الخيارات تضيق أكثر على البشير مع تنامي الدعوات لرحيله

المشهد السوداني بتجلياته الراهنة سياسيا وميدانيا ينفتح على المزيد من الانقسامات والمواجهات مع حشد البشير لأنصاره ومع استمرار المعارضة في التعبئة لاحتجاجات أوسع شعارها "ارحل".

المعارضة السودانية تطلق أسبوع "انتفاضة المدن والقرى"
انتفاضة الخبز تتلقى سندا قويا من المعارضة
المعارضة السودانية لن تجد فرصة أفضل لتشديد الضغوط على البشير
"ارحل" شعار تنقل من تونس إلى مصر فليبيا وسوريا وصولا إلى السودان
البشير لا يملك خيارات كثيرة في مواجهة انتفاضة تزداد اتساعا

الخرطوم - يبدو أن الخيارات بدأت تضيق أمام الرئيس السوداني عمر البشير في التعامل مع مظاهرات انطلقت في 19 ديسمبر/كانون الأول من العامي الماضي احتجاجا على غلاء أسعار الخبز وندرته لتتحول سريعا إلى انتفاضة شعبية تطالبه بالرحيل عن الحكم بعد نحو ثلاثة عقود في السلطة.

ولم يعد البشير القادم للحكم بانقلاب عسكري في 1989 يملك هامش مناورة واسعة للخروج من أسوأ أزمة يواجهها نظامه على الإطلاق مع استنفاده كل السبل المتاحة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية.

ويواجه السودان أزمة مالية حادة مع شحّ في السيولة والنقد الأجنبي وارتفاع قياسي في معدل التضخم وانهيار غير مسبوق للعملة الوطنية، ما ارتدّ على الوضع العام في البلاد التي فقدت معظم مواردها خاصة منها النفطية منذ انفصال جنوب السودان في 2011.

وإزاء هذا الوضع، وجدت الحكومة السودانية نفسها في مأزق لا يبدو له نهاية مع محدودية خيارات التعامل والمعالجة.  

وفي أدنى الحالات أصبح ترشح البشير لولاية رئاسية جديدة أمرا بعيد المنال مع تنامي الدعوات لرحيله ومع حصول الانتفاضة الشعبية العفوية على دعم من أحزاب المعارضة التي يبدو بدورها أنها لن تجد فرصة أفضل لإنهاء ثلاثة عقود من حكم البشير.

وقد أعلنت أحزاب معارضة وتجمع المهنيين السودانيين الجمعة، إطلاق أسبوع أطلقوا عليه "انتفاضة المدن والقرى والأحياء" بعموم البلاد للتظاهر والاحتجاج حتى إسقاط النظام.

الاحتجاجات في السودان تكبر ككرة النار
الاحتجاجات في السودان تكبر ككرة النار

وتتجه المعارضة السودانية لاستثمار انتفاضة الخبز لتشديد الضغوط على عمر البشير، لكنها أيضا لا تملك بدائل لإنهاء الأزمة المالية ولا برامج واضحة لتحسين الوضع الاجتماعي خاصة أنها تواجه تراكمات سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية.

وبهذا الإعلان ينفتح المشهد السوداني على المزيد من التصعيد لجهة حشر النظام في الزاوية وأيضا لقطع الطريق على أي محاولات تبذلها الحكومة السودانية لتهدئة الجبهة الاجتماعية الملتهبة.

وراوح النظام السوداني منذ تفجر الاحتجاجات الشعبية تعامله مع الوضع بين العصا الغليظة لإخماد انتفاضة الخبز وبين وعود فضفاضة لامست الأزمة ولم تنجح في احتوائها.

والمشهد السوداني بتجلياته الراهنة سياسيا وميدانيا ينفتح على المزيد من الانقسامات والمواجهات في ظل حشد البشير أنصاره في مظاهرات دعم وولاء وتأييد وعلى ضوء استمرار المعارضة في التعبئة لاحتجاجات أوسع شعارها "ارحل" وهي العبارة التي استمدت زخمها من انتفاضات سابقة في دول عربية مثل تونس ومصر وليبيا والتي انتهت بسقوط أنظمتها. وهو الشعار أيضا التي تردد كثيرا في سوريا لكنّه تلاشى بفعل سند قوي سياسي وعسكري تلقاه النظام السوري من كل من روسيا وإيران.

ومن المقرر أن يشهد السودان نهاية الأسبوع الحالي احتجاجات أوسع نطاقا تحت مسمى "نسيرة الشهداء" في الخرطوم بحري وفي شمال العاصمة.

وبحسب البيان المشترك الصادر عن تحالف نداء السودان وتحالف الإجماع الوطني والتجمع الاتحادي المعارض وتجمع المهنيين السودانيين، فإن مسيرات مسائية ومواكب ستنطلق في عدد من مناطق البلاد.

ومن المقرر أيضا تسيير موكب تحت اسم "الحرية والتغيير" في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية الخميس القادم، فيما دعا البيان الشعب السوداني لمواصلة الاحتجاجات حتى "إسقاط النظام".