الجنائية الدولية تقترب من الحكم على قائد سابق لـ'الجنجويد'

كريم خان يؤكد أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية أن علي كوشيب شارك في ارتكاب الجرائم عن دراية وإدراك وبحماس.

لاهاي - أعلن كريم خان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية اليوم الأربعاء أن القائد السابق لميليشيا "الجنجويد" السودانية علي محمد علي عبدالرحمن المعروف باسمه الحركي ''علي كوشيب" شارك "طوعا وعن دراية" في ارتكاب جرائم حرب، موجها إليه اتهامات بالاغتصاب والقتل والتعذيب.

ودخلت محاكمة كوشيب شوطها الأخير، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور بغرب السودان خلال النزاع الدامي في هذا البلد قبل حوالي عشرين عاما.

وتستمع المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ مقرا في لاهاي، إلى المرافعات الختامية على مدى ثلاثة أيام في قضية القائد السابق لميليشيا الجنجويد التي كانت بمثابة قوات رديفة لحكومة الرئيس المخلوع عمر البشير.

ويشتبه في أن علي كشيب مسؤول عن هجمات عنيفة على قرى في منطقة وادي صالح في وسط دارفور في أغسطس/آب 2003. ويواجه 31 تهمة تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قتل واغتصاب وتعذيب ونهب وسوء المعاملة، خلال حرب دارفور في 2003 و2004، مؤكدا براءته من كل التهم.

وقال المدعي كريم خان أمام القضاة إن "المتهم في هذه القضية مسؤول بارز في ميليشيا الجنجويد وقائد شارك بنشاط في ارتكاب الجرائم عن دراية وإدراك وبحماس".

وأضاف "الحقيقة القاسية هي أن الأهداف في هذه القضية لم تكن عناصر متمردة بل مدنيين تم استهدافهم. لقد عانوا وقتلوا وتعرضوا لآثار جسدية ونفسية بطرق مختلفة".

واندلع النزاع في الإقليم عندما حمل أعضاء من الأقليات الإتنية السلاح ضدّ نظام الخرطوم، فردت السلطات المركزية بإنشاء ميليشيات معظم أفرادها من البدو العرب في المنطقة عرفت بالجنجويد.

وتسبب النزاع بحسب الأمم المتحدة بمقتل نحو 300 ألف شخص وتهجير حوالي 2.5 مليون. وقال خان إن شهودا تحدثوا خلال المحاكمة عن فظاعات ارتكبها الجنجويد.

وأضاف "قدموا روايات مفصلة عن القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين وحرق قرى بأكملها ونهبها"، مشيرا إلى أن عناصر الميليشيات اغتصبوا أطفالا أمام أفراد أسرهم مستخدمين العنف الجنسي "سياسة" متعمدة.

ومنذ أكثر من عشر سنوات، تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسليمها عمر البشير الذي حكم السودان بقبضة من حديد خلال ثلاثة عقود قبل إطاحته في أبريل/نيسان 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات، فضلا عن مسؤولَين آخرَين، بتهمة ارتكاب "إبادة" وجرائم ضدّ الإنسانية خلال النزاع في دارفور.

ولجأ علي كوشيب إلى جمهورية افريقيا الوسطى في فبراير/شباط 2020، عندما أعلنت الحكومة السودانية الجديدة عزمها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وبعد أربعة أشهر سلم نفسه، ومحاكمته هي الأولى بعد إحالة من مجلس الأمن الدولي. ويأمل خان أيضا في إصدار مذكرات توقيف تتعلق بالوضع الحالي في السودان.

ومنذ أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التابعة لنائبه السابق الذي أصبح خصمه محمد حمدان دقلو.

وخلف النزاع آلاف القتلى وأكثر من 11 مليون نازح وأدى إلى تأجيج واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية الحديثة وفقا للأمم المتحدة، فيما اتُهم الجانبان باستهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية عمدا.

والاثنين أسفرت ضربة جوية للجيش السوداني على سوق في بلدة في شمال دارفور عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات، وفق ما أفادت مجموعة "محامو الطوارئ" الثلاثاء.

ونفى الجيش هذه الاتهامات ووصفها بأنها "أكاذيب" تروج لها الأحزاب السياسية الداعمة لقوات الدعم السريع.

وفتحت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي تحقيقا جديدا في جرائم الحرب المرتكبة في المنطقة وتحدث خان عن "تقدم كبير" وقال أمام المحكمة الأربعاء "أعتقد أن هذه المحاكمة تمثل خطوة إلى الأمام في السعي لتحقيق العدالة".