الخلافات تتعمق داخل النهضة بانسحاب أحد قادتها البارزين

لطفي زيتون المستشار السياسي السابق للغنوشي يعلن استقالته من كل هياكل الحزب ونيته تكوين حزب جديد.
تصاعد المخاوف من امكانية انقسام حزب النهضة بسبب الخلافات الداخلية
زيتون يؤكد ان النهضة مهتمة بخلافات جزئية بعيدا عن هموم الشعب
لطفي زيتون يتهم قادة النهضة بتجاهل المخاطر التي تواجه التجربة التونسية

تونس - أعلن القيادي البارز في حركة النهضة ووزير الشؤون المحلية والبيئة السابق لطفي زيتون انه قرر الانسحاب من كل مؤسسات الحركة وذلك بعد أيام من إعلانه الاستقالة من مجلس الشورى.
وقال زيتون في حوار عبر اذاعة " شمس" الخاصة اليوم الاثنين انه يفكر في تأسيس حزب جديد في المستقبل وانه ينوي خوض تجربة سياسية بطريقة مغايرة.
ورغم ان زيتون لم يتحدث عن قطيعة تامة مع النهضة لكن حديثه عن نيته تشكيل حزب جديد وانسحابه من كل الهياكل يفهم منه ان سيغادر الحركة لتجربة أخرى.
ويعتبر لطفي زيتون من القيادات البارزة والتاريخية لحركة النهضة وكان منفيا في بريطانيا لسنوات وعاد بعد الثورة حيث ربطته علاقة قوية براشد الغنوشي وكان مستشاره الشخصي في فترة معينة بل واعتبر صندوق أسرار زعيم النهضة قبل ان يبدي نوعا من المعارضة لسياساتها في الآونة الأخيرة.
ووجه زيتون انتقادات حادة للنهضة ولطريقة تسييرها للدولة مع تصاعد الازمات الاقتصادية والاجتماعية والصراع السياسي المحتدم قائلا "ان البلاد في منعرج خطير لكن الحركة مهتمة بمشاكل جزئية لا تخص الشعب".

وقال زيتون "المكاسب أصبحت مهددة منها حرية التعبير والديمقراطية لكن قيادات في النهضة مشكلتهم الرئيسية اليوم من سيحكم الحركة ويبسط نفوذه".
وقال زيتون " "لا يرى في النهضة المكان الطبيعي الذي سيقدم بالبلاد بهذا الشكل" معترفا بأنهم ارتكبوا عدة أخطاء سياسية بينها إضاعة فرصة حكومة الحبيب الجملي بسبب سوء اختيار شخصية قادرة على قيادة البلاد في مراحل حرجة اضافة الى العمل على الإطاحة بحكومة الياس الفخفاخ".
وتحدث زيتون عن الخلافات داخل النهضة سواء السياسية او الفكرية  قائلا " كنا نريد تخليص الدين من الصراع السياسي لكنه أصبح جزء من الصراع التنظيمي".
ويزيد قرار زيتون بانسحابه من هياكل النهضة من تعمق الازمة الداخلية في حركة النهضة عقب اصرار راشد الغنوشي على التمديد كرئيس للحركة في تجاوز للنظام الداخلي وتجاهل لمجموعة من القيادات المطالبة باحترام الديمقراطية.

كنا نريد تخليص الدين من الصراع السياسي لكنه أصبح جزءا من الصراع التنظيمي

وقال القيادي في النهضة زبير الشهودي في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية الثلاثاء ان القيادات المعارضة للتمديد للغنوشي ستلجا الى كل الوسائل النضالية والديمقراطية بما في ذلك التوجه الى القضاء في حال تغيير القانون الأساسي للحركة.
واكد الشهودي ان القيادات الرافضة للتمديد للغنوشي لهم وزنهم في صلب الهياكل الرئيسية للحركة بما في ذلك مجلس شورتها ومكتبها التنفيذي اضافة الى كتلة الحزب البرلمانية.
وعبر الشهودي عن رفضه لمبادرة أطلقتها اطراف مقربة من الغنوشي على غرار صهره رفيق عبدالسلام ورئيس مجلس الشورى عبدالكريم الهاروني لتخفيف الأزمة قائلا بانها ولدت " ميتة".
وكان كل من الهاروني ورفيق عبدالسلام طرحا مبادرة الاسبوع الماضي تتمثل في الدعوة إلى تأجيل موعد مؤتمر النهضة والى المحافظة على موقع راشد الغنوشي كزعيم للحركة بغضّ النظر عن رئيس الحزب الذي سيتم انتخابه خلال المؤتمر المفترض عقده.
وبرر القياديان موقفهما بان الخطوة تهدف الى ضمان تماسك الحركة وعدم تعريضها إلى الانقسام.
وكان راشد الغنوشي قلل من تداعيات الأزمة في تصريح له قبل اسبوعين قائلا ان "الحديث سابق لأوانه بخصوص بقائه على راس الحركة وانه بصدد الإعداد للمؤتمر الذي سيحسم في كل القضايا بما في ذلك مسألة الترشح".
والخلاف قائم داخل الحزب مع اعتراض قيادات في الحركة تعرف بمجموعة الـ100 لترشيح الغنوشي الذي يتزعم الحركة منذ تأسيسها قبل نحو 50 عاما، من أجل ولاية جديدة وسط مخاوف من انقسام الحزب.
ووجهت المجموعة المعارضة رسالة إلى الغنوشي تطالب من خلالها بعدم التجديد لولاية جديدة وبإصلاحات ديمقراطية داخل الحركة، وهي الرسالة الثانية في خلال شهر.
ورد الغنوشي على الرسالة بخطاب قوي اللهجة حيث وصف القيادات بانهم "عساكر الليل" مضيفا "بان الزعماء جلودهم خشنة، يتحملون الصدمات، ويستوعبون تقلبات الزمان، ويقاومون عامل التهرئة".
وينص النظام الداخلي للحزب أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحزب لأكثر من دورتين متتاليتين. ويتفرغ رئيس الحزب فور انتخابه لمهامه".
ويجمع الغنوشي حتى الآن بين رئاسة الحزب ومنصب رئاسة البرلمان الذي يشغله منذ فوز حزبه بالانتخابات التشريعية الأخيرة في 2019 .
وليس واضحا ما إذا كان الحزب الذي بدأ أولى مؤتمراته العلنية بعد ثورة 2011 سيلتزم بما ينص عليه النظام الداخلي أو اللجوء إلى تعديله لفسح المجال للتمديد لرئاسة الغنوشي مع تصاعد الخلاف.