الحرس الثوري وفيلق القدس والباسيج.. مخالب إيران الإسلامية

عندما أصبح علي خامنئي المرشد الأعلى بدأ بتعزيز الدور السياسي للحرس الثوري للحصول على الشرعية التي افتقر إليها ومن أجل تعزيز دوره كوريث لآية الله الخميني كما وسع خامنئي الدور السياسي للحرس الثوري الإيراني لمنع الإصلاحيين من تحقيق أجندات أكثر ليبرالية.

بقلم: عمرو الديب

تم الإعلان عن تأسيس فيلق الحرس الثوري الإسلامي في 6 مايو (أيار) 1979. وكانت أهدافه «حماية الثورة الإسلامية في إيران وتعزيز انتشارها في العالم على أساس أيديولوجية إسلامية صارمة». وشملت مهام الحرس الثوري الإيراني الحفاظ على النظام، ومكافحة الثورة المضادة، والتفاعل مع الجيش ومساعدة هيئات السلطة الإسلامية.

قوات الحرس الثوري الإيراني تم تشكيلها في (29) مدينة، وتم استخدامها بشكل فعال لهزيمة المنظمات اليسارية وقمع حركة الأكراد للاستقلال الوطني (أغسطس (آب) 1979). وهنا نجد ثناء آية الله الخميني على أنشطة الحرس الثوري الإسلامي. في اجتماعه مع قادة الحرس الثوري في 20 أغسطس (آب) 1979: «أنا سعيد بالفيلق وبأي حال من الأحوال لن أغير رأيي عنه. إذا لم يكن هناك فيلق، فلن يكون هناك بلد. أنا حقا أحب الفيلق ونعتز به.

نما عدد أعضاء الحرس الثوري الإيراني بسرعة: فنجد أنه في مايو (أيار) 1979، لم تصل مفرزة الحرس الثوري في طهران لأكثر من (6000) مقاتل، أما في أبريل (نيسان) 1980 فكان العدد هناك (40000)، وفي بداية الحرب مع العراق سبتمبر ( أيلول) 1980 وصل العدد لحوالي (60) ألف مقاتل.

القوات البرية الخاصة بالحرس الثوري الإيراني واحدة من أهم عناصر القوات المسلحة في جمهورية إيران الإسلامية. وهي استحدثت لأداء المهام الاستراتيجية والتشغيلية في مسارح العمليات العسكرية من خلال القيام بعمليات دفاعية وهجومية، سواء بنفسها أو في عمليات مشتركة ( مع أفرع أخرى من القوات المسلحة). في الوقت الحالي، فهي تشكل القوام الأساسي للقوات البرية في القوات المسلحة الإيرانية.

القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني التي أنشئت على أساس من قوات سلاح الجو، هي جناح عسكري مستقل للقوات المسلحة الإيرانية. وهي تستند إلى الطائرات والصواريخ من القوات.

القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني قد تم استحداثها للقيام بمهام تكتيكية لصد أي عدوان بحري ومساعدة القوات البرية للقيام بعمليات دفاعية أو هجومية في اتجاه البحر، المهام الرئيسة

تم دمج قوات «الباسيج» في الهيكل الإقليمي للحرس الثوري الإيراني، فأصبح كل منهما مقسما إلى (31) وحدة، بمعدل وحدة واحدة لكل محافظة إيرانية، ووحدتين لمنطقة طهران، وذلك عام 2008 . وفي أكتوبر تشرين الأول) 2009 دُمجت قوات «الباسيج» رسميا في القوات البرية التابعة للحرس الثوري، وعملية الدمج هذه ترجع إلى اللواء محمد علي الجعفري، الذي تولى قيادة قوات الحرس الثوري في سبتمبر (أيلول) 2007، وإلى الدور الذي لعبته قوات «الباسيج» في الحركة الخضراء 2009 .

يمثل فيلق القدس القوة الخامسة لقوام قوات الحرس الثوري الإيراني مع القوات البرية، القوات الجوية، والقوات البحرية وقوات التعبئة «الباسيج». قائد فيلق القدس الجنرال «قاسم سليماني» ينسق مع وكالة الاستخبارات المركزية التابعة للأركان المشتركة جميع أنشطة الفيلق. تم استحداث قوات «فيلق القدس» للقيام بعمليات خاصة في إيران أو خارجها. المهمة الرئيسة لفيلق القدس في زمن السلم هي تعزيز تصدير الثورة الإسلامية إلى دول أخرى، بالإضافة إلى إجراء عمليات الاستطلاع لمصلحة النظام. يتضمن تنفيذ هذه المهمة ما يلي:

دعم وتمويل وتقديم المساعدة الشاملة لمختلف المنظمات الإسلامية في العالم، في مقدمتها المنظمات ذات التوجه المؤيد لإيران. القيام بعمليات خاصة للقضاء على قادة المعارضة والأشخاص غير المرغوب فيهم، كذلك القيام بعمليات إرهابية.

تدير إدارة فيلق القدس، من خلال مقرها الرئيس، أنشطة ثمانية مكاتب إقليمية، مكتب العمليات الخاصة، مديرية المعلومات والتحليلات، إدارة اللوجستيات، إدارات الأمن والخدمات. وفيما يلي المكاتب الإقليمية لفيلق القدس: مكتب تركيا والقوقاز، مكتب العراق، مكتب لبنان والأراضي المحتلة، مكتب للجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي السابق وأفغانستان وباكستان والهند، مكتب شمال أفريقيا، مكتب لأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، مكتب وسط وجنوب أفريقيا ومكتب لدول الخليج.

ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ، ﻳﺸﻤﻞ فيلق القدس الخاص بالحرس الثوري الإيراني ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ حوالي (25) ألف مقاتل. هؤلاء هم أفضل الجنود تدريباً واستعداداً للقتال، فقد تم اختيارهم خصيصا من أفضل جنود قوات الحرس الثوري، عادة ما يكون لهم خبرة في القتال في العراق، سوريا، لبنان أو أفغانستان. وبشكل عام، نظراً لتعصبهم الكبير للقيادة الروحية في إيران والجاهزية القوية بالتضحية بالنفس والتدريب الجيد، سواء في وقت السلم أو وقت الحرب، يمثل فيلق «القدس» القوة الضاربة الرئيسة للنظام الإيراني خارج الحدود في إدارة الاستخبارات البشرية والعمليات الخاصة.

منذ أن نجحت الثورة الإيرانية وحتى الوقت الراهن، لعبت قوات الحرس الثوري الدور الأهم في الدفاع عنها. وهذا الدور تم تأكيده في لقاء المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي مع قيادات حرس الثورة الإسلامية في سبتمبر (أيلول) 2007، عندما قال: «إن حرس الثورة من نعم الله التي أنعم بها على البلاد والشعب الإيراني» وأضاف: «إن هذه النعمة التي كانت لها بركات كثيرة خلال المراحل المختلفة من الأعوام الـ(28) الماضية، لا سيما في فترة الدفاع المقدس، تمكنت من إسداء خدمات كثيرة وجليلة للبلاد من خلال المحافظة على جوهرها المتمثل بالعنصر العسكري في سبيل الله، والجهوزية للتضحية في سبيل الهدف.

وعندما بدأت الحرب الإيرانية- العراقية، عارض بني صدر بقوة انخراط الحرس الثوري الإيراني في جبهة الحرب، ومنع تقديم المزيد من الأسلحة لقواته. وعلى النقيض من بني صدر، دعم رجال الدين المتطرفون الحرس الثوري، ووصل بهم الأمر إلى اتهام أبي الحسن بني صدر بالتخطيط لاستخدام الجيش للاستيلاء على السلطة. عمل الحرس الثوري على إضعاف الرئيس وتقويض سلطته، مما آل في النهاية إلى عزله بعد (17) شهراً فقط من توليه السلطة، بعد أن أعلن البرلمان الإيراني أن بني صدر «غير مؤهل سياسياً» في 21 يونيو (حزيران) 1981، أوضح رئيس البرلمان في ذلك الوقت علي أكبر «هاشمي رفسنجاني» وهو من قادة الحرس الثوري الإيراني، أن بني صدر عمل باستمرار ضد النظام. كما تم أيضا التخلص من دور حركة «مجاهدي خلق» مما فسح المجال أمام الخميني وحرس الثورة لتطبيق أيديولوجية الثورة في كافة المؤسسات ومجالات الحياة الإيرانية دون عوائق من داخل أجهزة الدولة، أو ربما من الداخل الإيراني ككل.

عندما تولى مجموعة الراديكاليين في إيران الحكم منذ فترة رئاسة علي خامنئي في الفترة ما بين 1981 حتى 1989 وفترة رئاسة علي أكبر هاشمي رفسنجاني في الفترة ما بين 1989 حتى 1997، قاموا بإضفاء الطابع البيروقراطي على عملية صنع القرار السياسي، وإضفاء الطابع المهني على الحرس الثوري وعدم تسييسهم، إلى جانب بقية الأجهزة البيروقراطية في الجمهورية الإسلامية. فكلاهما كان يخشى من ازدياد دور الحرس الثوري السياسي. ويرجع هذا التخوف إلى التطابق الأيديولوجي بين الحرس الثوري والراديكاليين في الحكومة. لذلك، برز الحرس الثوري الإسلامي كمؤسسة وظيفية، وظفته القيادة الراديكالية كقوة إضراب ضد المعارضين، وقوة دفاع ضد الجيش المعتدي، حتى كأداة تكميلية في السياسة الخارجية للمساعدة في تصدير الثورة.

عندما أصبح علي خامنئي المرشد الأعلى، بدأ بتعزيز الدور السياسي للحرس الثوري الإيراني من أجل الحصول على الشرعية التي افتقر إليها في الأصل، ومن أجل تعزيز دوره كوريث لآية الله الخميني. كما وسع خامنئي الدور السياسي للحرس الثوري الإيراني لمنع الإصلاحيين من تحقيق أجندات أكثر ليبرالية.

ملخص ما نُشر في مركز المسبار للدراسات والبحوث

"الدولة الموازية للحرس الثوري في إيران"