الحرائق تفتك بالقمح والشعير في العراق

الحرائق تنتشر في محافظات ديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين، والحكومة تعتبر أن عُشرها فقط ناتج عن عمليات تخريب.
الحكومة تعتبر أن مساحة الحرائق ضئيلة
المتشددون يتوعدون بصيف 'يحرق الجيوب والقلوب'

بغداد - منذ بدأ موسم حصاد القمح في أبريل/نيسان، انتشرت الحرائق في محافظات ديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين العراقية، في حين لا تملك الحكومة التي تعاني من آثار سنوات الحرب والفساد موارد تُذكر للتصدي لحملة الكر والفر الجديدة التي يشنها المتشددون.
وتهون الحكومة في بغداد من شأن الأزمة، وتقول إن الحرائق التي تم إشعالها عمدا قليلة جدا، وإن المساحة التي شبت فيها الحرائق من الأراضي الزراعية ضئيلة للغاية.
لكن حازم جبو المزارع في بلدة قراقوش المسيحية إلى الجنوب الشرقي من الموصل يقول أن الحريق الذي أتى على معظم محصوله لم يشعله تنظيم الدولة الإسلامية. وهو يقول إن السبب هو إهمال السلطات.
فر جبو (63 عاما) في العام 2014 عندما أحرق التنظيم أشجار الزيتون المئة التي كان يملكها واستخدم حظيرة الدجاج ساحة للرماية وحفر أنفاقا تحت بيته. وعاد ليلتقط ما تبقى في 2017.
ولم يستطع زراعة شيء على مدار عامين بسبب الجفاف ثم نزل المطر وازدهر المحصول.
غير أن عامود كهرباء انتشرت فيه ثقوب الرصاص وسط أحد الحقول سقط في 31 مايو/أيار وتسبب السلك العاري في اشتعال حريق. ووصلت عربة الإطفاء الوحيدة في المنطقة بسرعة، غير أن مضخة المياه بها لم تعمل وخسر جبو 122 دونما تمثل أغلب محاصيله.
ومني 40 مزارعا آخرين بخسائر في ذلك اليوم بسبب انتشار الحريق.
وقال جبو إنه ظل يتوسل للسلطات المحلية لإصلاح عامود الكهرباء المعطوب لأكثر من عام. ولم تصلحه السلطات إلا بعد ساعة من إخماد الحريق.
وأضاف والدموع في عينيه وسط البقايا المتفحمة من مزرعته أن إهمال السلطات تسبب في احتراق مئات الدونمات وفي تلك الخسائر.
كان العراق قد أعلن النصر على التنظيم في ديسمبر/كانون الأول 2017، غير أن المتشددين أعادوا تنظيم صفوفهم في سلسلة جبال حمرين التي تمتد إلى المحافظات الشمالية، وهي منطقة يطلق عليها المسؤولون اسم "مثلث الموت".
وفي الأسابيع الأخيرة، نشر التنظيم تعليمات مفصلة على الإنترنت عن كيفية شن عمليات كر وفر وإضعاف العدو بعمليات الاستنزاف دون تكبد أي خسائر.
وقال التنظيم في جريدة النبأ التي ينشرها الشهر الماضي إن الصيف سيكون ساخنا سخونة تحرق جيوب من وصفهم بالروافض والمرتدين وتحرق قلوبهم، وذلك في إشارة إلى المسلمين الشيعة وكذلك المسلمين السُنة الذين لا يتفقون مع التنظيم في تفسيره للإسلام.
وخلال زيارة استغرقت 48 ساعة لمحافظة نينوى، شهدت رويترز نشوب خمسة حرائق كبرى ودخانا أسود كثيفا يغطي السماء.
وفي مدينة العلم بمحافظة صلاح الدين، أمضى جاسم خلف رئيس مجلس المدينة جانبا كبيرا من موسم الحصاد هذا العام في مواساة المزارعين المنكوبين الذين بلغت خسائرهم المجمعة 250 هكتارا بسبب الحرائق.
وفي 15 مايو/أيار، شب حريق في أرضه التي تبلغ مساحتها 50 دونما بالكامل والتهم ما يقدر بنحو 60 طنا من القمح كانت ستدر عليه 40 مليون دينار عراقي (34 ألف دولار).
وقال وهو يقف في حقله المحترق ممسكا بكمية من القمح الذهبي لم يبق غيرها إن النيران أتت على المحصول في لحظات.
وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إن حوالي عُشر الحرائق فقط ناتج عن عمليات تخريب وإن بقية الحرائق ترجع إما إلى خلل كهربائي أو أعقاب السجائر أو أعطال الآلات الزراعية.
وأضاف أن الحرائق دمرت 40 ألف دونم (عشرة آلاف هكتار) فقط مزروعة بالقمح والشعير على مستوى البلاد تمثل جزءا يسيرا من مساحة الأرض الزراعية التي تقدر بنحو 13 مليون دونم.

غير أن الأرقام التي ذكرها مسؤولون اتحاديون لا تتفق مع البيانات التي قدمها المسؤولون والمزارعون في عشر مناطق زارتها رويترز بمحافظات ديالى ونينوى وصلاح الدين. فبناء على أرقامهم، قضت الحرائق على ما لا يقل عن 145 ألف دونم في تلك المناطق وحدها حتى 16 يونيو/حزيران.
وقال رئيس الوزراء إن عدد الحرائق على مستوى البلاد بلغ 262 حريقا هذا العام. غير أن رئيس الدفاع المدني في محافظة صلاح الدين قال إن عدد الحرائق في محافظته بلغ 267 حريقا في شهر مايو/أيار وحده.
وقال مسؤولون في ديالى أيضا إن الأرقام الاتحادية منخفضة للغاية.
وفي محافظة نينوى التي تمثل ما يقرب من نصف مساحة الأرض الزراعية في العراق، إذ تخصص مساحة ستة ملايين دونم فيها لزراعة القمح، سجل المسؤولون 180 حريقا في الفترة من 18 مايو أيار إلى 11 يونيو حزيران.
وبحلول العاشر من يونيو/حزيران كانت النيران قد التهمت 65 ألف دونم من القمح والشعير في المحافظة، أي ما يتجاوز المساحة التي قدرتها بغداد للعراق كله.