الجيش الليبي يفرض حظرا بحريا لمنع تركيا تسليح الميليشيات

الجيش الوطني الليبي يدعو تركيا للكف عن دعم التنظيمات الإرهابية في ليبيا، ووقف محاولاتها لتأجيج الاقتتال الداخلي عبر إرسال الأسلحة للميليشيات لقتل الليبيين.

طرابلس - فرض الجيش الوطني الليبي حظرا بحريا على الموانئ الواقعة غربي ليبيا، منذ مساء أمس الأحد، داعا تركيا للكف عن تأجيج الصراع في البلاد وقتل الليبيين عبر الأسلحة والإمدادات العسكرية التي ترسلها إلى الميليشيات في العاصمة طرابلس.

وقالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي، في بيان لها، إنه "تطبيقا لقرار القائد العام لقوات الجيش المشير خليفة حفتر بقطع الإمدادات عن المليشيات في المنطقة الغربية، قرر رئيس أركان القوات البحرية في الجيش الليبي اللواء فرج المهدوي إعلان حالة النفير لكامل القوات البحرية وإعلان الحظر البحري التام على كامل الموانيء البحرية في المنطقة الغربية".

وحذرت القوات البحرية التابعة للجيش الليبي في بيانها تركيا التي أرسلت أسلحة وعتاد للميليشيات في طرابلس، مؤكدة أنها "ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه الاقتراب من الموانيء بالمنطقة الغربية وخاصة دولة الإخوان تركيا".

وتدعم كل من تركيا وقطر قوات حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج التي أعلنت الميليشيات الموالية لها، أول أمس السبت، وصول شحنات جديدة من الأسلحة إلى ميناءي العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة، على متن سفينتي شحن قادمتين من ميناء "سامسون" بشمال تركيا.

ونشر "لواء الصمود" الليبي، التابع إلى حكومة الوفاق، الذي يقوده القيادي العسكري المعاقب دوليا، صلاح بادي، صورا عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، تظهر لحظة إنزال السفينة لشحنتها من المدرعات البالغ عددها تقريبا، بحسب المقاطع، من 30 إلى 40 قطعة، فيما توعد بالقتال بها وإحداث فرق على الأرض.

ويعتبر هذا التصريح أول إعلان واضح عن الدعم العسكري الذي تؤمنه تركيا للميليشيات في طرابلس ومصراتة في المعركة المتواصلة لمنع قيام الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر من استعادة العاصمة الليبية من الإرهابيين.

وكانت الحكومة التركية قد فندت في وقت سابق إرسالها أي أسلحة للميليشيات المنضوية تحت حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج كما نفت الأخيرة أيضا ذلك.

وتضمّنت هذه الشحنة من العتاد الحربي مدرعات من نوع "بي.أم.سي كيربي" التركية الصنع، وكمية من الصواريخ المضادة للدبابات، بالإضافة إلى بنادق قنص ورشاشات هجومية، وكميات من الذخائر والمتفجرات وقطع الغيار.

والمعروف أن ليبيا تخضع لقرار مجلس الأمن الدولي المُتعلق بحظر الأسلحة المفروض عليها بموجب الفصل السابع الصادر

منذ الانتفاضة عام 2011 التي أطاحت بنظام معمر القذافي.

وقال أرنو دولالند مستشار شؤون الدفاع والإختصاصي في ملف ليبيا "يبدو أن تركيا تتحمل كليا مسؤولية" هذا الدعم.

ومنذ مطلع نيسان/أبريل أوقعت المعارك أكثر من 450 قتيلا وألفي جريح وادت إلى تهجير نحو 70 ألف شخص بحسب وكالات الأمم المتحدة.

ومدرعات "كيربي" التي تسلمتها ميليشيات مصراتة، هي من صنع شركة "بي.أم.سي أوتوموتيف" التركية لإنتاج العربات المدرعة، ويملك صندوق الاستثمار القطري 50 في المئة من أسهم هذه الشركة التي يقع مقرها في مدينة سامسون التركية.

لكن آمر إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية، العميد خالد المحجوب، قال إن القوات البحرية تتابع بدقة أية خروقات قد تحدث بشأن تسليح الميليشيات في طرابلس. وجاء ذلك بعد تأكيد "توثيق عمليات وصول الأسلحة التركية بالفيديو والصور".

وقال محجوب في تصريح صحفي إن "العالم أصبح اليوم شاهدا على التدخل التركي بشكل رسمي في ليبيا، ما يعني أنها أصبحت طرفا رسميا في الأحداث"، وطالب لجنة العقوبات المعنية بليبيا "متابعة النشاط التركي وخرق القوانين الدولية التي تقوم بها".

 وتحاول تركيا إفشال عملية الجيش الهادفة إلى تحرير طرابلس من الميليشيات والقضاء على الإرهاب لتوحيد البلاد، وذلك عبر تكثيف إرسال الأسلحة لحلفائها والموالين لها من المتشددين والإرهابيين.

ومع تقدم الجيش الليبي وبسط سيطرته على مدن ومناطق عدة حول العاصمة التي تعد آخر معقل لتنظيم الإخوان في ليبيا، بدأت الميليشيات تفقد تدريجيا قدرتها في السيطرة على القرار السياسي والمالي في طرابلس وهو ما تخشاه أنقرة الباحثة عن تعزيز وجودها الإقليمي في المنطقة.

أنقرة استشعرت هزيمة الميليشيات التي تدعمها في طرابلس
أنقرة استشعرت هزيمة الميليشيات التي تدعمها في طرابلس

ولا تعد هذه الشحنة من الأسلحة الأولى من نوعها حيث سبقتها حالات كثيرة مماثلة، ففي شهر سبتمبر عام 2015، ضبطت السلطات اليونانية سفينة تركية محملة بالأسلحة كانت تتجه إلى ليبيا.

وفي شهر يناير من العام الماضي، قام خفر السواحل اليونانية أيضا بضبط سفينة تركية محملة بالمتفجرات كانت متجهة إلى الميليشيات في طرابلس. كما وصلت سفينة تركية أخرى محملة بالسلاح إل ميناء الخمس بليبيا في ديسمبر الماضي. 

وكان اللواء أحمد المسماري كشف الأسبوع الماضي، عن مساعي تركية لنقل الإرهابيين والمتشددين من سوريا إلى ليبيا ضمن عملية تستهدف دعم الميليشيات المتطرفة في طرابلس، وجاءت عملية الكشف عن شحنات الأسلحة التركية في ميناء مصراتة لتفضح المزاعم التركية وتؤكد تورطها في التخريب والعبث بليبيا.

وأشار المسماري إلى أن خطر الإمداد التركي سيمتد نحو بوكوحرام وتنظيمات الإرهاب في أفريقيا.

كما نبه الأوروبيين من الدورين التركي والقطري في علاقتهما "بالإرهاب وبدعم الإخوان المسلمين" مؤكدا أن الجيش الليبي يخوض منذ 2014 حربا قوية نيابة عن كامل المنطقة والعالم.

وقال إن القوات المسلحة تواصل خوض معاركها بثبات في ضواحي العاصمة وشرقها.

وأضاف أن القوات الجوية مازالت تستهدف أوكار "الإرهاب" في طرابلس وتحقق نتائج باهرة تؤكّد قرب حسم المعركة، مشيرا إلى أن صرخات الإرهابيين الإعلامية هي دليل على تضييق الخناق عليهم.

وذكر المسماري أن طائرات قوات الوفاق تقصف عشوائيا منازل المدنيين في ضواحي العاصمة، مثل القصف الذي استهدف منازل في عين زارة وترهونة ومناطق جنوب العاصمة.

وتعليقا على الزيارات الأوروبية الأخيرة للسراج قال إنها استجداءات فشلت في الحشد ضد الجيش لكنها نجحت في إبرام صفقات مع تجار السلاح في أوروبا، مشيرا إلى أن بعض الأسلحة التي تمكن السراج من إبرام صفقات فيها صواريخ سام 7 التي تعتبر خطر على المنطقة والإقليم.