الحكومة اللبنانية توفر المحروقات لكن ترفع سعرها
بيروت - أكد وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض أنه لا أزمة محروقات في البلاد وهي متوافرة في السوق في رسالة تهدف إلى طمأنة المانحين الدوليين وتخفيف حالة الاحتقان الاجتماعي خاصة بعد الإعلان عن زيادة جديدة في سعر المحروقات.
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن فياض قوله: "نعمل على منع التجاوزات في موضوع المولدات ووضع العدادات".
وشهدت جميع المحروقات في لبنان زيادات الأربعاء، وارتفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 4500 ليرة و98 أوكتان 4200 ليرة والديزل أويل 10100 ليرة والغاز 6600 ليرة.
وتعد هذه الزيادة هي الثانية خلال أسبوع حيث ارتفعت جميع المحروقات يوم الثالث من نوفمبر الجاري في خطوة من شأنها أن تثقل كاهل اللبنانيين الغارقين في انهيار اقتصادي غير مسبوق.
وقال خبراء إن الحكومة وفرت المحروقات لكنها لم تحل المشكلة حيث صار من الصعب على الحصول عليها هذه المرة بسبب سعارها، في بلد يعيش نحو 80 في المئة من سكانه تحت خط الفق. والحد الأدنى للأجور محدد بـ675 ألف ليرة.
وعاش لبنان في الفترة الماضية أزمة غير مسبوقة في المحروقات بدأت بسبب قرار رفع الدعم عن المحروقات وكادت تشل البلد خاصة عندما أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن جميع المناطق لساعات طويلة، وتأثرت بذلك مرافق حساسة مثل المستشفيات في قمة أزمة وباء كوفيد-19.
وتراجعت قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميا. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضاً إلى التقنين ورفع تعرفها بشكل كبير جراء شراء المازوت من السوق السوداء.
وأدت الأزمة التي تواصلت لأشهر، وتفاقمت في الصيف، إلى احتقان اجتماعي وعنف أدى إلى جرح ومقتل عدد من اللبنانيين، بالإضافة إلى الاحتجاجات المتواصلة وإقفال الطرقات ووقوف الناس ساعات طوال في طوابير لتعبئة الوقود، من دون أن يوفقوا في أحيان كثيرة.
ومنذ أشهر، تعمل السلطات على رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية أبرزها المحروقات مع نضوب احتياطي مصرف لبنان بالدولار، على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. ويشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات بنيوية في قطاعات رئيسة مقابل توفير الدعم المالي.
وتأتي تصريحات فياض بعد حديث رئيس الوزراء نجيب ميقاتي عن أن المحادثات الأولية مع صندوق النقد الدولي تسير بشكل جيد وأن خطة تعاف معدلة ستكتمل بنهاية نوفمبر. وقال في مؤتمر اقتصادي في بيروت "للمرة الأولى قدمنا أرقاما موحدة لصندوق النقد والمفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح وقريبا سيكون لنا ورقة تفاهم معه".
وكانت محادثات مع صندوق النقد بهدف الحصول على دعم مالي قد انهارت العام الماضي وسط خلافات بشأن حجم الخسائر في القطاع المالي في لبنان والذي انهار في أواخر 2019.
وقال البنك المركزي والبنوك الخاصة ولجنة برلمانية تمثل الأحزاب السياسية الكبرى إن الخسائر أقل كثيرا من نحو 83 مليار دولار قدرتها خطة التعافي، على الرغم من أن صندوق النقد يرى أن الأرقام دقيقة. وقال ميقاتي إن البنك المركزي يتعاون تعاونا تاما مع لازارد، الشركة الاستشارية التي ساعدت في وضع الخطة السابقة، مضيفا أن خطة محدثة ستكتمل بنهاية الشهر الجاري.
ويرى خبراء اقتصاد أن برنامج صندوق النقد هو سبيل لبنان الوحيد للحصول على المساعدات الدولية وبدء التعافي من واحدة من أسوأ الأزمات المالية في العالم. أدى الانهيار الاقتصادي في البلاد إلى نقص حاد في السلع الأساسية بما في ذلك الوقود والأدوية.
وقال ميقاتي إن لبنان يسعى لرفع إنتاج الطاقة من خمس ساعات يوميا في الوقت الراهن إلى ما بين 10 و15 ساعة يوميا بنهاية العام من خلال سلسلة عقود مع العراق ومصر والأردن.
ويشكل قطاع الكهرباء المتعثر في لبنان استنزافا رئيسيا لمالية الدولة حيث كلف أكثر من 40 مليار دولار منذ عام 1992 على الرغم من أن الدولة لم توفر الطاقة على مدار الساعة.
بالإضافة إلى الشحنات الشهرية التي تبلغ 75 ألف طن من النفط الخام من العراق والتي توفر حوالي خمس ساعات من الكهرباء يوميا قال ميقاتي إن لبنان يهدف إلى تأمين الغاز المصري لإنتاج أربع ساعات إضافية من الكهرباء بحلول نهاية العام.
وقال إن الأردن على استعداد لتوفير حوالي ساعتين من الطاقة بتكلفة 12 سنتا للكيلو وات في الساعة وإن العمل جار على خطة طويلة الأجل لتأمين الكهرباء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
وبينما تبنى ميقاتي نبرة متفائلة فإن الحكومة لم تجتمع منذ ما يقرب من شهر بسبب الخلاف حول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020. وبعد إجراء الانتخابات المقررة في الربيع المقبل ستصبح الحكومة مستقيلة حكما وستفقد سلطة اتخاذ القرارات.
وفي خضم كل هذا تأتي الأزمة مع دول الخليج على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بخصوص دور التحالف العربي في اليمن، والتي انتهت إلى خلاف معقد كانت أحدث نتائجه إعلان الكويت الأربعاء عن تشديد منح التأشيرات لللبنايين، وسبق ذبك سحب للسفراء السعودي والإماراتي والبحريني والكويتي، احتجاجا على تصريحات قرداحي.