الحراك اللبناني يمر من غلق الطرقات إلى تعطيل المؤسسات
بيروت - اعتصم مئات الطلاب الأربعاء في مناطق مختلفة من لبنان أمام مدارسهم وجامعاتهم وأمام مقر وزارة التربية في بيروت، تحدياً لقرار استئناف الدروس في اليوم الـ21 للحراك الشعبي المناهض للطبقة السياسية الحاكمة.
واحتشد طلبة مدارس وجامعات، أمام مقرات دراستهم، في منطقة جونية (شمالي بيروت) ومدينتي صيدا والنبطية (جنوب العاصمة)، وبعبدا (جبل لبنان)، للمطالبة بأن تدفع أقساط الرسوم بالليرة اللبنانية، بدلا عن الدولار.
ويستهدف الطلاب المشاركون، تعطيل العملية الدراسية حتى تحقيق مطلبهم، رغم تهديدهم من قبل مسؤولين بالمنع من متابعة العام الدراسي.
وتأتي هذه التحركات في إطار خطة دعا إليها نشطاء لبنانيون لتعطيل المرافق والمؤسسات الرسمية في البلاد.
وتظاهر مئات الأشخاص أيضاً أمام مرافق ومؤسسات عامة في عدة مناطق لبنانية، وفي بيروت احتشد متظاهرون أمام وزارة المالية، وقصر العدل، حيث طالب محامون باستقلالية القضاء، وكذلك أمام المصرف المركزي احتجاجاً على سياساته النقدية.
وامتلأت مساء الثلاثاء ساحات التظاهر من بيروت إلى طرابلس شمالاً وصيدا جنوباً، حاملين الأعلام اللبنانية ومرددين شعاراتهم المعروفة على غرار "ثورة.. ثورة"، غداة يوم شهد قطع طرقات رئيسية ومصارف ومؤسسات رسمية.
وخفضت وكالة "موديز" الثلاثاء التصنيف الائتماني للبنان مرة جديدة ليصبح "سي إيه ايه - 2".
ويشهد لبنان تدهوراً اقتصادياً، تجلى في نسبة نمو شبه معدومة العام الماضي، وتراكم الديون إلى 86 مليار دولار، أي ما يعادل 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر بدأ اللبنانيون تحركاً شعبياً غير مسبوق شل الحركة في البلاد مع إغلاق مدارس ومؤسسات ومصارف وجامعات في أول أسبوعين من الحراك المندد بالطبقة السياسية كاملةً والذي اندلع على خلفية مطالب معيشية.
ويعمد المتظاهرون إلى ابتكار أساليب مختلفة للاحتجاج، بعد أن قطعوا طرقا حيويّة لأكثر من 20 يومًا خلال التظاهرات الشعبيّة.
وتحت ضغط الشارع، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 تشرين الأول/أكتوبر، لكن التأخر في بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة يثير غضب المحتجين.
وفي مدينة جونية شمال بيروت، تجمع التلاميذ في باحة المدرسة الرسمية الرئيسية في المنطقة وانضم إليهم متظاهرون آخرون، للتنديد بمنع إدارة المدرسة لهم بمغادرتها والانضمام للتحركات الاحتجاجية، وفق ما أفاد الإعلام المحلي.
ومنذ الثلاثاء، أعادت بعض المدارس فتح أبوابها بعدما ترك وزير التربية قرار استئناف التدريس لكل مؤسسة.
وأقفل طلاب في صور (جنوب) مداخل ثانويتهم الرسمية وتظاهروا مرددين شعارات تدعو لإسقاط النظام.
وفي بيروت، افترش عشرات الطلاب من مدارس وجامعات الأرض أمام مقر وزارة التربية، معربين خصوصاً عن مطالب سياسية ومعيشية على غرار كافة المتظاهرين في البلاد.
وقال طالب من بين المعتصمين لأحد القنوات المحلية "نحن أساس هذه الثورة".
وفي مدينتي النبطية وصيدا في جنوب لبنان، اعتصم طلاب الجامعة اللبنانية الرسمية تعبيراً عن رفض قرار إدارتهم استئناف الدروس.
وقال أحد الطلاب بواسطة مكبر صوت فيما حمله زملاؤه على أكتافهم "نريد نظاماً لا طائفياً"، فيما رفعت أمامهم لافتة كتب عليها "ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر".
وتكرر المشهد نفسه في جامعات ومدارس أخرى في العاصمة وفي شمال البلاد حيث تحرك الطلاب للتعبير عن غضبهم من الطبقة السياسية.
كذلك، نظم المئات تظاهرات أمام مؤسسات رسمية، مثل مؤسسة كهرباء لبنان، التي تعتبر رمزاً لتردي الخدمات العامة في بلد يقع في المرتبة 138 من أصل 180 على مؤشر الفساد بحسب منظمة الشفافية الدولية.
ويأخذ المتظاهرون على السلطات تأخرها في بدء استشارات نيابية ملزمة لتشكيل حكومة جديدة بعد نحو أسبوع من استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري أمام غضب الشارع.
ويُعد هذا الحراك الشعبي غير مسبوق في لبنان كونه عمّ كافة المناطق اللبنانية من دون أن يستثني منطقة أو طائفة أو زعيماً. ويطالب المتظاهرون بأن يتم تشكيل حكومة اختصاصيين من خارج الطبقة السياسية الراهنة، ثم إجراء انتخابات نيابية مبكرة وإقرار قوانين لاستعادة الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد.