الجيش السوداني يستعين بمرتزقة من أوكرانيا

الجيش الأوكراني بدأ في تدريب الجنود السودانيين على بعض التكتيكات نفسها التي ساعدتهم على التصدي للجيش الروسي بما في ذلك الطائرات المسيرة.

الخرطوم – كشفت تقارير غربية ومقاطع فيديو تورط قوات أوكرانية خاصة في حرب السودان والمشاركة في العمليات القتالية إلى جانب الجيش السوداني في حربه ضد قوات الدعم السريع، في إطار استراتيجية تهدف إلى تقويض العمليات العسكرية والاقتصادية الروسية في الخارج.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بأن أوكرانيا تأمل من خلال قتالها إلى جانب الجيش السوداني في حربه ضد قوات الدعم السريع، في جعل الحرب أكثر تكلفة بالنسبة لموسكو. موضحة أنه عندما وجد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، نفسه محاصراً من قبل قوات الدعم السريع في عاصمة البلاد الصيف الماضي، "اتصل بحليف غير متوقع للمساعدة: الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي."

وناشد البرهان زيلينسكي طالبا المساعدة بعد أن قادم السودان بتزويد أوكرانيا سرا بالأسلحة في عام 2022، وبعد أسابيع قليلة من المكالمة، هبطت القوات الخاصة في السودان، وبدأت عمليات مطاردة قوات الدعم السريع من العاصمة السودانية، بحسب عدد من الجنود الأوكرانيين الذين شاركوا في العملية.

وبدأ الجيش الأوكراني في تدريب الجنود السودانيين على بعض التكتيكات نفسها التي ساعدتهم على التصدي للجيش الروسي، بما في ذلك الطائرات المسيرة. كما أن الأوكرانيين ساعدوا في تسليم طائرات مسيرة تركية من طراز "بيرقدار" قادرة شن غارات جوية عالية الدقة في السودان في شهر فبراير الماضي.

ضابط أوكراني: من المستحيل هزيمة روسيا بمجرّد القتال على قطعةٍ صغيرة من الأرض مثل خط المواجهة في أوكرانيا

ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، فإن رئيس مديرية الاستخبارات الرئيسية في وزارة الدفاع الأوكرانية، كيريلو بودانوف، رفض خلال مقابلة مع الصحيفة، التعليق على إرسال أوكرانيا قوات لها إلى السودان، موضحاً أنّ "إرسال القوات الأوكرانية إلى الخارج كان من باب المصلحة". وقال "لدى روسيا وحدات في أجزاء مختلفة من العالم ونُحاول أحياناً ضربهم هناك”.

وأفاد ضابط أوكراني، قاد أحد الألوية الأوكرانية في السودان، "من المستحيل هزيمة روسيا بمجرّد القتال على قطعةٍ صغيرة من الأرض مثل خط المواجهة في أوكرانيا".

كما ذكر تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن معلومات ومقاطع فيديو أفادت أن قوات خاصة أوكرانية تعمل في السودان لدعم جيش البلاد ضد مرتزقة فاغنر الروس المتحالفين مع قوات الدعم السريع. وذلك بعد أن أصدرت صحيفة "كييف بوست" مقطع فيديو قصير قالت إنه جاء من مصادر داخل المخابرات العسكرية الأوكرانية المسؤولة عن العمليات السرية، ويظهر فيه سجين روسي أسير يتم استجوابه إلى جانب رجلين من أصل أفريقي.

ويقول الجندي الروسي إنه من جماعة "بي إم سي فاغنر"، وجاء إلى السودان قادما من جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يتمركز مقاتلون من الجماعة الروسية، "لإسقاط الحكومة المحلية" بقوة قوامها نحو 100 فرد.

وظهر مقطع الفيديو الجديد بعد أشهر من التكهنات بأن القوات الأوكرانية تعمل في السودان كجزء من حملة تشنها أوكرانيا لضرب المصالح الروسية، ما أعاد الجدل حول ما إذا كانت القوات الخاصة في الجيش الأوكراني، تنفذ عمليات ضد مجموعة فاغنر الروسية، وقوات الدعم السريع، في مناطق سودانية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.

وأصبح دور الحكومة الروسية الرسمي في الحالة السودانية ظاهرا، وتجلى في زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إلى روسيا، وفي يونيو/حزيران عام 2023، زار عقار روسيا، وبحث مع عدد من المسؤولين "تطورات الأوضاع في السودان، وأهمية تعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات"، بحسب إعلام مجلس السيادة السوداني. 

ويؤكد متابعون أن السودان تحول فعليا إلى ساحة للصراع الإقليمي والدولي، وبالتالي من المرجح جدا، أن تتصارع فيه الدول الأجنبية، في سياق تنافسها على النفوذ.

وكان تقرير لشبكة "سي.إن.إن" الأميركية، في سبتمبر/أيلول الماضي، رجح احتمال أن تكون أوكرانيا قد استهدفت مواقع لقوات الدعم السريع في السودان، بعد تقارير عن تلقيها دعما من مجموعة "فاغنر" الروسية.

وأظهر مقطع فيديو جرى تداوله وقتها، استهداف عناصر لقوات الدعم السريع في مدينة أم درمان والعاصمة الخرطوم، عبر تصويب دقيق، مصحوب بعمليات تصوير بدقة عالية، ما عزز الاعتقاد بأن القوات الخاصة الأوكرانية نفذت الهجوم، إذْ لم تقتصر عمليات الاستهداف على أهداف ثابتة، بل طالت أهداف متحركة.

وشملت الهجمات 14 ضربة مختلفة، على مواقع لأسلحة ومعدات قوات الدعم السريع،  ولفت التقرير أن "مقاطع فيديو الهجوم كشفت عن تشابه مع الهجمات التي تنفذها الطائرات الأوكرانية بدون طيار".

وبحسب صحيفة "ذا غارديان"، فإن مقاطع فيديو سابقة أظهرت ضربات انتحارية بطائرات بدون طيار على الطراز الأوكراني ضد قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تقارير خلصت إلى أن العمليات نفذتها قوات خاصة من كييف، وقناص شاحب البشرة يعمل في السودان، وُصِف بأنه أوكراني على وسائل التواصل الاجتماعي.

والتقى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في مطار شانون بإيرلندا في سبتمبر/أيلول الماضي. وقال الزعيم الأوكراني في ذلك الوقت "ناقشنا التحديات الأمنية المشتركة بيننا، وتحديدا أنشطة الجماعات المسلحة غير الشرعية التي تمولها روسيا".

وأضاف تقرير الصحيفة، أن أوكرانيا تنتهج أيضا استراتيجية تتمثل في إجراء عمليات للقوات الخاصة داخل روسيا في محاولة لتسجيل انتصارات دعائية ضد عدوها، وإظهار أنه لا يوجد مكان آمن بالضرورة من قواتها، على الرغم من أنها نادرا ما تكون ذات أهمية عسكرية.

في وقت سابق من هذا العام، أصدرت أوكرانيا مقطع فيديو يُقال إنه يُظهر قيام قوات كوماندوز من القوات الخاصة بغارة داخل منطقة بيلغورود بجنوب روسيا، مما أجبر المسؤولين المحليين على نقل العائلات حفاظا على سلامتهم.

وذكرت "ذا غارديان" أن جزءا آخر من مقطع الفيديو الأخير يُظهر عناصر من القوات الخاصة الأوكرانية خلال تفتيش مركبة عسكرية ليلا، ويزيلون بطاقة فاغنر من جندي يبدو ميتا في مقعده. لكن الصور مظلمة للغاية وغير واضحة بحيث لا يمكن تحديدها.