الحواجز الإسرائيلية تشل تنقلات الفلسطينيين في الضفة الغربية
الضفة الغربية - تكثر الأحاديث في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة عن ازدياد عدد الحواجز الإسرائيلية التي أدّت إلى شلّ حركة المرور، منذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفيما تنشط مشاركة المعلومات عن حركة السير في مجموعات على تطبيق واتساب، تتزايد في الرسائل المتداولة الدوائر الحمراء المرتبطة بأسماء نقاط العبور والتقاطعات، التي تشهد اكتظاظا وطوابير سيارات.
يقول الأب بشار باسل من قرية الطيبة شمال شرق رام الله "بدأ الأمر ليل الأحد الإثنين، استيقظنا لنكتشف وجود حواجز معدنية على الطرق المؤدية إلى أريحا والقدس ونابلس".
ويضيف "مساء الإثنين، بقي الناس العائدين من رام الله بعد عملهم في سياراتهم من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الثانية صباحا"، موضحا أنّ كلّ سيارة خضعت للتفتيش من قبل الجيش الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، يشير الكثير من السكان إلى أنهم غادروا عملهم في وقت مبكر الثلاثاء والأربعاء تحسبا لرحلة شاقّة سيخوضونها وينتظرون خلالها في طوابير طويلة، مع عدم إمكانية العودة قبل الوصول إلى نقاط التفتيش.
ويتابع الكاهن بشار باسل "لم نشهد وضعا صعبا كهذا منذ الانتفاضة الثانية" بين العامين 2000 و2005. ومن الجنوب إلى الشمال، تتكرّر الاختناقات المرورية حيث تنتظر عشرات السيارات وأحيانا المئات، عبور الحواجز.
ومن سائقي هذه السيارات، أنس أحمد الذي وجد نفسه عالقا لمدّة أكثر من خمس ساعات قرب المدينة الجامعية في بيرزيت، على طريق أصبح أكثر ازدحاما جراء إغلاق الطرق الموازية. ويقول متنهّدا "هذه مضيعة للوقت".
وتحتل الدولة العبرية الضفة الغربية منذ العام 1967 وأقامت فيها مستوطنات إسرائيلية غير شرعية بنظر القانون الدولي. فضلا عن ذلك، تتخلّل المنطقة حواجز دائمة، بينها وبين إسرائيل من جهة وعند التقاطعات الكبرى من جهة أخرى، أي بين المحافظات المختلفة وعلى مقربة من المستوطنات الإسرائيلية.
وأُقيمت نقاط تفتيش جديدة، غداة الهجوم غير المسبوق الذي نفّذته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين 2023، غير أنّ الوضع ازداد سوءا بعد بدء تنفيذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة الفلسطينية في قطاع غزة في 19 يناير/يناير.
لم نشهد وضعا صعبا كهذا منذ الانتفاضة الثانية
ويقول أنس أحمد "إنّها وسيلة ضغط أمام الشعب الإسرائيلي للقول إنّنا نفرض السيطرة". ومنذ بداية الحرب في غزة وصولا إلى 17 يناير/كانون الثاني، أُقيم 146 حاجزا على الأقل في الضفة الغربية المحتلة، وفقا لـ"هيئة مقاومة الجدار والمستوطنات" التي تؤكد أنّ هناك 898 نقطة تفتيش.
ويقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني "نعمل على ضمان عدم فرار الإرهابيين، ولكن يمكن للمدنيين الذهاب والعودة كما يحلو لهم"، من دون أن يؤكد زيادة نقاط التفتيش.
وفي المقابل، يُعرب أحد سكان رام الله طالبا عدم الكشف عن هويته خوفا من العواقب، عن شعور بـ"أنّنا في سجن، ولكن الآن نشعر كما لو أنّنا وُضعنا في الحبس الانفرادي". ويلفت إلى أنّ الرحلة التي كانت تستغرق عادة 20 دقيقة، استغرقت ساعتين الأربعاء.
وإذ يشير إلى أنّ "كلّ قرية معزولة"، يتساءل "ماذا بعد ذلك؟ نقطة تفتيش في كلّ شارع؟ أمام كلّ منزل؟"، متابعا "كما لو أنّ هناك أرانب... يمكنها الخروج في الصباح، القيام بأشياء معيّنة، ثمّ يتعيّن عليها العودة في المساء إلى القفص لقضاء الليل".
وفيما يقول إنّ الحواجز تبدو "دائمة"، يطرح سؤالا يدور في ذهن كثيرين، وهو "هل تكون هذه بداية الضم الكامل للضفة الغربية؟".
وفي إطار تسليط الضوء على القيود المتزايدة على الحركة، أشارت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية غير الحكومية الثلاثاء، إلى أنّ إسرائيل "لا تقوم سوى بتحويل تركيزها من غزة إلى مناطق أخرى تسيطر عليها في الضفة الغربية". غير أنّ العديد من الشخصيات السياسية الإسرائيلية لم تخف رغبتها في تنفيذ عملية الضم، خصوصا وزير المال اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش.
وفي حين بدا الوضع الخميس أفضل قليلا في بعض المناطق، أتى ذلك نتيجة قرار الكثيرين العمل من منازلهم، عشية يوم العطلة الأسبوعية. ويقول أحد سكان رام الله "يمكننا القيام بذلك مرة أو مرّتين في الأسبوع، ولكن ليس بشكل دائم".
وعلى خلفية هذه التطوّرات، بات الأب بشار باسل يخشى التنقّل، ويقول "لا نشعر بالأمان ولا يمكننا العيش على هذا النحو"، مضيفا "لا نعرف ما هي خطّة الإسرائيليين على وجه التحديد"، متابعا "ولكنّهم يريدون منّا مغادرة البلاد".