الجمود السياسي يخيم على احتفالات لبنان بالذكرى 75 للاستقلال

الجمود السياسي أمر ليس بالغريب على لبنان وعادة ما يستغرق تشكيل الحكومة شهورا لكن الضغوط الاقتصادية تسببت في توتر الأجواء في البلاد، حيث أن تشكيل الحكومة الجديدة من شأنه الإفراج عن أكثر من 11 مليار دولار تعهد بها المانحون الدوليون لإنجاز إصلاحات.

احتجاجات في شوارع بيروت على تأخر تشكيل الحكومة
احتفالات باهتة بالذكرى الـ75 لاستقلال لبنان
عون يقرّ بإحباط المواطنين ويدعو السياسيين لتجنب الخلافات

بيروت - احتفل لبنان اليوم الخميس بالذكرى الخامسة والسبعين للاستقلال وبينما أقام الجيش عرضا اقتصر على المدعوين لم ير كثير من المواطنين ما يستدعي الاحتفال في ظل تفاقم المشكلات الاقتصادية والجمود السياسي في البلاد.

ونظم محتجون غاضبون من تردي مستويات المعيشة مسيرة في شوارع العاصمة بيروت تحت شعار "استقلالنا عن استغلالكم" في حين أغلق الجيش الشوارع للاحتفالات التي أقامها.

ووصل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لطريق مسدود في محاولات تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد أكثر من ستة أشهر من إجراء انتخابات برلمانية.

وتحتاج البلاد بشكل عاجل لتشكيل الحكومة من أجل تنفيذ إصلاحات في الميزانية وإدارة عبء الدين الضخم.

وقالت المواطنة سوزان عواضة وهي من بيروت "وضعنا الاقتصادي بالأرض، دولة ما فيها حكومة، نعمل استقلال، معقول؟ نعمل احتفال؟ نعمل استقلال بدولة ما فيها حكومة؟ مش منطق.. بس نصير دولة نعمل استقلال، نحنا هلا مش دولة".

وشارك نحو مئتي شخص في الاحتجاج. ورغم أن المشاركة ضعيفة إلا أن الشكاوى التي عبروا عنها في لافتاتهم تتضمن قضايا تدور حولها المناقشات بشكل يومي في أنحاء البلاد ومنها الفساد وتدني خدمات المياه والكهرباء والبطالة والتلوث وتردي التعليم والإسكان وتراكم الدين القومي والتناحر السياسي الداخلي.

وقالت حركة "طلعت ريحتكم" التي شاركت في تنظيم الاحتجاج في بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك "بدنا نقول للمافيا الحاكمة البلد أنها هي المسؤولة عن التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي اللي عايشينه".

ويعاني لبنان من ثالث أكبر نسبة للدين العام من الناتج المحلي الإجمالي في العالم إلى جانب ركود اقتصادي، لكن مصرف لبنان المركزي يقول إن سعر صرف الليرة اللبنانية مستقر أمام الدولار. كما يستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري.

احتجاجات تجوب شوارع بيروت مع تعثر تشكيل الحكومة
احتجاجات تجوب شوارع بيروت مع تعثر تشكيل الحكومة

ومن شأن تشكيل حكومة جديدة ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات الإفراج عن أكثر من 11 مليار دولار تعهد بها المانحون الدوليون لإنجاز إصلاحات في البينة التحتية مطلوبة منذ الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما وانتهت في 1990.

والجمود السياسي أمر ليس بالغريب على لبنان وعادة ما يستغرق تشكيل الحكومة شهورا لكن الضغوط الاقتصادية تسببت في توتر الأجواء في البلاد.

وقال أبوعلي (48 عاما) في بيروت "دولة حرامية.. كبوهن بالبحر". والممشى عند ساحل البحر من أحد الأماكن العامة القليلة في العاصمة وعادة ما يكتظ بالناس لكن رائحة مياه الصرف الصحي والقمامة التي تطفو على الأمواج تذكر بإخفاقات الحكومة العديدة.

واعترف الرئيس ميشال عون بإحباط المواطنين في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال من الاحتلال الفرنسي في عام 1943.

وقال عون الأربعاء "الشعب اللبناني سئم الوعود ويكاد ييأس من تناتش المصالح وملَّ عدم اكتراث أصحاب القرار بمخاوفه وبطالته وحقوقه وأحلامه المكسورة".

وأضاف أن بلاده لم تعد تمتلك رفاهية إضاعة المزيد من الوقت في أزمة تشكيل الحكومة وقال "دعوتي لكل المسؤولين والأحزاب والتيارات والمذاهب في هذه المناسبة الوطنية المشتعلة عزة وفخرا في قلوبنا، أن ننبذ خلافاتنا ونضع مصالحنا الشخصية جانبا ونبرز حسَّ المسؤولية تجاه من أوكلنا مصيره وشؤون حياته وكرامة وجوده، وخير عائلته. تجاه الشعب اللبناني".

لم يقدم عون أي حل لنزع فتيل الأزمة. وتتركز العقبة الحالية على تمثيل المسلمين السنة في الحكومة التي من المفترض أن يتم تخصيص حقائبها الثلاثين وفقا للمحاصصة الطائفية.

وتريد جماعة حزب الله حصول أحد النواب السنّة الستة الموالين لها في البرلمان على حقيبة وزارية.

ورفض الحريري التخلي عن أحد الحقائب المخصصة لحزبه الذي يغلب عليه السنة ولم تتخل أي جماعة كبرى أيضا عن أي من حقائبها.

وعادة ما تعتبر الدول الأجنبية لبنان مسرحا لمنافساتها مستغلة شقاقات بين الطوائف الإسلامية والمسيحية التي استدعت أيضا دعما من الخارج لمساعدتها في خلافاتها الداخلية.

ودفعت هذه المعطيات الكثير للتساؤل عن مدى استقلال لبنان في الواقع.

وقالت إلهام مبارك وهي من المشاركين في الاحتجاج "بكل البلاد، كل الناس بتعتز باستقلالها وإنو هي استقلت عن الاستعمار وعن أي ارتباط بالخارج، نحنا بهيدا البلد بعدنا مرتبطين بالخارج شئنا أم أبينا".