الحرب والمرأة لا يلتقيان أبداً في 'حجر الصبر' لعتيق رحيمي

رائعة الكاتب والروائي ومخرج الافلام الأفغاني تغوص بالقارئ في اعماق وخبايا المجتمع الافغاني المتشدد.
رامی فارس الهركي
القاهرة

دائما ما تخلف الحروب ورائها مأسي لا تنتهي بتقادم الايام والسنين، فالحروب مغامرة دموية تبدأ برهانات قليلة لتنتهي بخسارات كثيرة

"حجر الصبر" رائعة الكاتب والروائي ومخرج الافلام الأفغاني عتيق رحيمي الذي ولد في أفغانستان وعاش كما الأفغان أولى حروبها العبثية وسط دوي الانفجارات وبكاء الأطفال وصرخات الثكالى وآهات الأرامل.

رواية حجر الصبر تغوص بالقارئ في اعماق وخبايا المجتمع الافغاني المتشدد، وبما ان المرأة هي الحلقة الاضعف في هكذا مجتمعات فهي المضطهدة على الدوام سواء في المجتمع الافغاني او بقية المجتمعات التي كانت ولا تزال ترزح تحت نيران الحرب، فالمرأة والحرب لا يلتقيان ابدا...

يسرد رحيمي قصة امرأة وزوجها الذي كان في صفوف المحاربين ضد الغزو السوفياتي للبلاد والذي أصيب نتيجة مشاجرة عبثية إصابة تركته معلقا ما بين الحياة والموت، تعيش الزوج على خدمة زوجها المشلول وسط سكون مطبق لا يمزقه إلا صوت الملا عند رفع الأذان أو صوت بناتها الاثنتين، هذا السكون المطبق الذي تعيشه المرأة يدفعها في لحظة ما إلى إفراغ ما في جعبتها من حديث طال انتظاره، حديثا ربما لا تجرؤ على مجرد التفكير فيه، حديث يحمل بين طياته معاناة وحرمان امرأة لا زالت شابة تجد نفسها معلقة بمصير زوج لا هو ميت ولا هو حي.

خلو العمل من الأسماء واقتصار المكان على غرفة فقيرة يرقد فيها الزوج من دون حركة ولا صوت ما عدا صوت الزوج يدفع بالقارئ إلى الشعور وكأنه أمام خشبة مسرح وليس رواية ورغم ذلك فهذا العمل كتب بلغة جميلة سلسلة هادئة استطاع رحيمي أن يصور ما جرى ويجري داخل المجتمع الأفغاني من خلال غرفة وشخصية واحدة فعالة بالإضافة إلى شخصيات فرعية سريعة خاطفة تأتي لتذهب مسرعة فمن الواضح أن صاحب "ملعون دستوفيسكي" يملك ثراء سرديا لا محدودا مكنه من كتابة رواية قليلة الصفحات غنية المضمون ورغم النهاية غير متوقعة حيث ينفجر الزوج قائما من فراشه بعد أن يتشرّب حكايا زوجته، ينفجر وينهض لينتقم منها، فتطعنه الزوجة ويخنقها ويموتان سويّةً، هي نهاية غير متوقعة لهذا العمل بل وغير واردة في اذهان ممن قرأوا الرواية، اما كيف ومتى ولماذا تلك النهاية المأساوية فهذا السؤال يجيب عنه عتيق رحيمي نفسه .  

هذا العمل يعد واحد من الاعمال الادبية التي لا قت  تقدير واستحسان القراء والنقاد على السواء حول العالم وترجم الى العديد من اللغات الحية وتم تحويل الرواية عام 2012 الى فلم سينمائي رشح لست جوائز عالمية من مهرجانات اسطنبول السينمائي الدولي وهونغ كونغ السينمائي الدولي.

صدر للكاتب والروائي عتيق رحيمي الروايات التالية:"ملعون دستوفيسكي"، "حجر الصبر"، "حب في المنفى".

ولد رحيمي في افغانستان عام 1962 وتابع دروسه الثانوية في كابول ثم طلب اللجوء الى فرنسا عام 1984.