الحياة تدب في أكبر متاحف تونس بعد عامين من الاغلاق

اعمال الترميم والتغيرات الكبيرة في متحف باردو تكذب رواية معارضين للرئيس قيس سعيد تربط بين ايصاد ابواب المبنى وكونه ملاصقا للبرلمان التونسي.

باردو (تونس) - أعاد متحف باردو الوطني الذي يُعدّ من أبرز المعالم التراثية في تونس، فتح ابوابه للعامّة الخميس، مستقبلاً عشرات الزوار التونسيين ومجموعات من السيّاح، بعد عامين من إغلاقه في تموز/يوليو 2021، على ما أفاد صحافيون من وكالة فرانس برس.

وكان متحف باردو الذي يُعدّ من أكبر متاحف تونس ويضمّ مجموعات نادرة من لوحات الفسيفساء، أُغلق للصيانة والتهيئة، بحسب وزارة الثقافة التونسية.

ويحتوي المتحف الذي أُنشئ في العام 1888 والواقع في قصر يعود إلى القرن التاسع عشر، على آلاف لوحات الفسيفساء الرومانية التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد ويعد مقصدا مهما للسياح وللباحثين.

تم إغلاق أبواب المتحف المتاخم لمقر مجلس النواب منذ العام 2021 الذي يوافق تاريخ قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد تجميد أعمال البرلمان وحله لاحقا وتولي السلطات التنفيذية.

وربط معارضون بين الاغلاق وكون المعلم ملاصق للبرلمان التونسي الذي جرى إغلاقه وطوّق من قبل قوات الأمن التونسي والجيش حتى لا يتمكن أعضاء البرلمان المنحل من الوصول إليه، ممّا أدى إلى استحالة وصول الزوار إلى المتحف.

ووقع أكاديميون ومثقفون عريضة موفى شهر أغسطس آب/اغسطس، طالبوا فيها بإعادة فتح أبواب المتحف الوطني بباردو المغلق منذ أكثر سنتين.

لكن وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي، قالت الأربعاء، في بلاغ صادر عن وزارتها، أنّ سبب الإغلاق يعود إلى أعمال صيانة وتوسعة قامت بها الوزارة لهذا المعلم التاريخي، باعتبار أن مبنى المتحف هو قصر يعود إلى أحد حكام العائلة الحسينية التي حكمت تونس من 1805 إلى 1957.

وكانت وزارة الثقافة عرضت صورا ومقاطع فيديو لعمليات التهيئة الجديدة.

وبينت وزارة الثقافة أنّ التغييرات التي أدخلت على المتحف شملت ترميم 29 قطعة فسيفساء ومنحوتتين و3 نقوش في قاعة أوذنة، وصيانة 22 لوحة فسيفساء مختلفة الأحجام بقاعة ألتيبيروس بالطابق الأول. كما تم ترميم 13 قطعة فسيفساء ورفع هيكل إضاءة كان مخصصاً للمعارض المؤقتة بقاعة سوسة.

وشهد المتحف الوطني، ايضا مجموعة من التغييرات في طريقة العرض المتحفي، فعرضت في البهو الرئيسي لوحة فسيفسائية لجزر ومدن البحر الأبيض المتوسط، وهي لوحة تم اكتشافها في منطقة حيدرة من محافظة القصرين في شتاء العام 1995.

كذلك، عرضت منحوتة كونكورد آلهة السلام، بجانب النصب التذكاري لضحايا حادثة باردو الذين سقطوا بعد العملية الإرهابية التي شهدها المتحف في 18 مارس/ آذار 2015 كمركز سلام وتسامح للإنسانية جمعاء.

غيّرت كل محتويات قاعة القيروان بالجناح الإسلامي، فضلاً عن إضافة منحوتة لرجل يرتدي ثوباً ملفوفاً من معبد ساتورنوس ونقيشة جنائزية للمربية كورناليا فورتوناتا بقاعة دقة.

وانتهى العمل في قاعة الصهاريج (التوابيت) للعالم الجنائزي الوثني والمسيحي للفترة الرومانية وإضافة 9 قطع أثرية، كما تم عرض لوحة فسيفسائية تمثّل انتصار ديونيسوس إله الكروم والنباتات والخصوبة.

كما شهد باردو استحداث واجهات لعرض فخار، وإحداث قاعة جديدة للرق الأزرق، وهو مصحف معروف يمثل جزءاً من مجموعة ضخمة من المخطوطات.

وقالت مديرة المتحف فاطمة نايت يغيل في تصريح "تم توسيع مساحات كثيرة، مما أتاح إعادة عرض مجموعات المتحف وقطع أخرى"، مبديةً اعتزازها بـ"العمل المنجز".

وأشارت إلى أنّ عناصر من وحدتي الحماية المدنية والشرطة انتشروا في محيط المتحف لـ"ضمان سلامة" الزوار.

وبعد ساعة من إعادة فتح أبوابه، استقبل المتحف نحو مئة زائر بينهم عدد كبير من السياح.

وشهد مبنى المتحف الموجود في منطقة باردو بالعاصمة في العام 2015 هجوما لمتشددين قتلوا أكثر من عشرين ما بين سياح أجانب ورجال أمن.

ويعتبر المتحف الوطني بباردو ثاني أقدم متحف في إفريقيا بعد المتحف المصري، واكتسب شهرة عالمية بفضل مجموعة الفسيفساء التي يمتلكها والتي تعدّ الأكثر تنوّعا في العالم، فضلا عن ثراء مقتنياته فهو يعيد كتابة جزء كبير من تاريخ البلاد التونسية من فترة ما قبل التاريخ إلى الفترة المعاصرة وذلك عبر مجموعاته المختلفة.