الجيش السوداني يتكتم على محاولة اغتيال البرهان مع عرقلة المفاوضات

الحكومة تعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر بوضع شروط تصب في صالح الجيش الذي يصر على الاستفراد بالحكم متجاهلا التطورات العسكرية على الأرض.
قوات الدعم السريع تؤكد عدم صلتها بهجوم المسيرتين على القاعدة العسكرية

الخرطوم - أعلن الجيش السوداني الأربعاء، مقتل خمسة أشخاص إثر هجوم بطائرتين مسيّرتين على احتفال شارك فيه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، لتخريج طلبة عسكريين بولاية البحر الأحمر شرق البلاد، فيما قالت تقارير محلية أن الهجوم جاء في إطار محاولة اغتيال البرهان، في الوقت الذي يصر فيه الجيش على وضع شروط قبل انطلاق مفاوضات السلام التي دعت إليها الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يزداد تعنت البرهان بعد استهدافه.

وأفادت وسائل إعلام محلية، بأن البرهان "نجا من محاولة اغتيال بطائرة مسيّرة شرقي البلاد خلال تخريجه طلبة حربيين"، بينما قال الجيش في بيان "تصدت مضاداتنا الأرضية اليوم لمسيّرتين معاديتين استهدفتا موقع الاحتفال بتخريج دفعات من الكليات الحربية والجوية والبحرية عقب ختامه في (مدينة) جبيت" وأفاد بمقتل خمسة ووقوع إصابات طفيفة جاري حصرها".

ولم يتطرق الجيش في بيانه المقتضب إلى الأنباء عن نجاة قائده البرهان من محاولة اغتيال.

وذكرت مصادر مقربة من الجيش إن الهجوم الذي نفذته مسيّرتان أدى إلى قطع البث التلفزيوني، وأحدث حالة من الرعب والفوضى بمكان الاحتفال، ليتم بعدها إجلاء البرهان إلى مدينة بورتسودان التي تبعد نحو 120 كيلومترا عن المنطقة.

من جهته، قال مستشار بقوات الدعم السريع في السودان، في تصريحات لوكالة رويترز، إنه "ليس لقوات الدعم السريع أي صلة بهجوم المسيرتين الذي استهدف قاعدة عسكرية شرق السودان أثناء زيارة قائد الجيش لها".

ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع، منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023؛ حربا خلّفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وحوالي 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

وفي الآونة الأخيرة، شنت طائرات مسيّرة هجمات على مقار حكومية في مدن بولايات لم تشهد معارك، منها نهر النيل والشمالية في شمال البلاد، والنيل الأبيض جنوبا، والقضارف شرقا.

وفي الساعات الأولى من صباح الأربعاء نفذت ثمان مسيّرات هجمات متتالية على عدة مواقع عسكرية وأمنية في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، قتل فيها نحو 7 من الضباط وأفراد الأمن وفقا لتقارير غير رسمية.

وتعرضت مدن ومناطق عسكرية في ولاية نهر النيل شمال الخرطوم وسنار بجنوب شرق البلاد لهجمات أيضا يومي الإثنين والثلاثاء. واستهدفت إحدى الهجمات مقرات حكومية مهمة في مدينة الدامر بولاية نهر النيل من دون أن تحدث خسائر في الأرواح.

واستهدفت هجمات أخرى مباني ملحقة بقاعدة كنانة الجوية قرب مدينة سنار، التي تشهد توترا كبيرا بسبب القتال الدائر هناك منذ أكثر من شهر.

وتتزايد دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع ملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد/ لكن الحكومة الموالية للجيش طلبت عقد اجتماع مع الولايات المتحدة من أجل "التمهيد الجيد" لاستئناف مفاوضات السلام مع قوات الدعم السريع، واشترطت تنفيذ "إعلان جدة".

وأوضحت أن أي مفاوضات قبل تنفيذ إعلان جدة، الذي ينص على الانسحاب الشامل ووقف التوسع، لن تكون مقبولة للشعب السوداني الذي يعاني من التشريد والقتل والاغتصاب والتطهير العرقي ونهب الممتلكات.

وأعادت الحكومة المفاوضات إلى نقطة الصفر بوضع شروط تتجاهل فيه التطورات العسكرية وتصب في صالح الجيش الذي يريد الاستفراد بالحكم، مشددة على ضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات والأطراف المشاركة فيها، مؤكدة أن منبر جدة وما تم الاتفاق عليه يجب أن يكون الأساس. في حين أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، قبل أيام موافقته على المشاركة في هذه المفاوضات.

وفي 23 يوليو/ تموز الجاري، دعت الخارجية الأميركية، في بيان طرفي الحرب إلى المشاركة في مفاوضات لوقف إطلاق النار تتوسط فيها واشنطن وتبدأ بسويسرا في 14 أغسطس/ آب المقبل.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن المحادثات، التي ترعاها أيضا السعودية ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقب.

وفي 6 مايو/ أيار 2023، بدأت الولايات المتحدة والسعودية وساطة في مدينة جدة بين الجيش و"الدعم السريع"، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية والامتناع عن الاستحواذ.

وضمن منبر جدة، جرى إعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات تبادل الطرفان اتهامات بشأن المسؤولية عنها، ما دفع واشنطن والرياض إلى تعليق المفاوضات.