الرئيس الصومالي يسحب الصلاحيات التنفيذية من رئيس الوزراء

الرئيس الصومالي يعلق سلطات رئيس الوزراء لعزل وتعيين المسؤولين في تصعيد للصراع في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي.
التصعيد بين روبلي وفورماجو يهدد بفتح جبهة مواجهات مسلحة في البلاد
مجموعة الأزمات الدولية تحذر الفرقاء الصوماليين من "اللعب بالنار"

مقديشو-  ازدادت الأزمة السياسية في الصومال تعقيدا بعدما أقدم الرئيس محمد عبدالله محمد )فرماجو( على سحب "السلطات التنفيذية" من رئيس الوزراء محمد حسين روبلي في فصل جديد من التوتر بين الرجلين ما يضعف البلاد التي تواجه مأزقا انتخابيا وتهديدا جهاديا.

وقال مكتب الرئيس في بيان "انتهك رئيس الوزراء الدستور الانتقالي لذا تُسحب منه صلاحياته التنفيذية (..) لا سيما صلاحية إقالة و/أو تعيين مسؤولين إلى حين إجراء الانتخابات". ليردّ رئيس الوزراء الصومالي بـ "رفضه القرار غير القانوني والذي لا أساس له" الصادر عن الرئيس والقاضي بتعليق سلطاته التنفيذية.

ويمثل الخلاف العلني بين الرئيس ورئيس الوزراء تصعيدا جديدا بعد توتر مستمر منذ شهور بينهما في بلد تمزقه هجمات المتشددين وتناحر العشائر. واتّهم فرماجو روبلي بعدم التنسيق معه وباتّخاذ قرارات غير متوافقة مع قوانين البلاد ودستورها.

والعلاقات بين الرجلين متوترة منذ أشهر عدة، وقد سجّلت مواجهتان مباشرتان بينهما في السنوات العشر الماضية على خلفية إقالات وتعيينات في مناصب أمنية حساسة.

ففي الخامس من سبتمبر أقال روبلي رئيس جهاز الأمن والاستخبارات الوطنية فهد ياسين المقّرب من الرئيس، على خلفية إدارته للتحقيق في اختفاء الموظفة في الجهاز إكرام تهليل.

لكن رئيس الدولة محمد عبدالله محمد ألغى القرار "غير الشرعي وغير الدستوري".

وبعدما اتّهم الرئيس بـ"عرقلة" التحقيق في اختفاء تهليل واعتبر أن قراراته تشكّل "تهديدا وجوديا خطيرا" للبلاد، أعلن رئيس الوزراء الأسبوع الماضي إقالة وزير الأمن وتعيين بديل له في خطوة اعتبرها الرئيس مخالفة للدستور.

وخُطفت تهليل (25 عاما) الموظفة في دائرة الأمن المعلوماتي في الوكالة الوطنية للأمن والاستخبارات (نيسا) في العاصمة مقديشو في 26 يونيو.

ومنذ ذلك الحين لم تكف عائلتها عن المطالبة بتوضيحات. وبعد صمت استمر أسابيع، قالت وكالة الاستخبارات الجمعة إن تحقيقاتها تفيد بأنه تم تسليم إكرام تهليل إلى جهاديي حركة الشباب الذين أعدموها. لكن الجماعة الجهادية نفت ذلك.

في المقابل، تسري أنباء بالأوساط الأمنية في الصومال تفيد بأن إكرام اختطفت من قبل كبار مسؤولين في وكالة الاستخبارات، بسبب معلومات حساسة بحوزتها تتعلق بملفات فساد وجرائم اقترفتها إدارة الرئيس المنتهية ولايته.

دخل مسؤولون سياسيون صوماليون على خط احتواء التوتر بين الرجلين لكن من دون جدوى.

وفرماجو الذي يشغل منصب الرئاسة منذ 2017، انتهت ولايته في الثامن من فبراير من دون أن يتمكن من الاتفاق مع قادة المناطق على تنظيم الانتخابات ما تسبب بأزمة دستورية خطرة.

وكان إعلان تمديد ولايته في منتصف ابريل الماضي لمدة عامين أدى إلى اشتباكات في مقديشو أحيت ذكريات عقود من الحرب الأهلية في البلاد بعد 1991.

وأصبح روبلي الذي تم تعيينه في سبتمبر 2020 محور الجهود السياسية منذ أن كلفه فرماجو في مايو الماضي تنظيم الانتخابات التي أدى تأجيلها إلى اشتباكات مسلحة في مقديشو.

وتوصل محمد روبلي إلى اتفاق بشأن برنامج الانتخابات على أن يجري الاقتراع الرئاسي بحلول العاشر من أكتوبر.

والأحد شدّد روبلي أمام دبلوماسيين أمميين على أن الانتخابات ستجرى وفق ما هو مقرر.

وتأخرت هذه العملية في الواقع عن البرنامج. ويفترض أن يتم تعيين أعضاء مجلس النواب، وهي الخطوة الأخيرة قبل انتخاب رئيس الدولة حسب النظام الانتخابي المعقد غير المباشر للصومال، بين الأول من أكتوبر و25 نوفمبر.

وفي تقرير أصدرته هذا الأسبوع حذّرت مجموعة الأزمات الدولية الفرقاء الصوماليين من "اللعب بالنار"، داعية "كل الأطراف إلى احتواء التصعيد".

وتابع التقرير "يتعيّن على الشركاء الدوليين أن يسمّوا علنا المعرقلين، وأن يهددوهم بعقوبات إن لم يغيّروا نهجهم وأن يعدّوا لتدابير تستهدف من يواصلون زعزعة الاستقرار".

وشددت المجموعة على "ضرورة أن يأخذ الجانبان خطوة إلى الوراء". وأضافت "بدلا من البحث بشكل مستمر عن أمور خلافية، عليهما أن يركّزا على تنظيم الانتخابات التي طال انتظارها".