الحريري يخسر دعم الحزبين المسيحيين في سعيه لرئاسة الحكومة

حزب التيار الوطني الحر بزعامة باسيل يعلن أنه لن يدعم ترشيح رئيس الوزراء السابق لتشكيل الحكومة اللبنانية، ما يشق جهود انتشال البلاد من نفق الانهيار الاقتصادي.
خلافات الطبقة السياسية تعمق الأزمة في لبنان
حزب الله وحلفاؤه يعيقون تشكيل حكومة تمس نفوذهم في لبنان

بيروت - أعلن أكبر حزب سياسي مسيحي في لبنان السبت أنه لن يدعم ترشيح رئيس الوزراء السابق سعد الحريري لقيادة حكومة تتولى مهمة انتشال البلاد من أزمة اقتصادية شديدة مما يعقد جهود الاتفاق على رئيس وزراء جديد.

وسبق أن واجه المكلف بتشكيل الحكومة في لبنان مصطفى أديب الشهر الماضي متاهة التعطيل من قبل القوى الشيعية المتمثلة في حزب الله وحليفته حركة أمل اللذان يسعيان لاستمرار نظام المحاصصة الطائفية ويرفضان حكومة أخصائيين مستقلة تقلص تمثيلهما وتحد من نفوذهما.

ودفع تعطيل الثنائي الشيعي أديب إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة في السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، معللا تنحيه بأن التوافق لم يعد قائما مع تصاعد الخلاف بين حزب الله وحلفائه من جهة وبقية الأطياف السياسية على توزيع الحقائب الوزارية.

وكان الحريري الذي استقال من رئاسة الوزراء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أمام احتجاجات في عموم لبنان، قد قال إنه مستعد لقيادة حكومة تنفذ الإصلاحات التي اقترحتها فرنسا حتى يمكن للبنان الحصول على مساعدات دولية هو في أمس الحاجة إليها.

لكن الحريري أبرز السياسيين السنة في لبنان أخفق في الحصول على دعم الحزبين المسيحيين الرئيسيين وهما التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية.

وكان من المقرر إجراء المشاورات البرلمانية لتسمية رئيس وزراء جديد يوم الخميس، لكن الرئيس ميشال عون أرجأ المناقشات بعدما تلقى طلبات من بعض الكتل البرلمانية لتأجيلها.

وقال حزب التيار الوطني الحر الذي يتزعمه جبران باسيل صهر عون إنه لا يمكنه دعم شخصية سياسية كالحريري لأن مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا إلى حكومة إصلاح يشكلها ويقودها "اختصاصيون".

وأضاف في بيان "واستنادا إلى ذلك أجمع المجلس السياسي على عدم تسمية الحريري لرئاسة الحكومة"، مضيفا أن تأجيل الرئيس المشاورات أسبوعا لن يجعل الحزب يعيد النظر في موقفه.

ولا يزال بإمكان الحريري الحصول على أغلبية برلمانية إذا ساندته جماعة حزب الله الشيعية وحليفتها حركة أمل لتولي المنصب.

لكن عدم مساندة الكتلتين المسيحيتين الرئيسيتين له سيمنحه في أحسن الظروف تفويضا هشا لمواجهة أسوأ أزمات لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990.

باسيل يرفض تكليف الحريري لرئاسة وزراء لبنان
باسيل يرفض تكليف الحريري لرئاسة وزراء لبنان

سقط لبنان في هوة الاضطرابات المالية وانهارت الليرة. كما تسبب كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت قبل شهرين في تفاقم الأزمة ومعاناة لبنانيين كثيرين من الفقر.

كان الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء مرتين قد استقال بعد أسبوعين من احتجاجات حاشدة قبل عام.

وتحولت المظاهرات التي أشعلت فتيلها خطط لفرض ضرائب على المكالمات الصوتية عبر تطبيق واتساب للتراسل المملوك لفيسبوك إلى حركة احتجاجية أوسع نطاقا ضد النخبة السياسية في لبنان.

وتصاعد الخلاف حول تشكيل الحكومة اللبنانية مع إصرار حزب الله على استلام حقائب وزارية بعينها خصوصا وزارة المالية وهي من أكثر الوزارات حساسية بالنسبة للمانحين وللولايات المتحدة ودول غربية.

وتتوجس هذه الدول من أن تصل أموال المساعدات والقروض الدولية لحزب الله لتمويل أنشطته، فيما سبق أن اتهمت واشنطن التي تفرض عقوبات على الجماعة الشيعية، أن اتهمت وزيرين سابقين بتوفير غطاء مالي وسياسي للحزب المدعوم من إيران.

ومن المستبعد أن يخرج لبنان من أزمته في ظل أجواء سياسية مشحونة وتمسك الثنائي الشيعي بنظام المحاصصة الطائفية.

ويقوم رئيس الوزراء المستقيل المقرب من حزب الله حسان دياب بتسيير حكومة تصريف الأعمال في انتظار المشاورات النيابية والاتفاق على خلف له.

ويعد استنزاف النخبة اللبنانية لمزيد من الوقت في مشاورات تشكيل الحكومة، عاملا يدفع بلبنان نحو الهاوية، فيما يعيش البلد أسوأ أزمة اقتصادية تتجاوز حدتها تلك التي حدثت قبل عقود خلال الحرب الأهلية.

وكانت فرنسا التي تقود جهود لتشكيل حكومة إنقاذ مستقلة، قد حذّرت من أنه لن يصرف للبنان قروض ومنح كانت تعهدت بها الجهات الدولية المانحة، ما لم يتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية قادرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.

وتبدو الجهود الفرنسية معرضة لنكسة أخرى مع إصرار الطبقة السياسية وخاصة حزب الله وحركة أمل على رفض أي تشكيل وزاري يمس نفوذهما السياسي ومصالحهما أو يعيد تشكيل الخارطة السياسية في لبنان خارج إطار النظام الطائفي السائد منذ عقود.