الجيش السوداني يتخوف من سيناريو مشابه للجزيرة في سنار

حملة اعتقالات واسعة تستهدف نشطاء مدنيين وسياسيين تكشف عن تخوف الجيش من سيطرة الدعم السريع على ولاية سنار.

الخرطوم - تشهد ولاية سنار جنوب شرقي السودان حالة من الاستنفار في صفوف الجيش، وسط حملة اعتقالات واسعة تشنها الاستخبارات العسكرية مستهدفة بالأساس نشطاء مدنيين وسياسيين.

ويربط مراقبون المشهد المتوتر في سنار، التي كانت تعرف سابقا بعاصمة مملكة الفونج، بتخوّف قيادة الجيش من أن تتمكن قوات الدعم السريع من ضم الولاية إلى إنجازاتها العسكرية بعد نجاحها في السيطرة على جبل موية في جنوب شرق البلاد، الواقع على الطريق الحيوي بين ولايتي سنار والنيل الأزرق.

واعتقل جهاز الاستخبارات العسكرية الجمعة كل من المحامي محمد الأمين محمد، وأعضاء لجان المقاومة محمد رضوان أبرشي، وأحمد عبدالرحمن، والمهندس حازم علي الجنداري، والأستاذ والمعلم محمد الباقر عبدالحليم، على خلفية موقفهم المعلن والرافض للحرب.

وأدانت لجان مقاومة مايرنو حملة الاعتقالات التي شنتها الاستخبارات العسكرية واعتبرتها مخالفة للقوانين المحلية والدولية.

ونقل "رايو دبنقا" عن عضو بلجان المقاومة - فضل حجب هويته لأسباب تتعلق بسلامته- قوله إن جهاز الاستخبارات العسكرية التابع للجيش السوداني بولاية سنار، شن حملة اعتقالات موجهة ضد الناشطين وأعضاء غرف الطوارئ.

وأوضح أن هذا السلوك مخالف للقوانين الوطنية والدولية، وأضاف أنه لا يوجد سند قانوني يمنح للاستخبارات العسكرية الحق في القبض على المواطنين.

واعتبر أن هذه الاعتقالات في حالة الحروب تعتبر خطف وتقييد لجريمة الاختفاء القسري وتتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية في حق التعبير وحرية الرأي والحق في السلامة من التعذيب والمعاملة القاسية غير القانونية، وتخالف حملة الاعتقالات الالتزامات الدولية بموجب العهد الأول المتعلق بالحقوق السياسية والمدنية.

وأكد إدانة لجان المقاومة لهذه الاعتقالات وحمل القوات المسلحة مسؤولية أمن وسلامة كل هؤلاء المعتقلين المدنيين وطالبها بإطلاق سراحهم.

وجددت لجان مقاومة مايرنو إدانتها ورفضها لكل من تسبب في حرب الخامس عشر من أبريل وموت وإصابة الآلاف من المدنيين وضياع ممتلكاتهم ونزوح ولجوء ملايين من المواطنين جراء هذه الحرب.

وتمكنت قوات الدعم السريع منذ أيام من إحكام سيطرتها على جبل موية بعد معارك عنيفة مع قوات الجيش، وهو إنجاز عسكري ينضاف إلى رصيد الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي".

وأعلن بيان للناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي، سيطرتها على هذه المنطقة واستلام 57 عربة وحرق 12 ومقتل وأسر مئات الجنود، وأوضح أنهم تمكنوا -خلال معركتين- من بسط سيطرتهم التامة عليها.

ويقول مراقبون إن حملة الاعتقالات التي تشنها الاستخبارات العسكرية تعود بالدرجة الأولى إلى عداء الجيش المتأصل للمكون المدني، الذي سبق وأن انقلب عليه في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، وأعاد تكرار الأمر في الخامس عشر من أبريل الماضي بشنه حربا على الدعم السريع على أمل قطع الطريق أمام تسليم المدنيين زمام السلطة.

ويشير المراقبون إلى أن تصاعد وتيرة الاعتقالات بحق المكون المدني يعود أيضا إلى أن الجيش يعتقد أن هناك تخادما بين النشطاء المدنيين وعناصر الدعم السريع، والذي ساهم بشكل ما في سقوط ولاية الجزيرة بأيدي الأخيرة.

وسبق أن وجه قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان إلى القوى المدنية اتهامات بالتواطؤ مع قوات الدعم السريع، متوعدا إياها بدفع الثمن.

 وفي سياق ذي صلة عبر عضو لجان المقاومة عن أسفه لتوقف مطبخ مايرنو الخيري وقدم اعتذار لجان المقاومة للمواطنين ودور الإيواء التي كان يمدها بالوجبات.

 وقال إن المطبخ انقطع بسبب توقف الدعم وعدم قدرة اللجان في تسيير العمل بدون موارد، مناشدا الخيرين داخل وخارج السودان بمد يد العون لتمكينهم من استئناف عملهم، خاصة لما تشهده ولاية سنار من حصار ومعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد أن كانت الولاية الآمنة التي لجأ إليها الفارين من الحرب في الخرطوم والجزيرة.

وتشهد مدينة سنار حالة من الهدوء الحذر في أعقاب المعارك التي شهدتها تخوم المدينة، ومنطقة جبل موية بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأدت المواجهات إلى حدوث موجات من النزوح خارج مدينة سنار.

وأفاد "راديو دبنقا" نقلا عن إحدى المواطنات بأن الاشتباكات ما زالت مستمرة في منطقة جبل موية وفي الاتجاه الغربي من سنار، وأشار إلى قصف سلاح الجو السوداني لمواقع وارتكازات الدعم السريع في قرى جبل موية.

وأكدت شاهدة عيان أن هناك عمليات نزوح مستمرة الى المناطق الآمنة في مدينة سنار، وخارجها. وكشفت أن هناك زيادات في أسعار المواد الغذائية، وضعف في القوة الشرائية.

وقالت إن حركة السوق غير عادية، وكثير من التجار أغلقوا محالهم التجارية خوفاً من تجدد المواجهات، وأضافت أن كثير من التجار نقلوا بضاعتهم من السوق الي منازلهم خوفاً من عمليات النهب إذا حدثت توترات بالمدينة.

ومن جهة أخرى تستقبل مدينة كسلا تدفقات كبيرة من النازحين من ولاية سنار بعد المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع بمنطقة جبل موية.

وقال مواطن من كسلا لراديو دبنقا إن هناك أعداد كبيرة من النازحين وصلت الي كسلا، مبيناً أنه لا توجد مراكز إيواء تستقبل النازحين بكسلا بعد إغلاقها تمهيداً لفتح المدارس.

وأضاف أن الحياة أصبحت صعبة جداً في كسلا مع ارتفاع الاسعار، وعدم وجود منظمات تقدم مساعدات للنازحين.

وأكد أن الأجهزة الأمنية التابعة للجيش تمنع الصحافيين والإعلاميين من دخول مراكز الإيواء حتى لا ينقلوا مشاكل وشكاوي النازحين والظروف والأوضاع التي يعيشون فيها.

ولفت إلى أن المنظمات توقفت تماما فيما عدا مركز الملك سلمان والذي يقدم مواد غير غذائية.