الحركة المتشددة تلمّع صورتها دون التخلي عن عقيدتها

بينما يرجح أن تظل أفغانستان معتمدة على المساعدات الأجنبية لسنوات، تدرك طالبان أنه لا يمكنها العودة إلى الماضي عندما اجتاح مقاتلوها كابول بعد فوضى الحرب الأهلية في التسعينات.

طالبان تبدي ليونة غير معهودة لإظهار أنها تغيرت
طالبان تبحث العودة للحكم من بوابة محادثات السلام
شكوك أفغانية حول نية جنوح الحركة المتشددة للسلام

كابول/بيشاور (باكستان) - بينما تتزايد التحركات نحو السلام في أفغانستان تحاول طالبان إظهار أنها تغيرت منذ أيام الوحشية التي أظهرتها في تسعينات القرن الماضي عندما حظرت الموسيقى ومنعت تعليم البنات ونفذت إعدامات علنية في استاد كرة القدم في كابول.

وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في مقابلة "إذا حل السلام وعادت طالبان فلن تكون بنفس الأساليب القاسية كما كانت في 1996"، مشيرا إلى العام الذي سيطرت فيه الحركة على السلطة في كابول قبل الغزو الذي قادته القوات في 2001.

وأضاف "نريد أن نؤكد للمواطنين الأفغان أنه لن يكون هناك خطر على أحد من جانبنا".

وجاءت تصريحات المتحدث باسم طالبان بينما زادت وتيرة التحركات نحو مفاوضات السلام بعد سلسلة اجتماعات بين المبعوث الأميركي الخاص زلماي خليل زاد وممثلين عن الحركة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وزادت التوقعات بتحول حاسم في وضع البلاد بعد تقارير عن أن الولايات المتحدة قد تسحب أكثر من 5000 جندي منها وذلك في تغيير مفاجئ للإستراتيجية الأميركية السابقة التي قامت على تصعيد الضغط العسكري على طالبان.

وقال مجاهد "معارضتنا هي لوجود القوات الأجنبية في أفغانستان. عندما تنسحب ويتم التوصل إلى اتفاق سلام سيتم وقتئذ إعلان عفو في جميع أنحاء البلاد".

وتقارير الانسحاب غير مؤكدة، لكنها أثارت القلق لدى كثير من الأفغان الذين لهم تجارب مريرة مع حكم الحركة المتشددة.

وقال بلال صديقي المتحدث باسم لجنة حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان "لا أعتقد أن عقليتهم تغيرت لكنهم أدركوا أنهم لن يكونوا مقبولين من المجتمع الدولي إذا لم يحترموا حقوق الإنسان".

وبينما يرجح أن تظل أفغانستان معتمدة على المساعدات الأجنبية لسنوات، تدرك طالبان أنه لا يمكنها العودة إلى الماضي عندما اجتاح مقاتلوها كابول بعد فوضى الحرب الأهلية في التسعينات.

لكن الحركة تصر على أنه ستكون هناك عودة إلى تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية إلى جانب إصرارها على انسحاب القوات الأجنبية.

ومع ذلك يشك كثير من الأفغان في ادعاءاتها أنها مالت إلى اللين حتى في الوقت الذي تتوق فيه إلى نهاية للحرب.

في يونيو/حزيران عبر قادة طالبان عن غضبهم لأن مقاتلي الحركة التقطوا صورا بالهواتف المحمولة (سيلفي) مع الجنود والمسؤولين الأفغان وتناولوا الآيس كريم (بوظة) مع المواطنين خلال وقف لإطلاق النار مدته ثلاثة أيام.

محادثات السلام الأفغانية خطوة نحو انهاء الحرب
محادثات السلام الأفغانية خطوة نحو انهاء الحرب

وبعد انتهاء وقف إطلاق النار بوقت قصير شنت الحركة هجمات عنيفة في أقاليم إستراتيجية في محاولة لطرد القوات الحكومية منها واستخدمت مدنيين دروعا بشرية.

وقال رجل شرطة تبلغ مدة خدمته 12 عاما ويخدم الآن في إقليم فراه "أعرف أنه لا مكان لي إذا عادت طالبان على الطريقة القديمة. سأقف في جانب الحكومة أيا كان قرارها، لكن إلى الآن لم أفقد أملي في المستقبل. طالبان لم يعودوا كما كانوا. نشهد تغييرات بينهم. أيضا تعبوا من الحرب".

وتسيطر طالبان التي تغلب عليها عرقية البشتون، أقوى العرقيات في جنوب وشرق البلاد، على مناطق واسعة من الريف الأفغاني وتجمع فيها الضرائب وتدير المحاكم وتسيطر على التعليم.

وبالنسبة لكثير من سكان الريف المحافظ في أفغانستان يوفر حكم طالبان استقرارا يرحب به السكان وتناسب عقوباتها الصارمة وقيودها المشددة على حقوق النساء التقاليد السائدة في كثير من المناطق.

وقالت نساء في منطقة تسيطر عليها طالبان في إقليم قندوز بشمال البلاد إنه مسموح لهن بالسير بحرية وكشف وجوههن.

وقال مجاهد إن طالبان ليست ضد تعليم البنات أو عملهن، لكنها تريد الاحتفاظ بأعرافها الثقافية والدينية.

وقال "لسنا ضد عمل النساء في المؤسسات الحكومية أو ضد أنشطتهن خارج البيوت، لكننا ضد ثقافة الملبس الغريبة علينا التي جيء بها إلى بلادنا".

وقال نائب المتحدث باسم الرئيس التنفيذي لأفغانستان عبدالله عبدالله إن الحكومة تحمي حقوق الإنسان ولا بد أن تقبل طالبان الدستور الوطني من أجل أن تغير صورتها المتشددة.

وأضاف "رأينا بعض علامات التغييرات لديهم، لكن يتعين أن يظهروا في أفعالهم أنهم تغيروا حقا".

ويعتقد كثير من الأفغان أن طالبان ستعود إلى سابق عهدها إذا عادت إلى الحكم. وقالت مالينا حميدي وهي مدرسة في إقليم بلخ "أثق بنسبة مئة بالمئة أنه حال عودة طالبان إلى السلطة فستكون طالبان نفسها التي حكمت أفغانستان في التسعينات".