الدول تتجه مكرهة لاعتماد الكلوروكين لكبح كورونا

تونس والمغرب يقران اعتماد دواء الكلوروكين الخاص بعلاج الملاريا ضمن تجارب سريرية لعلاج المصابين بفيروس كورونا.

تونس - قالت السلطات التونسية إن أطباء في البلاد شرعوا أمس الثلاثاء في استخدام دواء الكلوروكين الخاص بعلاج الملاريا مع أدوية أخرى ضمن تجارب سريرية لعلاج المصابين بفيروس كورونا.
وقال شكري حمودة، المدير العام للرعاية الصحية الأساسية (حكومية تابعة لوزارة الصحة)، إن مجموعة من العلماء والباحثين في تونس ضبطوا طريقة استخدام عقار الكلوروكين مع إضافة أدوية أخرى له، في إطار علاج المصابين بفيروس كورونا".
وأضاف حمودة، للوكالة التونسية للأنباء أن إجراء أولى التجارب السريرية في تونس ينطبق مع ما قامت به بلدان متقدمة، ضمن مكافحة الوباء.

وبدأت دول منها فرنسا والجزائر ونيجيريا والمغرب تجارب على الكلوروكين، في ظل تشديد خبراء في مجال الصحة على ضرورة إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث قبل التصريح به كدواء لمصابين بالفيروس.
وأوضح حمودة أنه يتم إجراء التجارب السريرية في تونس بالتنسيق مع كل من المخبر الوطني لمراقبة الأدوية، والمركز الوطني لليقظة الدوائية، والهيئة الوطنية للتقييم والجودة والاعتماد بوزارة الصحة.
وتابع أن الإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية اقتنت الكميات اللازمة من الكلوروكين، بفضل الدعم الكامل التي تم توفيره من جانب كل من الصيدلية المركزية والبنك المركزي.
وسجلت تونس 114 إصابة بكورونا، بينها 4 حالات وفاة وتعافي حالة وحيدة.

وفي المغرب أكدت وزارة الصحة أن الترخيص باستخدام الكلوروكين جاء بعد اتفاق مع اللجنة التقنية والعلمية للبرنامج الوطني للوقاية ومراقبة الانفلونزا بالمملكة، وكشفت عن المجهودات التي بذلتها من أجل ضمان توفير هذه الأدوية، وإقرار التدابير لاستخدامها لفائدة المصابين بفيروس كورونا المستجد.

وشددت الوزارة على ضرورة احترام تدابير محكمة، وباستخدامه في جميع المستشفيات بالمغربية كعلاج لفائدة المصابين بفيروس كورونا الذي أصيب به 170 شخص وتوفي 5 مصابون فيما تم علاج 6 حالات في المغرب.

ال


وتجد عدة دول انتشر فيها فيروس كورونا المستجد صعوبة في اتخاذ قرار يطالب به علماء وأطباء لاعتماد العلاج الذي يستخدم ضد الملاريا بصفة مؤقتة بعد أن أظهر فعالية ضد الفيروس التاجي الذي لازال يحصد أرواح الآلاف، لكن التخوف من أضراره المحتملة يدفعها إما إلى التريث أو المجازفة أمام هول الكارثة التي يمر بها العالم.

وتعرض مدير معهد المتوسط للعدوى في مرسيليا ديدييه راؤول، لانتقادات كبيرة في فرنسا لا سيما من قبل مجموعة "فيك ميد" التي تضم علماء يحاربون المعلومات الكاذبة في المجال الصحي، بعد أن أكد أن دواء الكلوروكين الموصوف للملاريا، أبدى فعالية ضد فيروس كورونا وتم اعتماده في مستشفى المدينة الواقعة جنوب البلاد في خطوة مخالفة تحذيرات السلطة.

ورغم اختباره في الصين في فبراير الماضي وفي مرسيليا منذ أيام بعد أن أصبحت أوروبا كلها مهددة بفيروس كورونا على إثر وفاة الآلاف من المصابين به، فتحت السلطات الفرنسية الباب لاستخدامه فقط في "الحالات الأكثر خطورة"، وفقا لتوصيات المجلس الأعلى للصحة في البلاد.

ويفسر الخبراء الذي انتقدوا ما يقترحه راؤول وهو واحد من 11 عضوا في المجلس العلمي لدى الحكومة الفرنسية، بقلة عدد من أجري عليهم اختبار مادة الكلوروكين التي تعد حاليا جزء من تجربة سريرية أوروبية واسعة لإثبات نجاعتها والحد من أثاره الغير مرغوب فيها إلى حين اكتشاف علاج جديد.

وعقار كلوروكين دواء متدني الكلفة يستخدم منذ عقود في معالجة الملاريا وأمراض جهاز المناعة، وتم اعتماده منذ حوالي سبعة عقود، وينصح باستخدامه كثيرا عند الذهاب إلى المناطق الموبوءة بطفيلي الملاريا الذي ينتقل عن طريق البعوض.

وأظهرت دراسة صينية نشرت في منتصف شباط/فبراير أن تجربة سريرية جرت في عشرة مستشفيات أعطت نتائج واعدة مع اختبارات شملت أكثر من مئة مريض في الصين حيث ظهر كورونا أول مرة.

وقال الباحثون الصينيون إن "النتائج التي تم الحصول عليها حتى الآن على أكثر من مئة مريض، أظهرت أن فوسفات الكلوروكين كان أكثر فعالية من العلاج الذي تلقته مجموعة أخرى للمقارنة، وذلك في احتواء تطور الالتهاب الرئوي، وفي تحسين حالة الرئتين، وفي إعادة المريض سلبيا، وفي تقصير مدة المرض".

لكن الدراسة رغم النتائج الإيجابية الموجزة للغاية نشرت دون التحقق من صحتها من قبل لجنة من الخبراء العلميين وهو ما جعل خبراء يقللون من نجاعتها.

المختص الفرنسي ديدي راؤول يخالف رأي السلطات
المختص الفرنسي ديدي راؤول يخالف رأي السلطات

وتجري عدة تجارب حاليا ولا سيما في الولايات المتحدة وفرنسا، لتأكيد أو نفي هذه الفرضيات والتحقق من الآثار الجانبية المحتملة لاستخدام الكلوروكين في معالجة المصابين بوباء كوفيد-19.

كما أعلنت مختبرات أخرى منها "سانوفي" الفرنسية و"تيفا" الإسرائيلية عزمها على توفير مخزون من عقار "هيدروكسي كلوروكين".

وسارع الطبيب الفرنسي المتخصص في الأمراض المعدية ديدي راؤول في اعتماد الدراسة الصينية وترأس تجربة في مستشفى تيمون على 24 مريضا بكوفيد-19، لتظهر "نتائج مذهلة".

وقال راؤول "نحن نعلم بالفعل أن الكلوروكين كان فعالا في المختبر ضد هذا الفيروس الجديد، وهذا ما أكده التقييم السريري الذي أجري في الصين".
وأضاف أن "هذا العلاج لا يكلف شيئا"، مشيرا إلى أنه "في نهاية المطاف، ربما يكون هذا المرض الأبسط والأرخص علاجا من بين جميع أنواع الأمراض الفيروسية".

وقال رئيس قسم المرضى المعدين في المستشفى الجامعي المتوسطي فيليب بارولا عن التجربة "بعد ستة أيام، لم يكن لدى أي منهم فيروس قابل للكشف"، ووصفت الحكومة هذه التجارب السريرية بأنها "واعدة".

من جهته أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستخدام الكلوروكين لعلاج كورونا، قائلا في مؤتمر صحفي "ليس لدينا ما نخسره. أعتقد أنه يمكن أن يكون مغيرا للعبة، أو ربما لا".

وأوضح أن هذا الدواء سيكون متاحا "على الفور تقريبا".
لكن نفس المخاوف بدت على الخبراء في الولايات المتحدة وأوضحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن الكلوروكين لم تتم الموافقة عليه ضد الوباء الحالي في تعارض مع ما أعلنه ترامب، ولكن مديرها ستيفن هان قال إنها ستقيم "تجربة سريرية ممتدة".

وأشار إلى أنه إن كانت الهيئة على استعداد "لإزالة الحواجز" من أجل تسريع الابتكارات، إلا أنها تتحمل في المقابل "المسؤولية" لـ"ضمان سلامة المنتوجات وفعاليتها".

العالم يقاوم الفيروس الغامض
العالم يقاوم الفيروس الغامض

وقال أنطوني فاوتشي خبير الأمراض المعدية المعروف عالمياً إن الدراسات حول استخدام الكلوروكين "لاتزال ضئيلة".

ويتشارك هذا الاختصاصي في علم المناعة ذو النبرة الهادئة، بشكل يومي تقريباً مع ترامب مؤتمراً صحافياً للتحدث عن عملية الاستجابة للأزمة بشأن كورونا.

وأكد في مقابلة نشرتها الأحد مجلة "ساينس ماغازين"، "أنا لست مختلفاً (مع الرئيس) في الجوهر".

وأضاف أن الرئيس "يعبّر بطريقة ما كنت لأختارها، لأنها يمكن أن تخلق سوء فهم للوقائع".

وبعد تحدث ترامب عن استخدام الكلوروكين الواعدة ضد كورونا أعلن عن وفاة أشخاص تناولوا العقار دون استشارات طبية ما اضطر السلطات إلى التحذير من استخدامه.

وأعلنت شركة "بانر هيلث" للرعاية الصحية عن وفاة رجل في منطقة فينيكس في ولاية أريزونا الأميركية، وزوجته تحت الرعاية الطبية، بعد أن تناول الثنائي فوسفات الكلوروكين، للعلاج من فيروس كورونا.

وفي الكويت سحبت وزارة الصحة الثلاثاء جميع الأدوية التي تحتوي على مادة الكلوروكين من الصيدليات الخاصة لمنع سوء استخدامها أو احتكارها في إطار جهودها لمكافحة انتشار فيروس كورونا.

وقال وكيل وزارة الصحية لشؤون الرقابة الدوائية والغذائية عبدالله البدر في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكويتية ((كونا)، إن القرار جاء حرصا من الوزارة على إحكام الرقابة على صرف وتداول الأدوية وحفاظا على صحة المرضى.

وفي نيجيريا، أصدر مسؤولو الصحة تحذيراً بشأن استخدام الكلوروكين، إذ أوضحوا أن ثلاثة أشخاص في البلاد تناولوا جرعة زائدة من الدواء بعد أن أقرّ ترامب به كعلاج محتمل.

وحسب جان بول جيرو الذي يعد أحد أشهر المتخصصين في علم الصيدلة وعضو الأكاديمية الفرنسية للطب، فإن آثار الكلوروكين يمكن أن تظهر في شكل "اضطرابات في الجهاز المناعي والمغص المعوي والغثيان والتقيؤ ومشاكل الكبد، وحتى الدم".

ويقول فرانسوا مينين طبيب الصيدلة والاختصاصي بالصحة العامة في فرنسا إن هذا العقار المضاد للملاريا يمكن أن يكون "خطيرا للغاية في حالة الجرعة الزائدة".

والجمعة، أبدى مختبر نوفارتيس السويسري استعداده لتقديم ما يصل إلى 130 مليون جرعة من عقار كلوروكين.

وأعلنت مجموعة نوفارتيس في بيان "تعهدها بتزويد ما يصل إلى 130 مليون جرعة من 200 ملغ بحلول نهاية أيار/مايو بعد أن تكون سلطات الرقابة أعطت موافقتها على استخدام (العقار) لمعالجة المصابين بوباء كوفيد-19".

وقالت إنها ستطلب التراخيص من "إدارة الغذاء والدواء"، الهيئة الفدرالية الأميركية المشرفة على سلامة الأطعمة وتسويق الأدوية في الولايات المتحدة، مع ضمان "وصول واسع النطاق للمرضى الذين سيكونون بأمس الحاجة إلى هذا الدواء في العالم" ولا سيما لدى منظمة الصحة العالمية.

يذكر أن منظمة الصحة العالمية قالت إنه لا يوجد حتى الآن دليل قاطع على فعالية الكلوروكين، لكنه جزء من التجارب المستمرة لإيجاد علاج لكورونا.

وحتى ظهر الأربعاء، أصاب كورونا أكثر من 428 ألف شخص بالعالم، توفي منهم ما يزيد على 19 ألفا، فيما تعافى أكثر من 109 آلاف.

وأجبر انتشار الفيروس دولًا عديدة على إغلاق حدودها، تعليق الرحلات الجوية، فرض حظر التجول، تعطيل الدراسة، إلغاء فعاليات عديدة، منع التجمعات العامة، وإغلاق المساجد والكنائس.