السرطان يستقوي على مرضاه في لبنان بشح الأدوية

منذ مطلع العام 2022، اللبنانيون يجدون صعوبة في العثور على الدواء بالصيدليات حيث ينشر المرضى بمنصات التواصل الاجتماعي يومياً أسماء أدوية يحتاجونها من مسكنات الألم العادية مروراً بأدوية الأمراض العادية والمزمنة والأورام الخبيثة.

بيروت - يعيش مرضى السرطان في لبنان معاناة في توفير أدويتهم في ظل اشتداد الأزمة الاقتصادية التي ضاعفت آلامهم الجسدية والنفسية إذ بدأت أنواع عديدة من الأدوية بالنفاذ من الصيدليات.
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ نحو عامين وصنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850 لم يبق قطاع بمنأى عن تداعيات الانهيار وبينها قطاع الاستشفاء والأدوية المستوردة بمعظمها من الخارج.
وبعد قرار الحكومة اللبنانية تقليص الدعم عن الدواء ارتفعت أسعارها ما بين 10 و12 ضعفا بالإضافة إلى فقدانها من السوق.
وتعد أدوية الأمراض المزمنة حاجة ضرورية للمرضى الذين يعانون من أمراض تستوجب تناول الأدوية بشكل دائم ومنتظم.
دعم أدوية السرطان
وقال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض إن "الحكومة تسعى إلى توفير الأموال اللازمة لتأمين أدوية السرطان".
وأضاف الوزير أنه "لا يوجد هناك نية لدى الحكومة اللبنانية برفع الدعم عن هذه الأدوية".
وأردف: "نأمل أن الوعود التي حصلت عليها الحكومة اللبنانية من الدول المانحة تكون بمثابة بصيص أمل لتأمين التمويل اللازم لشراء الأدوية".
حلحلة الأزمة

الحكومة تسعى إلى توفير الأموال اللازمة لتأمين أدوية السرطان

وأشار المسؤول اللبناني إلى "حلحلة مبدئية للأزمة إذ وافق مجلس الوزراء بعد اجتماع عقده مع نقابة مستوردي الأدوية على تحويل 13 مليونا ونحو ثلاثمئة ألف دولار لاستيراد أدوية للأمراض السرطانية والمزمنة".
وأردف: "ومواد أولية لزوم الصناعة المحلية للدواء ومستلزمات طبية ضرورية وقد باشر مصرف لبنان بإجراء التحويلات المالية اللازمة".
وأبدى ثقته بـ"الانعكاس الإيجابي لهذا التطور على سوق الدواء" مؤكدا أن "ملف الدواء وتأمينه في الوقت اللازم وبالسعر المقبول للمرضى يحتل مقدمة الأولويات في وزارة الصحة".
وطمأن المرضى أن "التمويل قد أقر والوضع ذاهب إلى حل إن لم يكن هناك مفاجآت في التمويل".
واقع مأساوي
وصف رئيس "الجمعية اللبنانية لأطباء التورم الخبيث" في لبنان الدكتور نزار بيطار "الواقع الذي يعيشه مريض السرطان في لبنان بالمأساوي".
وقال إن "هناك شح كبير في الأدوية وعلاج مريض السرطان يتطلب دقة في العلاج وانتظام في المواعيد كما أن الشح الحاصل يهدد حياة المريض ويقلل نسبة الشفاء".
ودعا الوزارات إلى "ضرورة تأمين علاجات لإنقاذ المرضى لأن الجهود المبذولة مؤقتة وغير مثمرة".
وأرجع "النزيف الخارجي للجسم الطبي اللبناني لتراجع المردود المالي للأطباء جراء الأزمة الاقتصادية مما يهدد القطاع الاستشفائي".
حلول مؤقتة
الأزمة بالنسبة لثريا الحلبي (40 عاما) والتي تعاني من سرطان الثدي "لم تحل جذريا وكل حلول الحكومة هي مؤقتة وغير مجدية".
رحلة علاج ثريا بدأت منذ أغسطس/آب الماضي حيث تمكنت وزارة الصحة منذ ذاك من تأمين الدواء لها مرة واحدة فقط حسب قولها.

الجهود المبذولة مؤقتة وغير مثمرة

وأوضحت ثريا "الجمعيات في لبنان تلعب دور الدولة في تأمين الأدوية" متسائلة عن "مدى قدرة هذه الجمعيات بالاستمرار في إنقاذ حياة المرضى، وأضافت أن "مريض السرطان في لبنان لا أحد يشعر به ولا أحد يعلم وجعه ولا يوجد شيء يعطيه الدعم المعنوي الذي يجب أن يتكأ عليه ليحارب مرضه".
وبحسب تقرير نشره "المرصد العالمي للسرطان" المنبثق عن منظمة الصحة العالمية في مارس/آذار 2021 سجل لبنان 28 ألفا و764 إصابة بمرض السرطان خلال السنوات الخمس الأخيرة بينهم 11 ألفا و600 حالة عام 2020.
إلا أن أطباء لبنانيين يقولون إن عدد من يتلقون العلاج يتجاوز هذا الرقم باعتبار أن مدة علاج بعض المرضى قد تمتد لسنوات.
ومنذ مطلع العام الجاري يجد اللبنانيون صعوبة في العثور على الدواء بالصيدليات حيث ينشر المرضى بمنصات التواصل الاجتماعي يومياً أسماء أدوية يحتاجونها من مسكنات الألم العادية مروراً بأدوية الأمراض العادية والمزمنة.
وبات كثر يعتمدون على أصدقائهم وأفراد عائلاتهم في الخارج لتأمين أدويتهم بأسعار مرتفعة جدا مقارنة مع السعر المحلي المدعوم في وقت بات 78 بالمئة من اللبنانيين (من نحو 6 ملايين لبناني) يعيشون تحت خط الفقر وفق الأمم المتحدة.
ومنذ عامين يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه مع انهيار عملته المحلية (الليرة) وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى وتراجع حاد في قدرة مواطنيه الشرائية.