الحكومة اللبنانية تصب الزيت على نار المظاهرات بزيادة أسعار الخبز

الجيش اللبناني يلغي مادة اللحم كليا من الوجبات التي تقدم للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة بسبب الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يمر بها لبنان.
الجيش يتوقف عن استخدام اللحوم الحمراء في الوجبات بسبب الأزمة الاقتصادية
دياب يدعو لتحييد لبنان عن عقوبات قانون قيصر في سوريا

بيروت - شن نشطاء لبنانيون حملة شرسة على حكومة حسان دياب بعد أن قرر وزير الاقتصاد رفع سعر الخبز اليوم الثلاثاء بدل معالجة أزمة الطوابير التي شهدتها المخابز منذ نهاية الأسبوع الماضي بسبب تلاعب بالأسعار، مستنكرين استمرار المسؤولين في اعتماد حلول قائمة على اثقال كاهل المواطن البسيط بدل مساعدته في ظلّ ارتفاع معدل البطالة والفقر والجوع.

رفعت الحكومة اللبنانية اليوم الثلاثاء سعر رغيف الخبز زنة 900 غرام المدعوم جزئيا إلى 2000 ليرة من مستواه قبل أزمة أكتوبر/تشرين الأول البالغ 1500 ليرة، فيما ألغت المؤسسة العسكرية تقديم اللحوم في وجبات الجنود أثناء العمل بسبب أسوء أزمة اقتصادية يواجهها لبنان في تاريخه الحديث.

وأفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام اليوم الثلاثاء أن وزير الاقتصاد راوول نعمة أعلن من القصر الرئساسي في بعبدا "ابلاغه مجلس الوزراء بأنه سيرفع سعر ربطة الخبز 900 غرام من 1500 إلى 2000 ليرة".

والليرة اللبنانية مربوطة رسميا عند 1500 للدولار، لكن يجري تداولها الآن في السوق السوداء عند حوالي 9000 للدولار بعد انخفاضات حادة في الأيام القليلة الماضي.

واستيقظ اللبنانيون السبت الماضي على قرار الموزعين وقف تسليم الخبز لأصحاب المحلات التجارية، ما دفعهم إلى التوجه بأعداد كبيرة إلى المخابز المركزية.

وتداول نشطاء وصحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي لصور وفيديوهات تظهر تهافت مواطنين على المخابز التي وصلت فيها ربطة الخبز إلى 2500 ليرة في بعض المناطق بدل سعرها الرسمي.

وأعاد مشهد تهافت الناس على المخابز إلى أذهان كثير من اللبنانيين مشاهد من الحرب الأهلية، عندما كان الناس يصطفون في طوابير لساعات لشراء حزمة خبز واحدة.

وطالب وزير الصناعة عماد حبّ الله في تغريدة عبر حسابه على تويتر وزير الاقتصاد بسحب قراره رفع سعر الخبز بل دعم المواد المتبقية بدلا من ذلك.

وكتب حب الله "مثل ما حكينا بالجلسة وبالمكالمة وعالواتساب: لا ترفع السعر، زيد الدعم عالمواد المتبقية لربطة الخبز. ومثل ما طلب رئيس مجلس الوزراء تراجع عن القرار. هذا قرار خاطىء".

 وبالتزامن مع قرار الترفيع في سعر الخبز رسميا، قالت الوكالة اللبنانية إن الجيش اللبناني ألغى مادة اللحوم كليا من الوجبات التي يقدمها للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة بسبب أسوا أزمة اقتصادية ومالية تمر بها البلاد.

وأوضحت الوكالة "بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها لبنان، ألغت المؤسسة العسكرية التي تعاني الأوضاع الاقتصادية الصعبة نفسها، مادة اللحم كليا من الوجبات التي تقدم للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة".

وأقفلت العديد من محلات الجزارة أبوابها في لبنان بسبب ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة عادة من الخارج بالعملة الصعبة.

ومع ازدياد شح الدولار، تراجعت الليرة اللبنانية منذ العام الماضي حوالي 80 بالمئة مقارنة بالسعر الرسمي المربوط عند 1507.5، والمتاح حاليا للواردات الحيوية فقط وهي الوقود والأدوية والقمح. وأثار انخفاض حاد جديد للعملة هذا الشهر احتجاجات جديدة في مختلف أنحاء المدن اللبنانية.

ويوميا يقوم محتجون بمظاهرات واعتصامات في العاصمة بيروت ومناطق اخرى في جنوب البلاد اعتراضاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في حين خرجت دعوات تطالب بمحاسبة الفاسدين واستقالة الحكومة قبل الانهيار الكامل للبلاد. 

وسعى المصرف المركزي لتحقيق الاستقرار لسعر الصرف في مكاتب الصرافة عبر تحديد سعر موحد معها كل يوم، مع معاقبة المتعاملين غير الملتزمين. وكان ذلك السعر المعلن 3850 للشراء و3900 للبيع اليوم.

ورغم ذلك، لا يزال المستوردون يقولون إنهم يجدون أن الحصول على دولارات شبه المستحيل.

وقال هاني بحصلي، رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية والمشروبات، إن المستوردين عرض عليهم الدولار بسعر 9400 ليرة اليوم الثلاثاء.

وتقلصت الرواتب بالعملة المحلية وفقدت قيمتها بحيث بات الجندي في الجيش اللبناني الذي كان يتقاضى 1.2 مليون ليرة أي ما كان يعادل 800 دولار حسب السعر الرسمي المقدر بمبلغ 1517 بات الآن راتبه يقدر بنحو 130 دولارا حسب أسعار الصرافة في السوق السوداء.

وقفزت معدلات التضخم والبطالة والفقر. وتحاول حكومة حسان دياب الحصول على دعم من صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة التي تعد أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ حربه الأهلية بين عامي 1975 و1990.

بي
إذا كانت مؤسسات الدولة لا يمكنها شراء اللحوم فكيف المواطن اللبناني!

وقال عباس حيدر صاحب أحد محلات الجزارة في بيروت إن أكثر من نصف أعداد الملاحم الصغيرة والمتوسطة تقريبا أقفلت أبوابها بسبب عدم قدرة الناس على شراء لحم البقر بسعر 55 ألف ليرة بعدما كان لا يتعدى عشرة آلاف ليرة.

وأضاف أن العجول يتم استيرادها بالدولار من أميركا الجنوبية وأوروبا في حين أن الأغنام يتم استيرادها من سوريا ويبلغ ثمن الكيلو الواحد أكثر من 70 ألف ليرة.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انغمس لبنان في أزمة مالية تسببت في إغلاق شركات وقفزة في الأسعار والبطالة.

وقال رئيس الوزراء حسان دياب اليوم الثلاثاء إن حكومته ملتزمة بخطة الإنقاذ المالي وأرقام الخسائر الواردة فيها، مضيفا أنها لا تزال الأساس للمحادثات مع صندوق النقد الدولي.

ولم يعط دياب رقما لكن خطة الإنقاذ التي أقرتها الحكومة بعد شهور من المساومات ترسم بتعمق صورة توضح كيف راكم لبنان ديونا تزيد بضع مرات عن حجم اقتصاده.

وقال دياب بعد جلسة للحكومة "ملتزمون بالخطة المالية وبأرقام الخسائر الواردة فيها، وقد تجاوزنا ذلك ونبحث الآن في كيفية توزيع الخسائر بالتواصل مع حاكم المركزي والقطاع المصرفي ووزير المال حتى نجد السيناريو المناسب وليس هدفنا تركيع القطاع المصرفي أو مصرف لبنان ولن يدفع المودعون الثمن".

ومسودة خطة الإنقاذ الحكومية بمثابة ركيزة للمحادثات مع صندوق النقد الدولي، وترسم صورة لخسائر هائلة في النظام المالي.

لكن المفاوضات تعثرت بسبب الخلاف بين الحكومة والبنك المركزي بخصوص حجم الخسائر وكيفية توزيعها.

واستقال آلان بيفاني العضو البارز في فريق التفاوض اللبناني مع صندوق النقد الدولي من منصب المدير العام لوزارة المالية أمس الاثنين، قائلا إن المصالح الخاصة تقوض خطة الحكومة للتعافي الاقتصادي.

وقال بيفاني إن خسائر النظام المالي تبلغ 61 مليار دولار.

لب

وقال صندوق النقد إن أرقام الحكومة تبدو في النطاق السليم من حيث الحجم لكن بيروت بحاجة إلى التوصل لفهم مشترك من أجل المضي قدما.

ولاقت الأرقام معارضة من المصرف المركزي وقطاع المصارف ولجنة برلمانية تشكك في الخسائر والافتراضات.
وقال دياب في كلمة خلال مؤتمر بروكسل الرابع "لدعم مستقبل سوريا والمنطقة"، المنعقد خلال الفترة بين 22 و30 يونيو/حزيران، عبر تقنية الاتصال المرئي، "أدعو منظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والدول الصديقة، إلى تحييد لبنان عن التداعيات السلبية الناجمة عن أي عقوبات قد تفرض على السوريين، ولا سيما جراء قانون قيصر".

وأضاف أنه "يجب ضمان عدم تأثير هذه التداعيات على سبل التواصل التجاري، والاقتصادي مع الخارج، وبالتالي تقويض جهودنا المتواصلة للخروج من الأزمة الحالية التي يعانيها لبنان".

ودخل قانون حماية المدنيين بسوريا، المعروف باسم "قيصر"، حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران الجاري، بإعلان واشنطن فرض عقوبات على 39 شخصا وكيانا مرتبطين بنظام بشار الأسد، تتضمن قيودا على السفر أو عقوبات مالية.
وبموجب القانون، بات أي شخص يتعامل مع النظام السوري معرضا للقيود على السفر أو العقوبات المالية بغض النظر عن مكانه في العالم.

ويرتبط حزب الله اللبناني الذي يسيطر على حكومة دياب بنظام الأسد حيث تدخل في الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات باعتباره مواليا لإيران.
ويعيش في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل لدى "المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين". بينما تقدّر الحكومة اللبنانية أن عدد السوريين الفعلي في البلاد هو 1.5 مليون.

واعتبر دياب أن "الحل المستدام للنازحين السوريين يكمن في عودتهم الآمنة والكريمة لسوريا استنادا للقانون الدولي ومبدأ عدم الإعادة القسرية".

ورأى أنه "ينبغي عدم الربط بين مسألة الحل السياسي للأزمة السورية، وعودة النازحين إلى ديارهم".

ولفت دياب إلى أن لنازحين السوريين "يرزح 55 بالمائة منهم تحت خط الفقر المدقع وفقا لأرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين".