الحريري يغرق في تفاؤل مفرط بلا انفراج للأزمة السياسية

بعد خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية، لم يظهر من حكومة الحريري المرتقبة إلا تفاؤل مفرط من رئيس الوزراء المكلف بينما الجمود السياسي على حاله وسط مخاوف من تفاقم أزمة الاقتصاد المتعثر في بلد يعاني من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم.

الحريري لا يملك إلا التفاؤل حتى مع تعثر تشكيل الحكومة
لبنان اعتاد على مفاوضات مطولة في تشكيل الحكومات
الجمود السياسي يرسم وضعا قاتما لاقتصاد لبنان المتعثر

بيروت - أبدى رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري تفاؤله بشأن تشكيل حكومة جديدة بعد مرور خمسة أشهر على الانتخابات العامة، في تصريح يأتي بينما تعثرت جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية، مما يزيد المخاوف بالنسبة للاقتصاد المثقل بالديون.

ويعاني لبنان الذي اعتاد على المفاوضات المطولة لتشكيل الحكومات من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم.

ولم يأت الحريري في تصريحه بجديد فقد دأب منذ قرار تكليفه على التعبير عن تفاؤله في الوقت الذي يمنع فيه الجمود السياسي لبنان من تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وقال الحريري في تصريحات تلفزيونية عقب لقائه بالرئيس ميشال عون "اتفقنا على وجوب الإسراع في تشكيل الحكومة بسبب الوضع الاقتصادي والأجواء إيجابية وسيكون هناك لقاء ثان مع الرئيس عون قريبا".

وخلال الشهور الخمسة التي تلت إجراء الانتخابات تحدث الحريري مرارا عن قرب حدوث انفراجة قريبة من دون أن تظهر أي مؤشرات فعلية على ذلك.

وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اليوم الأربعاء إنه يوجد "بصيص أمل" بشأن تشكيل الحكومة وذلك وفقا لنائب من حزب بري تحدث نيابة عنه عقب اللقاء.

ونقلت قناة الجديد التلفزيونية عن النائب علي بزي قوله إن بري "يرى أنه حصل نوع من التوازن في التنازلات بموضوع تشكيل الحكومة".

وخلال الشهور الخمسة التي تلت إجراء الانتخابات عبر الحريري مرارا عن تفاؤله إزاء حدوث انفراجة قريبة.

والنقطة الشائكة الرئيسية في المفاوضات هي كيفية تلبية المطالب المتضاربة لعون المنتمي للطائفة المارونية وحزبه التيار الوطني الحر من ناحية ومنافسه الماروني سمير جعجع وحزبه القوات اللبنانية من ناحية أخرى.

واستمرت آخر حكومة لبنانية في العمل لتصريف الأعمال منذ انتخابات مايو/أيار لكن البلاد بحاجة لحكومة مستقرة تنفذ الإصلاحات المطلوبة لتحسين استدامة الدين اللبناني.

ومن المقرر أن يلقي الحريري خطابا تلفزيونيا مساء غد الخميس.

وكان من المأمول أن يطلّ الحرير لإعلان تشكيلة الحكومة الجديدة التي طال انتظارها، لكنه ظهر مجددا للتعبير عن تفاؤل لم يخرج عن سياق التطمينات.

ولا تهدأ تطمينات رئيس الوزراء المكلف الشارع اللبناني خاصة في ظل الوضع الصعب الذي يمر به لبنان ووسط تحذيرات دولية من تأثير الجمود السياسي على الاقتصاد المتعثر.

ويطالب المانحون الدوليون لبنان بالإسراع في تشكيل الحكومة كشرط للإفراج عن حزمة مساعدات مالية ومن شأن أي تعثر سياسي أن يؤخر صرف تلك المساعدات.

وفي مطلع الشهر الماضي أعلن الحريري بعد أشهر من التعثر السياسي أنه قدم للرئيس ميشال عون صيغة لتشكيل الحكومة، في تطور كان يعتقد أنه سيكسر الجمود السياسي، لكنه لا ينه الأزمة في ظل خلافات وتنافس الأحزاب الرئيسية على الحقائب الوزارية منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار الماضي.

والحكومة الأخيرة مستمرة في تصريف الأعمال منذ الانتخابات التي أفرزت برلمانا يميل لصالح جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران، ما يثير قلقا في الأوساط اللبنانية والدولية من تغلغل إيراني أوسع وأشد في بلد يعاني من وضع سياسي وأمني هشّ.

وكانت قوى لبنانية قد عبرت عن مخاوفها من أن يدار الحكم في لبنان وفق الأجندة الإيرانية بعد فوز حزب الله وحلفائه بالأغلبية البرلمانية.

ودأب حزب الله في دعاية للاستهلاك المحلي على طمأنة الداخل اللبناني بالإسهاب في الحديث عن التوافق ومصلح لبنان العليا والوحدة الوطنية.

لكن تبقى ترسانة الجماعة الشيعية التي تعاظمت بفضل الدعم الإيراني، معضلة تنغص الحياة السياسية والاستقرار الأمني في لبنان.

واقحم حزب الله لبنان في الصراع السوري من خلال مشاركته في القتال دعما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، كاسرا بذلك مبدأ "النأي بالنفس" عن الصراعات الإقليمية، ما أنتج انقسامات سياسية لا يزال لبنان يعاني من تبعاتها.