الجزائر لا تستطيع تجاوز اعتراف اسبانيا بمغربية الصحراء

مطالبة حزب إسباني بإصلاح الأوضاع مع الجزائر تكشف عودة التوتر بين البلدين.

مدريد – كشف الفريق البرلماني لحزب "سومر" الإسباني أن العلاقات بين مدريد والجزائر تواجه العديد من العقبات وتعطيل الملفات في القطاعات التجارية والاقتصادية بسبب غضب الأخيرة من الموقف الإسباني المتمسك بالاعتراف بمغربية الصحراء، ورفضه الاستجابة للضغوط الجزائرية.

وطالب الحزب الإسباني، الحكومة، بإصلاح العلاقات مع الجزائر، من أجل استئناف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، بالرغم من أن رئيسة الحزب يولندا دياز، هي شريكة في حكومة بيدرو سانشيز، في حين ذكرت مصادر مطلعة أنه هذا المطلب لا يمس مطلقا العلاقات مع المغرب التي تعتبر أولوية بالنسبة إلى مدريد.

وتحاول الجزائر ضبط النفس وعدم اللجوء إلى تجميد علاقتها مع إسبانيا مجددا، رغم غضبها الشديد من زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى المغرب، في فبراير/شباط الماضي والتي وصفتها الصحافة الإسبانية بأنها بمثابة "صب الزيت على النار" بالنسبة للتوتر مع الجزائر.

وجدد سانشيز في زيارته للرباط دعمه لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء المغربية، وهو نفس الموقف الذي أغضب الجزائر قبل عامين وسحبت على إثره سفيرها في مدريد، وفرضت عقوبات اقتصادية على إسبانيا بعده.

الجزائر تحاول ضبط النفس وعدم اللجوء إلى تجميد علاقتها مع إسبانيا مجددا، رغم غضبها الشديد من زيارة سانشيز إلى المغرب، ورفض وزير خارجيته مناقشة قضية الصحراء

ونقلت صحيفة "الإندبندنتي" في تقرير إثر الزيارة عن مصادر جزائرية القول أن سانشيز بتصريحاته من جديد في الرباط لم يستجب لمبادرات التقارب التي قامت بها الجزائر. وهو ما يبدو أنه أوقف الانفراجة التي لاحت في الأفق بالنسبة للجزائر.

وكانت الجزائر قد استدعت سفيرها في مدريد في مارس/آذار 2022 احتجاجا على تغير موقف إسبانيا لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وأثار هذا التبدل غضب الجزائر الداعمة لجبهة البوليساريو والتي قررت ردا على ذلك تعليق معاهدة الصداقة المبرمة عام 2002 مع مدريد والحد من المعاملات التجارية مع إسبانيا من خلال تجميد العمليات المصرفية.

لكن وفي الأشهر الأخيرة، بدأت الجزائر الانفتاح من جديد على إسبانيا، بسبب ما اعتقدته تغيرا في الموقف الإسباني بعد خطاب لسانشيز في الأمم المتحدة في اجتماعها السنوي الأخير دعا فيه إلى "حل سياسي مقبول بشكل متبادل في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن" لقضية الصحراء المغربية، رغم أن تصريحاته تلك تتناسب مع الطرح المغربي الذي يؤكد على التزامه بالمقررات الأممية ولم تخرج عنها مطلقا.

وذكرت صحيفة إلباييس الإسبانية، أن عودة السفير الجزائري إلى مدريد أملتها أسباب أخرى منها "البحث عن حلول مشتركة للمشاكل المشتركة، من الهجرة غير الشرعية إلى انتشار التنظيمات الجهادية في منطقة الساحل، وطموح الجزائر إلى تنويع اقتصادها". مضيفة أن استئناف العلاقات إيجابي للشركات الإسبانية وكذلك للجزائرية.

وقبل زيارة سانشيز إلى المغرب، كان وزير خارجيته خوسيه مانويل ألباريس، قد أغضب الجزائريين بعد أن رفض الحديث عن قضية الصحراء والاقتصار على القضايا التجارية في زيارته التي كانت مقررة إلى الجزائر، لكن الأخيرة ألغت زيارته في آخر لحظة بسبب ذلك.

واعتبرت الصحافة الإسبانية، أن تصريحات حزب "سومر" المشارك في الحكومة، دليل على أن العلاقات بين الجزائر وإسبانيا لازالت متعثرة، بالرغم من أن المؤشرات منذ شهور كانت تشير إلى قُرب صلح العلاقات الثنائية، خاصة بعد تعيين الجزائر سفيرا لها في مدريد بعد 19 شهرا من الأزمة.

وكانت تقارير إعلامية إسبانية، قد قالت في الشهرين الأخيرين إن العلاقات بين مدريد والجزائر، عادت مرة أخرى إلى الوضع "الصامت" بعد الفشل في تحقيق مصالحة كاملة على إثر إلغاء زيارة وزير الخارجية الإسبانية، خوسي مانويل ألباريس.

وتحول وزير الخارجية الإسباني وفق ما وصفته صحيفة "الانبنديينتي" الإسبانية، إلى شخص "غير مرغوب فيه" من طرف الجزائر، بالنظر إلى رفضه مناقشة قضية الصحراء في الجزائر، ورفضه للإشارة إلى هذه القضية بأي شكل من الأشكال خلال الإعداد لزيارته للقائه بنظيره الجزائري أحمد عطاف، مما دفع بالجزائر إلى إلغاء الزيارة بشكل كامل.

وحسب الصحافة الإسبانية، فإن المجهودات الدبلوماسية التي بُذلت منذ حوالي سنتين لإنهاء الأزمة مع الجزائر، تعثرت مؤخرا بسبب خلافات حول الاعداد لزيارة وزير الخارجية الإسباني إلى الجزائر، وبالتالي فإن آفاق العلاقات بين البلدين لم تعد معروفة، حيث يسود الصمت حاليا بشأن هذا الموضوع.

في المقابل، تشهد العلاقات المغربية الإسبانية في الفترة الحالية تقدما كبيرا وتعاونا في شتى المجالات خصوصا مع إبرام اتفاقيات تجارية واقتصادية وذلك بعد أن أعلنت إسبانيا، في عام 2022، أن المبادرة المغربية حول الحكم الذاتي في الصحراء الغربية هي "الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" هناك.