الحريري أول المعتذرين عن عدم المشاركة في حوار وطني

الانقسامات في المشهد السياسي اللبناني ترسم صورة قاتمة لوضع مربك على جميع الأصعدة تعطلت معه كل جهود الخروج من دوامة أزمة سياسية واقتصادية طاحنة.    
الحرير لا يرى جدوى من حوار وطني قبل الانتخابات النيابية
دعوة عون لحوار وطني تأتي بينما يغرق لبنان في التعطيل بدفع من الثنائي الشيعي

بيروت - اعتذر رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري وهو زعيم تيار المستقبل عن المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس ميشال عون قبل أيام قليل، معتبرا أن أي حوار من هذا النوع يجب أن يكون بعد الانتخابات النيابية (التشريعية).

وقال زعيم تيار المستقبل في بيان صادر عن مكتبه إنه أجرى اتصالا بالرئيس اللبناني  و"أبلغه اعتذاره عن عدم المشاركة، لأن أي حوار على هذا المستوى يجب أن يحصل بعد الانتخابات النيابية".

والحريري هو أول شخصية سياسية تعلن اعتذارها عن المشاركة في الحوار الوطني وقد لا يكون الأخير، فالمشهد في لبنان شديد التعقيد وتتداخل فيها المصالح والنفوذ إلى جانب خلافات كبيرة بين معظم القوى السياسية.

وترسم الانقسامات في المشهد السياسي اللبناني صورة قاتمة لوضع مربك على جميع الأصعدة تعطلت معه كل جهود الخروج من دوامة أزمة سياسية واقتصادية طاحنة.    

وجاءت دعوة ميشال عون لحوار وطني بينما لم يغادر لبنان متاهة السجالات والتعطيل حتى أن الحكومة الجديدة برئاسة السياسي المخضرم ورجل الأعمال نجيب ميقاتي التي جاءت بعد مخاض عسير، لم تنجح في عقد جلسة لمجلس الوزراء منذ تشكيلها في سبتمبر/ايلول 2021 وذلك بسبب امتناع الثنائي الشيعي: حركة أمل وحزب الله عن المشاركة إلا إذا خصصت الجلسة للنظر في مصير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار.  

وفي 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، دعا ميشال عون في كلمة متلفزة، الأطراف السياسية اللبنانية إلى "حوار وطني عاجل" (لم يحدد موعده).

وقال إن "الحوار هدفه التفاهم على ثلاث مسائل والعمل على إقرارها وهي اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والإستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان وخطة التعافي المالي والاقتصادي".

وهذه المحاور التي طرحها عون هي جزء من كومة مشاكل يعاني منها لبنان وليست أساس الأزمة الراهنة السياسية والاقتصادية وأي حوار في هذا الاتجاه قبل أن تبدأ الحكومة ممارسة مهامها والبدء في تنفيذ إصلاحات قاسية، قد يذهب بعيدا عن معالجة واقعية للأزمة.

ويبدو أن الحريري الذي مني بنكسات سياسية وتراجع ثقل حزبه في مشهد شديد الاضطراب، أقرب للقناعة بفشل الحوار الوطني في ظل فخاخ التعطيل والتجاذبات التي لا تهدأ بين أكثر من طرف سياسي.

وقبيل تشكيل حكومة نجيب ميقاتي الحالية، كان الحريري مكلفا بتشكيل الحكومة، لكنه قدم اعتذاره بعد أشهر على تكليفه إثر خلافات سياسية مع الرئيس عون حول التشكيلة الحكومية.

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية اللبنانية في 15 مايو/أيار المقبل ومن المتوقع أن تحتدم المنافسة مع توسع الغضب الشعبي بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي وتفاقم أوضاع الفقر بدرجة كبيرة.

ويعاني اللبنانيون منذ أكثر من سنتين من أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وانهيار قدرتهم الشرائية.

ولا توجد في الوقت الراهن أي مؤشرات أو نقطة ضوء في نهاية النفق لخروج لبنان من أزمته ليس فقط بسبب هيمنة حزب الله على السلطة ومصادرة قرار الدولة اللبنانية وإنما أيضا لأن الطبقة السياسية التي باتت مرفوضة شعبيا، تريد الإبقاء على الوضع الراهن، بحسب عدد من المحللين رجحوا أنها (الطبقة السياسية) في حالة انتظار لتشكل واقع يعزز نفوذها ويضمن مصالحها.