الذكاء الاصطناعي يطارد مهنة النجوم في السينما

ديزني تستعيض عن جيمس إيرل في شخصية الشرير بسلسلة حرب النجوم ببرنامج بوسعه اعادة انتاج حوارات جديدة اعتمادا على الأرشيف.

واشنطن – تتجدد المخاوف من الذكاء الاصطناعي مع كل خطوة جديدة تقطعها هذه التكنولوجيا، ونطرح استعاضة ديزني عن واحد من ابرز ممثلي سلسلة ستار وورز، اسئلة حقيقية عن حدود الدور المتنامي الذي يمكن ان تلعبه التقنية في صناعة السينما.

وبعد 45 عاماً من تسجيل أصوات واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في تاريخ السينما، ودّع جيمس إيرل جونز شخصيّة  الشرير دارث فيدر، حين أخبر الممثّل الأسطوري البالغ من العمر 91 عاماً "ديزني" مؤخّراً أنّه "يفكّر في إنهاء هذه الشخصية الخاصّة".

أجبر ذلك الشركة على إيجاد بديل لجونز، وكانت الإجابة التي استقرّت عليها "ديزني" في النهاية، مع موافقة الممثّل، برنامجاً للذكاء الاصطناعي.

واستعانت "ديزني" بـ"Respeecher"، شركة أوكرانيّة ناشئة تستخدم التسجيلات الأرشيفية و"خوارزمية ذكاء اصطناعي" لإنشاء حوار جديد يعرض أصوات الفنانين. وفي حالة جونز، عملت الشركة مع "Lucasfilm" لإعادة إنشاء صوته كما بدا عندما سمعه جمهور السينما لأول مرة في عام 1977.

ووفقًا لـ"إن غادجت"، كان جونز قد وقّع على موافقة لتستخدم "ديزني" تسجيلات صوته وبرنامج الذكاء الاصطناعي "لإبقاء فايدر على قيد الحياة".

من المرجّح أن يثير قرار ديزني باستخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بذلك الخلافات حول كيفية استخدام هذه التكنولوجيا في المجالات الإبداعية.

وعلى سبيل المثال، حظرت "Getty Images" مؤخّراً الفن الذي أُنشئ بواسطة الذكاء الاصطناعي بسبب مخاوف بشأن حقوق النشر.

 وهناك الكثير من الطرق الاخرة التي يمكن من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما من الألف إلى الياء، أي في مراحل ما قبل الإنتاج وأثناء الإنتاج وحتى مرحلة ما بعد الإنتاج.

يكتسب استخدام نظم الذكاء الاصطناعي لكتابة البرامج النصية أهمية في هوليوود، بات من الممكن استخدام خوارزميات التعلم الآلي لتأليف نصوص جديدة أو كتابة ملخص وأسماء الشخصيات للأفلام التي تم إصدارها بالفعل. لتأليف نص (سيناريو) جديد، يتم تغذية خوارزمية التعلم الآلي بأطنان من البيانات في شكل سيناريوهات أفلام متعددة أو على الأقل رواية ما مطلوب تكييفها لتصبح سيناريو فيلم سينمائي. ويمكن أن يتم إعداد خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكنها تأليف سيناريو جديد مستمد من بيانات مخزنة على الكمبيوتر بتوظيف تقنية التعلم من البيانات. كما يمكن تحليل مضمون رواية وفهمه وتحويله إلى سيناريو بنسخة خاصة يتم المزج فيه بين أحداث مهمة في الرواية الأصلية وأخرى يتم إضافتها بواسطة صناع الفيلم السينمائي.

كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سيناريو سيتم تحويله إلى فيلم سينمائي، من خلال طرح أسئلة حول مدى تناسق وتسلسل الأحداث وتفاعل الشخصيات بل والجدوى من سرد بعض الجمل على لسان أبطال العمل الفني، على سبيل المثال، "لماذا قال الممثل هذا الحوار في هذه اللحظة؟" أو "لماذا تم إدراج هذا المشهد في هذا التوقيت من التسلسل الدرامي؟". ومن المرجح أن كافة هذه الاستخدامات أو بعض منها يمكن أن يساعد صانعي الأفلام في إنتاج أعمال وفقًا لأعلى المعايير.

ويعلم المتخصصون في صناعة السينما أن مرحلة ما قبل الإنتاج مهمة صعبة. وتتضمن أعمال استكشاف مواقع التصوير واختيار الممثلين ومهام أخرى مثل التخطيط لجدولة التصوير. يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تبسيط العمليات المتضمنة في مرحلة ما قبل الإنتاج. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تخطيط الجداول الزمنية للقطات ومهام ما قبل الإنتاج الأخرى. ويمكن لخوارزمية ذكاء اصطناعي تحليل التواريخ المتاحة لمختلف الجهات الفاعلة وتخطيط الجدول الزمني وفقًا لذلك. وبالتالي، يمكن تخطيط جدول تصوير الفيلم لضمان أقصى قدر من الكفاءة وبأقل الجهد والتكاليف المادية.

نظرًا لأن تقنية الذكاء الاصطناعي يمكنها فهم النصوص والسيناريوهات، فيمكنها أيضًا التعرف على المواقع الموضحة فيها، ومن ثم اقتراح مواقع للتصوير في العالم الحقيقي حيث يمكن للمخرجين تحقيق أفضل اللقطات والمشاهد فيها. وستسهم أيضًا في توفير الكثير من الوقت الذي يتم قضاءه في استكشاف المواقع وتصويرها فوتوغرافي للحكم على ما إذا كانت تناسب العمل الفني أم لا.

ويمكن أيضا أن يتم الاستفادة من التكنولوجيا لأغراض مساعدة المنتجين والمخرجين على حسن اختيار الممثلين في العمل الفني، من خلال خوارزميات تحليل الأداء السابق للممثلين. ويمكن أيضًا أن تحدد الأدوار والشخصيات التي يمكن أن يحقق فيها الممثل نجاحًا كبيرًا بناء على مخزون من البيانات التي تتضمن كافة أعماله السابقة. وبالطبع، يستطيع منتج العمل الفني أن يوظف الذكاء الاصطناعي لتخطيط حملاته الترويجية والتسويقية التمهيدية وفقًا لكل ما تضمنته مرحلة ما قبل الإنتاج.

لا يقتصر اختيار الممثلين بمساعدة الذكاء الاصطناعي على مرحلة ما قبل الإنتاج. يمكن استخدام التكنولوجيا لإضافة ممثلين في الأفلام رقميًا. يمكن تغذية الخوارزمية بأطنان من البيانات التي تصف ملامح وجه الممثلين في عواطف مختلفة. يمكن أن تكون البيانات مفيدة بعد ذلك في عمل رسم لوجه رقمي للممثل على جسد مزدوج، مع الحفاظ على تعبيرات الممثل الأصلية. أثبتت هذه التقنية أنها مفيدة في تصوير مشاهد الممثلين بعد وفاتهم. ويمكن أيضًا الاستفادة من التكنولوجيا لإنشاء شخصيات رقمية أو لتعريف الممثلين، الذين عملوا منذ فترة طويلة من الزمن. وبالتالي، ستضع تلك التطبيقات نهاية لمسألة اختيار ممثلين متعددين لأداء دور نفس الشخصية في مراحل عمرية مختلفة، علاوة على أنه يحتفظ بأصالة الشخصية حيث يلعب نفس الممثل الدور في كل مراحله العمرية.

يُحدث الذكاء الاصطناعي بالفعل ثورة في عالم التلحين والموسيقى، ويمكن دمجه في المقطوعات الموسيقية والموسيقى التصويرية المستخدمة في الأفلام السينمائية أيضًا. باستخدام التعلم المعزز، يمكن لخوارزمية الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من الألحان والتراكيب المختلفة، مع العمل على توظيف قدرات الذكاء الاصطناعي للتعرف على الأنماط في الألحان الموسيقية وتعلم تأليف أنماط تجعل الموسيقى ممتعة أو ترتبط عادةً بنوع معين.

وربما يتصور البعض أن مونتاج، أو تحرير لقطات الأفلام من مواقع مختلفة في سياق متسلسل أو انتقاء عدد من أهم اللقطات في العمل الفني لعمل مقطع ترويجي أو تشويقي هو عمل فني يقتصر على البشر فحسب. يستطيع مخرج ومونتير العمل الفني أو الفيلم السينمائي توظيف خوارزمية ذكاء اصطناعي في تجهيز مقاطع دعائية تحفز الجمهور على مشاهدة الفيلم في دور العرض.
تسمح خوارزمية الذكاء الاصطناعي بفهم مجالات الحركة العالية أو المشاعر العالية وتسليط الضوء عليها للمونتير البشري ليقوم في نهاية المطاف بإعداد المقطع الدعائي النهائي.

وبالمثل، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة مونتيرين الأفلام الطويلة، وتحديد الشخصيات الرئيسية بتقنية التعرف على الوجه والمساعدة في فرز المشاهد التي تم تصويرها وتسجيلها لتكوين القوام الأساسي الذي يتضمن الحبكة الرئيسية للفيلم لإنجاز النسخة المبدئية الأولى سريعًا.