الرياض المحافظة تنفتح بكل وعي على السياح الأجانب

السلطات السعودية تراهن على المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة لاستقطاب السياح، وتركز استثماراتها في قطاع الترفيه.
شارع التحلية أشبه بشارع الشانزيليزيه الشهير

الرياض- في وسط الرياض التاريخي، يسير خمسة سياح بولنديون في قصر المصمك، وهم يدركون أنهم من بين أول الأجانب الذين أتوا لزيارة المدينة المحافظة منذ أن فتحت السعودية أبوابها للسياحة.
وفي أروقة القصر الذي بني قبل أكثر من 150 سنة، سار إلى جانبهم مرشد سياحي ارتدى اللباس التقليدي الأبيض والغترة الحمراء، محاولا شرح تقاليد الضيافة العربية.
وقالت صوفيا التي ارتدت عباءة فضفاضة تركت ذراعيها مكشوفتين، "قبل المجي إلى هنا، كنت قلقة حيال الملابس التي يجب أن أرتديها والقوانين الصارمة، لكن المفاجأة كانت ايجابية".
وتدخّل زوجها اندريج قائلا "هذا أمر طبيعي، علينا أن نأخذ تقاليد (البلد) بالاعتبار"، موضحا أنّه سبق وأن زار قبل سنوات بلدا آخر في الخليج، عندما لم يتمكن من الحصول على تأشيرة سياحية سعودية.
قررت السعودية في أيلول/سبتمبر بدء اصدار تأشيرات سياحية فورية لمواطني نحو 50 دولة معظمها اوروبية، بعدما كانت التأشيرات تُمنح لرجال الأعمال والحجاج.
وعبّر المرشد السياحي متعب عبدالله الذي يدير وكالة للسفر، عن فرحته بهذا القرار، مشيرا إلى أنّه سيعمل على استقطاب السياح والتأقلم مع هذا الواقع الجديد في المملكة التي عاشت عقودا من التشدد.

السياحة
واقع جديد في السعودية

وقال إنّ السلطات "تسير بوتيرة أسرع منا (...) كونها تملك قدرات أكبر. علينا أن نستوعب وأن نفهم هذا التغيير السريع".
تشكل السياحة أحد أعمدة خطة المملكة لتنويع اقتصادها المرتهن تاريخيا للنفط.
وبينما تروّج الحملات الدعائية لمواقع أثرية وطبيعة خلابة، تراهن السلطات على المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة (غرب) لاستقطاب السياح، مركزة استثماراتها الأكبر في قطاع الترفيه.
ولا تزال تبدو العاصمة التي يبلغ عدد سكانها نحو 8 ملايين نسمة، هادئة في معظم الأيام، رغم الموسم الترفيهي السنوي الصاخب والزاخر بالفعاليات، والذي افتتح هذا الشهر بحفل ضخم غير مسبوق بدأ بأمسية للفرقة الكورية الشهيرة "بي تي أس".
وغالبا ما يقول سكان إنّ شارع التحلية الحيوي وسط المدينة أشبه بشارع الشانزيليزيه الشهير، لكن الحركة فيه لا تزال بعيدة جدا عن صخب مثيلتها الباريسية: وحدها بعض العائلات ومجموعات من الأصدقاء تملأ المطاعم.
وفي وسط الشارع الطويل، بالقرب من موقع بناء أول مترو في المدينة، تحتل لافتة مضاءة كبيرة مدخل أحد المباني: "سوهو كلوب".
تصدح الموسيقى من الداخل بينما يقوم حارس ارتدى سترة حمراء ووضع سماعة في اذنيه، بإدخال الزبائن إلى المكان، وهو يردد بأن النادي "محترم".
وفي الداخل، تتناول بعض العائلات الطعام بهدوء تام.
يقول أحد المارة أن السعوديين يؤيدون فتح الأبواب للسياح، لكن "على الأجانب احترام تقاليدنا وعاداتنا".
وفي مجتمع سعودي متغيّر، يرى مستشار التخطيط الاقتصادي عبدالله الفايز أن على الدولة الا تركز جهودها فقط على استقطاب السياح الاجانب، بل عليها أيضا أن تعمل بداية على تحسين "البنية التحتية السياحية".
وأوضح الفايز أنه يتوجب على السلطات توعية المواطنين حيال أهمية السياحة "كمورد اقتصادي وفرص للعمل".
وتابع الاقتصادي "انّها تجربة جريئة، لا يمكن التنبؤ باشكالاتها على المجتمع السعودي ومدى مقاومة المحافظين لها".
ويرى متابعون ان المدن السعودية تنفتح على توافد السياح اليها لكنها تستند في ذلك الى استراتيجية دقيقة ومحكمة مبنية على احترام عاداتها وتقاليدها العربية الاصيلة.