الدعاء يختلط بالسخط على السياسيين في كربلاء

زوار الامام الحسين يستذكرون مأساة عاشوراء ويربطونها بما يمر به العراق من فساد وظلم.
عراقيون متدينون جنبا إلى جنب مع شباب ذوي ميول ليبرالية

كربلاء (العراق) - "الله ينتقم من كل سياسي!". داخل ضريح الإمام الحسين في كربلاء في جنوب العراق، يتجمّع آلاف الزوار يندبون الحسين، ويدعون من أجل تحقيق العدالة اليوم.
ويرتدي حشود الزوار ملابس سوداء كما جرى التقليد خلال المشاركة في إحياء محرم، الشهر الأول في التقويم الإسلامي الذي قتل خلاله الحسين، حفيد النبي محمد في معركة كربلاء عام 680 ميلادي.
بالنسبة للبعض في كربلاء الواقعة على بعد 80 كيلومترا جنوب غرب بغداد، الظلم الذي لحق بالحسين، والذي ينظر إليه الشيعة على أنه إحدى أعظم مظالم التاريخ التي مضت بلا عدالة، ما زال مستمرا. ويحمل 24 رجلاً وفتى بدا الحزن على وجوههم، صوراً لبعض المتظاهرين والناشطين والصحافيين العراقيين الذين قُتلوا منذ اندلاع التظاهرات المناهضة للحكومة في تشرين الأول/أكتوبر ويرفعونها داخل المكان. فيما يرفع آخرون أعلاما عراقية الى جانب رايات محرم السوداء المطرزة باسم الحسين.
ويقف الزوار في مواجهة أضواء النيون الساطعة للضريح الرئيسي ويرددون ترانيم الحداد المعتادة خلال هذا الشهر، مع إضافات لهذه السنة: "عندما رأينا الشريف كيف يغتالونه، والمنصب الفاسد يختارونه..."، ثم يضيفون "الله ينتقم من كل سياسي!".
بين الصور المرفوعة صورة ريهام يعقوب البالغة من العمر 29 عاما، وهي ناشطة قُتلت بالرصاص الأسبوع الماضي في مدينة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط. وقدّم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التعازي لأسرة يعقوب الأسبوع الماضي، متعهدا بالانتقام لموتها.
لكن تعهدات مماثلة صدرت بعد مقتل آخرين من دون الوصول الى نتيجة.
ومنذ اندلاع التظاهرات العام الماضي في الأول من تشرين الأول/أكتوبر مع اقتراب محرم من نهايته، يشبّه المحتجون العراقيون الغاضبون على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز، أنفسهم بأتباع الحسين الذي قتل كربلاء على أيدي قوات الخليفة يزيد التي أضرمت النار في خيام أتباعه في الصحراء. ويذكرون أن قوات الأمن أحرقت خلال فترة الاحتجاجات الشعبية التي تخللتها مواجهات الخيم التي كانوا نصبوها في الساحات.
ويلازم شعار "الحسين ثورة!" الحركة الاحتجاجية.
وليس تقليد المزج بين الزيارة الدينية والمطالب الاحتجاجية جديدا في كربلاء التي نظمت لعقود مسيرات ضد المظالم.
داخل الضريح، تصل مسيرات يسير فيها عراقيون متدينون جنبا إلى جنب مع شباب ذوي ميول ليبرالية.

كم عدد المسؤولين من أتباع الجار؟ لقد أصبحوا خداما لها ويرضون على كل هذا العار

ويقول حاتم النورس، أحد المسؤولين عن موكب العباسية، وهو أقدم وأبرز موكب عزاء الى كربلاء منذ أربعينات القرن الماضي، "نحن معروفون بقافلة ثورية، ثورة مثل ثورة الإمام الحسين. نريد أن ننقل معاناة الشارع العراقي إلى العالم أجمع".
بالنسبة لعلاء الصراف الذي يشارك في ترانيم محرم منذ ما يقرب من عقدين، "الحسين يمثل النهضة ضد الظلم".
ويقول "لدينا تاريخ في كتابة الهتافات بناء على ما يريده الشارع. لقد عارضنا الغزو الأميركي والطائفية بعد عام 2003، واليوم نحن ندعم خدمات أفضل ووضع حد للفساد والحقوق للجميع".
ونزل آلاف الزوار إلى كربلاء منذ أن بدأ محرم في 21 آب/أغسطس، متجاهلين تحذيرات المسؤولين وحتى رجال الدين للبقاء في منازلهم في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.
وسجل العراق ما يقرب من 215 ألف إصابة بالفيروس وأكثر من 6600 وفاة. وحذرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي من "الارتفاع المضطرد" في الإصابات.
لكن لا شك أن القيود المرتبطة بالفيروس أدّت الى انخفاض ملحوظ في عدد الزوار مقارنة بالسنوات الأخرى عندما كان يتجمع ملايين الشيعة في المدينة المقدسة قادمين من مناطق بعيدة مثل أفغانستان أو من إيران المجاورة.
وتشير بعض لافتات المشاركين في العزاء إلى طهران التي تتعرض لانتقادات شديدة منذ بدء الحركة الاحتجاجية، لدعمها طبقة سياسية عراقية يُنظر إليها على أنها فاسدة وغير كفؤة، ولفرض نفوذها على البلاد.
وكتب على ملصق "كم عدد المسؤولين من أتباع 'الجار'؟ لقد أصبحوا خداما لها ويرضون على كل هذا العار".
وتعهد "موكب عزاء شهداء أكتوبر"، بمواصلة الدعوات حتى تحقيق العدالة.
ويقول إيهاب الوزني "سينتهي نفوذها كما ينتهي حكم كل الطغاة مهما طال الوقت".
ويضيف في إشارة الى المسؤولين العراقيين "سيأتي يومك أيضا إذا لم تنفذ مطالب الشعب العراقي".