السجن لصحفيين أتراك كشفوا هويات عميلي مخابرات قتلا في ليبيا

محاكمة مجموعة من الصحفيين الأتراك تأتي في سياق الترهيب الذي تعتمده أجهزة أردوغان في استنساخ لسيناريو القمع الذي تعرض له صحفيون معارضون كشفوا سابقا تورط الاستخبارات التركية في تسليح متطرفين في سوريا.
أردوغان يشهر سلاح المحاكمات لكتم أصوات الإعلام المعارض
القضاء التركي يسلط عقوبات سجنية مشددة على إعلاميين معارضين
تركيا تتكتم على خسائرها في ليبيا وسوريا تفاديا لإثارة غضب الرأي العام

أنقرة - دشنت أجهزة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء فصلا جديدا من ترهيب وسائل الإعلام والصحفيين الذين كشفوا خسائر تركيا في ليبيا في استنساخ لسيناريو القمع الذي تعرض له صحفيون معارضون للنظام كانوا قد كشفوا في السنوات الماضية تورط الاستخبارات التركية في نقل أسلحة لجماعات متطرفة في سوريا.

وفي أحدث حلقة من حلقات القمع الذي يمارسه النظام التركي بحق خصومه أو من يخالفه الرأي، أعلن محام أن محكمة تركية أصدرت اليوم الأربعاء أحكاما بالسجن على خمسة صحفيين لكشفهم هويات اثنين من عملاء الأمن لقيا حتفهما في ليبيا، حيث تدعم أنقرة حكومة الوفاق في طرابلس في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

واعتمدت الاتهامات على مقالات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي نُشرت بعد وقت قصير من إعلان أردوغان في فبراير/شباط أن "عدة شهداء" سقطوا في ليبيا.

وقال محامي الدفاع جلال أولجن بعد الجلسة، إن صحفيين حكم عليهما بالسجن ثلاث سنوات وتسعة أشهر، بينما حكم على ثلاثة بالسجن أربعة أعوام وثمانية أشهر لـ"انتهاكهم قانون وكالة المخابرات الوطنية".

ونفى المتهمون الاتهامات قائلين إنهم يؤدون عملهم الصحفي. وقال أولجن "سنرفع هذا الحكم إلى محكمة الاستئناف. هذا ليس قرارا قانونيا، هذا قرار سياسي".

وقضت المحكمة بسجن باريس بهلوان مدير الأخبار بقناة 'أودا تي في' المعارضة، ثلاث سنوات وتسعة أشهر حسب ما أكد محاميه سيركان جونيل، كما سلطت العقوبة ذاتها على الصحفية هوليا كيلينش وبالسجن أربع سنوات وثماني أشهر لمراد أجيريل كاتب عمود في صحيفة 'يني تشاج' القومية.

أجهزة أردوغان تدشن فصلا جديدا من فصول قمع الحريات والترهيب
أجهزة أردوغان تدشن فصلا جديدا من فصول قمع الحريات والترهيب

والصحفيون الثلاثة معتقلون منذ مارس/اذار، فيما أُفرج في يونيو/حزيران عن ثلاثة آخرين كانوا قيد الاعتقال التحفظي، أما الصحفي الرابع فيقيم في ألمانيا وجرت محاكمته غيابيا.

وبحسب مصادر محلية وحقوقية، حكمت المحكمة على فرحات جيليك وأيدين كيسار من صحيفة 'يني ياشام' الموالية للأكراد بالسجن أربع سنوات وثمانية أشهر لكشفهما عن هويتي اثنين من أعضاء جهاز المخابرات الوطنية، فيما تمت تبرئة إرين إكينجي موظف البلدية، المتهم الثامن وباريس تيركوغلو الذي يعمل بقناة 'أودا تي في'.

وتسلط هذه المحاكمة الضوء على أساليب النظام في نشر الخوف وترهيب الخصوم وهي سياسة دأب الرئيس التركي على إتباعها منذ وصوله للسلطة لتصفية خصومه السياسيين ولكتم الأصوات المناوئة لسياساته وتدخلاته الخارجية.

وقبل جلسة المحاكمة، تظاهر عشرات الصحفيين أمام محكمة إسطنبول رافعين لافتات تندد بقمع الصحافة وتقييد الحريات الصحفية والمطالبة بإلغاء المحاكمة.

ونفت قناة 'أودا تي في' التي عرضت لقطات لجنازة ضابط المخابرات العسكرية في مقاطعة مانيسا الغربية والذي لقي حفته في ليبيا، أن تكون قد انتهكت القوانين لذكرها هوية الضابط القتيل، مشيرة إلى أن أحد نواب المعارضة كان قد ذكر اسمه في مؤتمر صحفي وبالتالي لم يعد الأمر سرّا ولا تسريبا لمعلومات حساسة.

وتحاول تركيا التكتم على قتلاها في كل من سوريا وليبيا تجنبا لاثارة الرأي العام التركي الذي ترى الغالبية العظمى فيه، أن أردوغان يخوض حروبا خدمة لأجندته وبحثا عن زعامة واهية.

لكن تقارير إعلامية ومنصات اجتماعية فضحت المستور حين كشفت عن مقتل العقيد أوكان ألتيناي ضابط الاستخبارات المتقاعد الذي تم استدعاؤه للخدمة بشكل مفاجئ للإشراف على نقل شحنات أسلحة لحكومة الوفاق الليبية، وفق ما أكده موقع 'نورديك مونيتور' السويدي في تقرير نشره في ابريل/نيسان الماضي.

وبحسب المصدر ذاته فإنه تم إرسال الضابط المتقاعد إلى ليبيا للتخلص منه لأنه كان مطلعا بشكل واسع على صلات الرئيس التركي بالجماعات المتطرفة

وقتل ألتيناي مع اثنين من الجنود الأتراك في الهجوم الذي شنه الجيش الوطني الليبي في الثامن عشر من فبراير/شباط الماضي على سفينة تركية محملة بالسلاح في ميناء طرابلس. البحري.

وكان موقع 'نورديك مونيتور' قد نقل عن مصادر قال إنها مقربة من الاستخبارات العسكرية التركية، قولها إن الضابط القتيل كان على خلافات كبيرة مع وحدة داخل الاستخبارات على صلة وثيقة بالجماعات المتطرفة في سوريا.

وإشراف المخابرات التركية على تشكيل وتدريب جماعات سورية مسلحة لم يعد خافيا وقد افتضح دورها القذر خصوصا بعد أن تولت تجنيد آلاف المرتزقة من تلك الجماعات للقتال في ليبيا.