف المشجعين الذين سافروا خصيصا الى العاصمة المصرية لمتابعة المباراة النهائية.

وذكرت صحيفة "الشروق" بتصريح لبلماضي لدى توليه مهامه خلفا للنجم السابق رابح ماجر في صيف العام الماضي، عندما قال "قد تقولون عني إني مجنون ولكنني أريد التتويج بكأس إفريقيا". وعقّبت "دخل بلماضي تاريخ المنتخب الوطني من الباب الواسع، حيث تمكن من تحقيق ما عجز عنه كل المدربين الذين تعاقبوا على العارضة الفنية منذ الاستقلال".

"عمل جبار" 

وكان بلماضي قد قال بعد المباراة "أشعر بأنني سعيد جدا، لكل بلادنا، لشعبنا الذي كان ينتظر النجمة الثانية منذ وقت طويل جدا. أول بطولة أمم إفريقيا نفوز بها خارج أرضنا، الأمر مذهل، خاصة بالنظر الى المكان الذي أتينا منه. تسلمت فريقا في وضع صعب فعلا. التربع على عرش إفريقيا في فترة عشرة أشهر أمر رائع. ربما أنا متعب بعض الشيء، ومن الصعب إظهار مشاعر، سأدركها في وقت لاحق بمجرد أن نرتاح بعض الشيء".

وتابع "قلت أننا سنشارك في أمم إفريقيا من أجل الفوز بها. كنت أرغب في البعث برسالة قوية الى اللاعبين، لأقول لهم أنني أنخرط في مشروع قوي. الألقاب هي ما يهمني. في مؤتمري الصحافي الأول سئلت عما اذا كانت هذه البطولة انتقالية. كلا، نحن هنا (أحرزنا اللقب)".

ونال بلماضي إشادة رئيس الاتحاد الجزائري خير الدين زطشي الذي قال "حصلنا على هذه النتيجة بفضل مدرب كبير الذي حقق الأمر الكبير للفريق الوطني، وثانيا اللاعبين الذين قاموا منذ شهر ونصف بعمل جبار".

أضاف "نهدي هذا الفوز وهذا التتويج بثاني كأس إفريقيا لكل الجزائريين".