الحريري في لاهاي لسماع النطق بالحكم في اغتيال والده

مخاوف في لبنان من تحول البلاد إلى فتنة طائفية أو تصعيد سياسي محتمل قد يعصف ببلد يعاني أساسا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث.
لبنان يعاني 'نكبات' متوالية

لاهاي (هولندا) - غادر رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري بيروت، متوجها إلى لاهاي، الإثنين، لحضور جلسة النطق بالحكم في قضية اغتيال والده رفيق الحريري عام 2005.

ووفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، "غادر سعد الحريري بيروت متوجها الى لاهاي، للمشاركة في جلسة المحكمة الخاصة بلبنان المقرر أن تنطق حكمها غدا الثلاثاء في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه".

ومن المقرر أن يصدر الحريري بعد النطق بالحكم، بيانا يتناول فيه الحكم المرتقب، حسب المصدر ذاته. وفي 14 فبراير/شباط 2005، اغتيل رئيس الوزراء اللبناني آنذاك رفيق الحريري، عبر تفجير موكبه بالعاصمة بيروت.

وكان مقررا صدور الحكم في 7 أغسطس/آب الجاري، لكن انفجار مرفأ بيروت وإعلان لبنان الحداد لمدة ثلاثة أيام، أدى إلى تأجيل النطق بالحكم غيابيا بحق أربعة متهمين تقول إنهم ينتمون لجماعة "حزب الله" اللبنانية (شيعية).

والمحكمة الخاصة بلبنان هي محكمة جنائية ذات طابع دولي، مقرها مدينة لاهاي في هولندا، وقد اقتُرحت وأُقرت من مجلس الأمن الدولي عام 2009، للتحقيق ومحاكمة قتلة الحريري.

ويترقب اللبنانيون الحكم في اغتيال الحريري، وسط مزيد من الألم وخوف، جراء انفجار مرفأ العاصمة بيروت، في 4 أغسطس/آب الجاري، ما خلف 178 قتيلا وأكثر من ستة آلاف جريحا وعشرات المفقودين، بجانب دمار مادي هائل بخسائر تتجاوز 15 مليار دولار، وفقا لتقديرات رسمية غير نهائية.

الألم هو نتاج معاناة اللبنانيين من تداعيات انفجار مرفأ العاصمة بيروت، في 4 أغسطس/آب الجاري، الذي خلف دمارا ماديا هائلا، بخسائر تتجاوز 15 مليار دولار، وفقا لتقديرات رسمية غير نهائية.

أما الخوف فمن "فتنة طائفية" أو تصعيد سياسي محتمل، ربما يعصف ببلد يعاني بالأساس - منذ أشهر - من أسوأ أزمة اقتصادية بتاريخه الحديث، ومن استقطاب سياسي حاد، مع احتجاجات شعبية مستمرة منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.

وبعد 12 يوما من هذه الاحتجاجات، استقالت حكومة سعد الحريري (نجل رفيق الحريري)، لتحل محلها حكومة حسان دياب، منذ 11 فبراير/شباط الماضي، قبل أن تستقيل هي الأخرى، في 10 أغسطس/آب الجاري، على وقع كارثة بيروت، وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال.

حسرة ولوعة في لبنان على رحيل رفيق الحريري
حسرة ولوعة في لبنان على رحيل رفيق الحريري

وقال القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش قال، "تيار المستقبل لجأ إلى المحكمة الدولية كخيار وبثقة مفتوحة، لذلك سننتظر الحكم وكيفية عرضه وعما إذا كانت هناك جهات أخرى سيتم التلميح لها على الأقل بالحكم، ومن بعدها يعلن التيار موقفه".

وأضاف علوش أن "البعض يتخيل أن المحكمة تنتظر توقيتا معينا لتصدر حكمها، والبعض يتهمها بأنها تخطط لتكبير الإشكال (الأزمة) في لبنان، لكن عملية اغتيال الحريري حصلت وهناك من نفذها وجهات سياسية خططت لها".

وتابع "المتهمون بناء على المعطيات المادية التي ظهرت، هم من حزب الله، بالنسبة لنا هناك خمسة متهمين أصبحوا أربعة حوكموا بناء على قرائن ومعايير عالية من العدالة، وتم الدفاع عنهم بالطريقة اللازمة، وبالنهاية الحكم سيصدر".

وكان المتهمون خمسة هم سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا ومصطفى بدر الدين، لكن الأخير وهو قيادي عسكري سابق بـ"حزب الله"، قُتل في سوريا عام 2016.

وأردف علوش "موقفنا من حزب الله واضح، كل الدوافع لاغتيال الحريري موجودة لدى حزب الله وهو حزب مارس الإرهاب بمختلف أشكاله داخليا وخارجيا، وبينها اغتيال السياسيين".

وحول إمكانية اتخاذ مجلس الأمن قرارات على خلفية الحكم المرتقب، أجاب بأن "هذا الأمر مرتبط بمجلس الأمن، المحكمة أُنشئت بقرار منه وستُسلم الحكم له وعلى المجلس أن يتصرف، سواء تجاه الحكومة اللبنانية أو مباشرة تجاه القتلة".

وترفض جماعة "حزب الله" (شريكة في حكومة دياب) اتهامات المحكمة، وتقول إنها لا تعترف بالمحكمة، وإنها سياسية تهدف إلى الانتقام منها وتوريط الجماعة في جريمة تقول إن إسرائيل نفذتها.
و"حزب الله" هو حليف النظام السوري وإيران، التي تعتبرها إسرائيل العدو الأول لها.

في 2018 قال فريق الادعاء في المحكمة، إن مصطفى بدر الدين هو العقل المدبر لعملية الاغتيال، والمتهمين الباقين نفذوا العملية.

النائب بلال عبدالله عضو تكتل 'التقدمي الاشتراكي' بزعامة وليد جنبلاط، أعرب عن اعتقاده بأنه "في الجو السياسي الحالي سيكون هناك أفضلية للاستقرار الداخلي، لا أستبق كلام (سعد) الحريري، ولكن نعرف عادة في هذه الظروف كيف توضع الأولويات".

وحيال الموقف الدولي المحتمل من الحكم المنتظر قال عبدالله، "أعتقد أن جميع المتهمين ماتوا ولا نعرف إلى أين يمكن أن يصل الموضوع دوليا.. مجلس الأمن سيتعاطى مع الدولة اللبنانية، إلا إذا وضع القضية تحت الفصل السابع (من ميثاق الأمم المتحدة)، وأتمنى أن لا نصل إلى هنا".

ويتيح هذا الفصل الذي أُنشئت تحته محكمة الحريري، فرض عقوبات ثم استخدام القوة في حال وجود تهديد للسلم والأمن الدوليين.