الخليج وأوروبا يعززان التعاون الدفاعي في مواجهة تصعيد إيراني

تعزيز الحوار الأمني والدفاعي بين الخليج وأوروبا يشكل خطوة استباقية لاحتواء أي تداعيات قد تترتب على صراع عسكري مفتوح في منطقة الشرق الأوسط.
مخاوف من أن يؤدي أي هجوم على إيران لردود فعل انتقامية من وكلائها في المنطقة

بروكسل - في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط توترًا متزايدًا بسبب التصعيد حول الملف النووي الإيراني، والتهديدات الأميركية والإسرائيلية بشن هجوم محتمل على طهران، تتجه دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي نحو تعزيز شراكتهما الأمنية والدفاعية، في محاولة واضحة لاحتواء تداعيات أي تصعيد عسكري محتمل في المنطقة.
وعُقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الخميس، "الاجتماع الثاني لحوار الأمن الإقليمي بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي"، بمشاركة كبار المسؤولين من الجانبين، حيث ناقش الطرفان التحديات الأمنية الإقليمية والدولية وسبل تطوير التعاون الاستراتيجي لمواجهتها.
ووفق بيان صادر عن وزارة الخارجية القطرية، فقد ركز الاجتماع على "أهمية تكثيف التنسيق في مجالات الأمن والدفاع، وتطوير آليات تبادل الخبرات، واستكشاف فرص التعاون في مشاريع السلام والأمن على المستويين الإقليمي والدولي."

وتأتي هذه المباحثات في وقت تشهد فيه المنطقة توترًا حادًا، بعد أن أعادت إسرائيل والولايات المتحدة التلويح بالخيار العسكري ضد إيران إذا لم يتم التوصل إلى تسوية دبلوماسية بشأن برنامجها النووي. وتشير التقديرات الأمنية الغربية إلى أن طهران باتت قريبة من الوصول إلى مستويات تخصيب تسمح لها بإنتاج سلاح نووي، وهو ما يثير قلقًا كبيرًا لدى العواصم الخليجية.
ويخشى مراقبون أن يؤدي أي هجوم على إيران إلى ردود فعل انتقامية من وكلائها في المنطقة، ما قد يشعل عدة جبهات في آن واحد، خاصة في العراق ولبنان، بالإضافة إلى جبهة اليمن التي ما زالت تشهد تصعيدا مع استمرار الغارات الأميركية على مواقع الحوثيين.
ويرى محللون أن تعزيز الحوار الأمني بين الخليج وأوروبا يشكل خطوة استباقية لاحتواء أي تداعيات قد تترتب على صراع عسكري مفتوح. كما يعكس إدراكًا مشتركًا بين الطرفين لحجم المخاطر التي تتهدد استقرار المنطقة، وانعكاساتها على المصالح الأوروبية، خاصة في ملفات الطاقة، والهجرة، وأمن الملاحة البحرية.
وفي هذا السياق، قالت سفارة الكويت في بروكسل، في بيان نقلته وكالة الأنباء الكويتية، إن الاجتماع بحث "مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي."
وأضاف البيان أن الحوار تطرق أيضًا إلى التعاون في مجالات الأمن البحري، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، ونزع السلاح، والأمن السيبراني، وتطوير الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.

ويمثل هذا اللقاء استكمالًا لاجتماع سابق استضافته العاصمة السعودية الرياض في يناير/كانون الثاني 2024، كأول لقاء ضمن إطار الحوار الأمني الإقليمي المتفق عليه خلال الدورة الـ27 للمجلس الوزاري المشترك بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، والتي عقدت في أكتوبر/تشرين الاول 2023 في سلطنة عمان.
ووفق بيان سابق لمجلس التعاون الخليجي، فإن هذه الاجتماعات تستند إلى خطة عمل استراتيجية بدأ تنفيذها في عام 2022، تشمل مجموعة واسعة من القضايا الأمنية، من بينها الانتشار النووي، الصواريخ والطائرات المسيرة، الأمن البحري، الأمن السيبراني، مكافحة الإرهاب، تمويل التطرف، تهريب البشر والمخدرات، أمن الطاقة، والأمن الغذائي، والاستجابة للكوارث.
وتعكس هذه الخطة إدراكًا مشتركًا بأن التحديات الأمنية لم تعد محلية أو إقليمية فحسب، بل باتت عالمية تتطلب تعاونًا عابرًا للحدود، خاصة في ظل هشاشة النظام الأمني العالمي وتزايد الأزمات الجيوسياسية.
من الجانب الأوروبي، يُنظر إلى هذا التعاون كجزء من جهد أوسع لحماية المصالح الحيوية في منطقة الخليج، التي لا تزال تمثل مصدرًا أساسيًا للطاقة وممرًا استراتيجيًا للتجارة العالمية. كما يُعد أمن الخليج عنصرًا محوريًا في أي تصور أوروبي لأمن البحر المتوسط والجنوب الأوروبي.
ويؤكد مراقبون أن التنسيق الأمني الخليجي الأوروبي مرشح لمزيد من التوسع خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا استمرت الأزمة حول البرنامج النووي الإيراني دون حلول دبلوماسية، أو إذا تصاعدت حدة المواجهات غير المباشرة بين إيران والغرب على الأراضي العربية.