الحوسني ترصد عالم الخرائط

نعيمة الحوسني تستعرض أحدث الدراسات والبحوث في علم الخرائط وملحقاته. 
مجالات معرفية وعلمية وتاريخية وثقافية وجيو - سياسية وتكنولوجية ما كانت لتخطر ببال غير المتخصصين لولا دراسة ماراثونية من هذا النوع
خريطة اليوم الإلكترونية وإن اختلفت اختلافاً بيناً عن خريطة الأمس البعيد والقريب الورقية فإن الأخيرة تمثل تراثاً مهماً لا يمكن إغفاله

تقدم د.نعيمة الحوسني رئيس قسم الجغرافيا والتخطيط الحضري بجامعة الإمارات العربية المتحدة في كتابها "عالم الخرائط" موسوعة متكاملة تستعرض بإسهاب أحدث الدراسات والبحوث في علم الخرائط وملحقاته. الأمر الذي يعد معه الكتاب متعدد الأوجه في بابه دون ارتباك وانفصام وغزير المادة في تناوله بغير إفراط ولا تفريط. 
الموضوع التخصصي المحوري لـ "خرائط العالم" الصادر عن دار صفصافة والذي أعدته وترجمته الحوسني يتمثل في "تصميم ورسم الخرائط" لكنه أيضا ينفتح بتوالي فصوله التسعة عشر على مجالات معرفية وعلمية وتاريخية وثقافية وجيو - سياسية وتكنولوجية ما كانت لتخطر ببال غير المتخصصين لولا دراسة ماراثونية من هذا النوع. 
يُقدم الفصل الأول من الكتاب عرضاً افتتاحياً يتناول بعض المبادئ الأساسية في فن رسم الخرائط ويشير إلى بعض أنماط الخرائط كما يستعرض بإيجاز تطور وظيفة الخريطة عبر القرون السابقة مع التأكيد على أن خريطة اليوم الإليكترونية وإن اختلفت اختلافاً بيناً عن خريطة الأمس البعيد والقريب الورقية فإن الأخيرة تمثل تراثاً مهماً لا يمكن إغفاله في حساب التطور ومعادلة الارتقاء. 
ومن ناحية أخرى يتناول الفصل الثاني استعمالات الخرائط حيث تتجلى أمام أعين القراء قيمة الخرائط كصور ووثائق يُستفاد بها في تحقيق جملة واسعة من الأغراض سواء على صعيد السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة أو التعليم أو الحرب أو السياحة ونقل المعلومات وما عدا ذلك من تطبيقات علمية وتكنولوجية. 

تسليط الضوء على ما خلفته التكنولوجيات الجديدة من أثر في مناهج تفكير رسامي الخرائط المعاصرين

وفي سياق متصل يصف الفصل الثالث نوعيات البيانات والمعلومات المراد تحويلها إلى خرائط ويشير إلى أثر الحوسبة الحدية والمعاصرة في فن رسم الخرائط. 
وفي الفصل الرابع تتناول الباحثة تقنية استخدام الألوان في إخراج الخرائط وكيفيات وضع البينات والنصوص المناسبة فوق خريطة من الخرائط ويتحدث عن عملية تصميم الخريطة ومجالات استخدامها. 
أما الفصل الخامس فيدور حول العوامل التي تقف وراء رسم الخرائط المتعلقة بخصائص الأرض من أول وضع الرموز إلى تحديد مقياس الرسم وتقنيات تجسيم التضاريس. وفيما يتناول الفصل السادس عناصر تصميم الخريطة مُركزاً على الخرائط الموضوعية (البيئة النباتية الطبيعية - إحصاءات السكان - بيانات اقتصادية). 
وفي الفصل السابع يتم التعرض بالوصف والدراسة لعملية جمع الخرائط بين دفتي أطلس ودراسة المعلومات الجغرافية المكانية داخل المدارس والجامعات والاطلاع عليها في نطاق المكتبات من قبل الجمهور العادي. وفي الفصل الثامن يتطرق الباحث إلى ضمانات صحة المفاتيح والتعليقات والبينات خاصة أسماء المعالم والموجودات الجغرافية في الخرائط. 
ويتناول الفصل التاسع بإسهاب النطاق المساحي الأساس وأنواع الإسقاطات والأسس الرياضية لها وأي الإسقاطات أنسب ولماذا. ويصادف القارئ في هذا الفصل حصيلة وافرة من أنماط الإسقاط. أما الفصل العاشر فيدور حول استخدامات الخرائط ومدى اتساع نطاق الفعاليات الإنسانية التي يمكنها استغلال الخرائط والإفادة منها والتعويل عليها خاصة على الصعيد الأممي في أحوال السلم والحرب والكوارث. وفي هذا الفصل أيضاً ثمة استعراض مستفيض لجوانب استفادة منظمة الأمم المتحدة من الخرائط بأنواعها وثمة إشارات كثيرة إلى دور المنظمة الأممية في النهوض بفن رسم الخرائط. 
في الفصلين الحادي عشر والثاني عشر تركز الباحثة على وظيفة رئيسية من وظائف الخرائط ألا وهي الملاحة بأنواعها المختلفة سواء كانت جوية أم برية أم بحرية ويلقيان الضوء على نماذج معينة من الرياضات الجديدة والتي تعتمد كلياً على الخرائط ألا وهي رياضة الملاحة الرياضية.

أما الفصل الثالث عشر فهو يتعلق بجانب آخر مهم يختص بتنفيذ ونسخ ونشر الخرائط، ومن ثم يتطرق الباحث إلى استراتيجيات وتقنيات وآليات طباعة الخرائط بكافة أنواعها. وعلى ذات الصعيد يتناول الباحث في الفصل الرابع عشر دراسة بدائل الخرائط الورقية مُركزاً على الخرائط الإليكترونية وليدة ثورة المعلومات الجغرافية المكانية كما يشير الفصل إلى العوائق الراهنة والاحتمالات المستقبلية بالنسبة لإنتاج الخرائط اعتماداً على وسائط الحاسوب.
في الفصلين الخامس عشر والسادس عشر يتم يتوقف عند الأهمية الفائقة لبيانات الجغرافيا المكانية في القرن الحادي والعشرين وما يلحقها من تطور كبير وتغير سريع ومدى تأثير ذلك على نشر وتوزيع الخرائط. 
ويلفت الفصل السابع عشر انتباهنا إلى الأزمة التي تمر بها الطرائق التقليدية القديمة والأساليب المعلوماتية المقننة في التعاطي مع بيانات الجغرافيا المكانية ويوجه النظر إلى أن ثمة الآن الكثير من التطورات اللافتة في التعاطي مع بيانات الجغرافيا المكانية وثمة طرائق جديدة تنفتح كل يوم للعمليات الداخلة في تنظيم تلك البيانات والمعلومات. 
وتضرب الباحثة مثلاً بما يُعرف الآن "بخريطة الحشد" أو "خريطة الشارع المفتوحة" حيث يُستعان في إنجاز هذه الخرائط بحشد من الأفراد الهواة المهتمين بعمل الخرائط من أجل إنجاز قواعد بيانات جغرافية واسعة النطاق وذات صدقية. كما يشار إلى الأساليب التي يمكن بواسطتها - لمن يرغبون في عمل خرائطهم الخاصة - استخلاص البيانات المطلوبة من أرض الواقع المُعاش اعتماداً على الأدوات البحثية الجديدة المتاحة تحقيقاً لمبدأ العمل على توسيع قاعدة الجماعة الخرائطية بطرفيها صانعين ومستخدمين. 
ويسلط القسم الأخير من الكتاب الضوء على الكيفيات التي بموجبها يمكن لأي مهتم بصنع خريطة أن يواصل دراسة الموضوع ذي الصلة سواء على صعيد رسمي نظامي أو أي صعيد آخر متاح. 
وأخيراً وليس آخراً يُسلط الفصل التاسع عشر الضوء على ما خلفته التكنولوجيات الجديدة من أثر في مناهج تفكير رسامي الخرائط المعاصرين ويشفع ذلك بأمثلة توضح كيفية تناول الموضوع في المدارس والجامعات وعند آحاد المتعلمين كما يتطرق إلى فرص الدراسات المستقبلية، ويدرج مجموعة من التمارين والتدريبات المتفرقة، ويختم بالإشارة إلى ضرورة تحديث هذا الفصل وتغذيته بكل مادة معلوماتية من واقع ثورة عالم الخرائط في القرن الحادي والعشرين.