الرئيس التونسي يلغي العمل بأغلب فصول الدستور

الجريدة الرسمية التونسية تنشر قواعد جديدة تسمح للرئيس بإصدار التشريعات بموجب مراسيم وتحديد سياسة الدولة وذلك بعد أن أعلنت الرئاسة اضطلاعه بسلطات جديدة.
قيس سعيد يلغي امتيازات ومنح نواب البرلمان المجمد ورئيسه راشد الغنوشي
سعيد يقرر مواصلة العمل بأحكام الدستور التي لا تتعارض مع التدابير الاستثنائية
الرئيس التونسي سيتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية
إجراءات الرئيس التونسي الجديدة تعبد الطريق لتغيير النظام السياسي

تونس - أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الأربعاء قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الحالي وهي الفصول التي تخص تنظيم السلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد التعديلات والإصلاحات السياسية اللازمة.

وأصدرت الرئاسة بيانا أعلنت فيه إبقاء العمل فقط على توطئة الدستور الذي صدر في 2014 والباب الأول المتعلق بالمبادئ العامة والباب الثاني المرتبط بالحقوق والحريات.

وأضافت أن رئيس الجمهورية سيتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي.

كما قرر الرئيس التونسي مواصلة تعليق جميع اختصاصات البرلمان المجمد ورفع الحصانة عن جميع نوابه وإلغاء المنح والامتيازات المسندة لجميع الأعضاء ولرئيس البرلمان راشد الغنوشي وهو أيضا رئيس حركة النهضة الإسلامية.

ومثل هذه الخطوة كانت متوقعة حيث ألمح قيس سعيد منذ توليه الرئاسة في 2019، مرارا إلى إصلاحات تحوم حول النظام السياسي والقانون الانتخابي. ومع تجميده البرلمان يكون قد مهد فعليا لإصلاحات سياسية مرتقبة.

وقال اليوم الأربعاء إنه سيحترم فقط أجزاء من الدستور لا تتعارض مع السلطات التشريعية والتنفيذية الجديدة التي سيتولاها، في قرارات أثارت معارضة فورية.

ويمسك سعيد بزمام جميع السلطات تقريبا منذ 25 يوليو/تموز عندما أقال رئيس الوزراء هشام المشيشي وعلق عمل البرلمان وتولى السلطة التنفيذية، استنادا للفصل 80 من دستور 2014 وبحالة طوارئ وطنية في تحرك وصفه خصومه بأنه "انقلاب".

والإجراءات الاستثنائية أنهت سيطرة حركة النهضة على السلطة التي تولتها قبل 10 سنوات قيادة أو مشاركة، وشهدت البلاد خلالها أسوأ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية مع استشراء الفساد في كل مؤسسات الدولة، بينما تحول البرلمان إلى حلبة صراع تخللته اعتداءات لفظية وجسدية أكثرها من قبل نواب في ائتلاف الكرامة حليف حركة النهضة وعلى مرأى ومسمع من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

وتقول مصادر من داعمي سعيد، إن قراراته الاستثنائية تهدف إلى وضع حد للعبث السياسي ولمنظومة سياسية استندت إلى لوبيات رجال الأعمال ولوبيات الفساد كأحزمة دعم، وهو ما تنفيه القوى السياسية التي كانت مشاركة في الحكم إلى جانب الاسلاميين.

وتعرض الرئيس التونسي بعد مرور أسابيع من الإجراءات الاستثنائية لضغط متزايد من المكونات السياسية الرئيسية في تونس ومن مانحين غربيين لتعيين رئيس للوزراء وتوضيح كيف يعتزم تجاوز هذه الأزمة.

ولم توضح الرئاسة كيفية عمل الإجراءات الخاصة لتقلد السلطة التشريعية والتنفيذية، لكنها قالت إن أجزاء أخرى من الدستور الحالي ستظل سارية.

وسارع زعيم حزب النهضة الإسلامي راشد الغنوشي برفض ما أعلنه سعيد اليوم الأربعاء. والنهضة هو أكبر حزب في البرلمان بغالبية ضعيفة وعضو في الحكومات الائتلافية المتعاقبة التي حكمت بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

وقال الغنوشي إن الإعلان يعني إلغاء الدستور، مضيفا أن النهضة لن تقبل ذلك. وكان حزبه قد وصف بالفعل القرارات التي اتخذها سعيد في 25 يوليو/تموز بأنها "انقلاب".

وكان مستشار سابق لسعيد قد ذكر هذا الشهر أنه يخطط لتعليق العمل بالدستور وطرح نسخة جديدة لاستفتاء عام، مما أثار رد فعل غاضبا من الاتحاد العام للشغل والقوي والأحزاب السياسية.

ونفى سعيد أن تكون لديه تطلعات استبدادية، ومؤكدا على أن تحركاته دستورية وتعهد بدعم حقوق التونسيين.

وجاء تدخله بعد سنوات من الركود الاقتصادي والشلل السياسي اللذين تفاقما بسبب الارتفاع الحاد في حالات كوفيد-19 ويوم من الاحتجاجات العنيفة وحظي بتأييد شعبي واسع النطاق.