السعودية تبدي استعدادها مع أوبك+ لتحقيق استقرار سوق النفط

الرياض تجدد التزامها بتنفيذ التخفيضات المستهدفة للعامين المقبلين، وفق الاتفاق الأخير مع روسيا والمنتجين الآخرين من خارج منظمة الدول المصدرة للبترول.
أسعار الخام الأميركي تخرج لفترة وجيزة من المنطقة الحمراء الإيجابية
سيناتور أميركي يدعو ترامب لفرض رسوم جمركية على النفط السعودي والروسي
السعودية ربحت حتى الآن حرب أسعار النفط لكن الكلفة قد تكون عالية

الرياض - أعلنت السعودية الثلاثاء أنها مستعدة لاتخاذ كافة الإجراءات مع تحالف أوبك+ لتحقيق الاستقرار في سوق النفط، وفق بيان صادر عن مجلس الوزراء أكد أيضا أن المملكة تراقب وضع أسواق النفط.

وجاء البيان الصادر عن مجلس الوزراء في أكبر مصدر للنفط في العالم بعد يوم من انزلاق العقود الآجلة للخام الأميركي إلى المنطقة السلبية للمرة الأولى في التاريخ مع تهاوي الطلب بسبب تبعات أزمة فيروس كورونا المستجد.

وذكر بيان مجلس الوزراء أن المملكة ملتزمة مع روسيا "على تنفيذ التخفيضات المستهدفة للعامين المقبلين".

وأعلنت أوبك وحلفاؤها بما في ذلك روسيا وهي المجموعة المعروفة بأوبك+، خفضا كبيرا لإنتاج النفط يصل إلى عشرة بالمئة من الإمدادات العالمية، لكن مع إصابة أغلب الاقتصادات في أنحاء العالم بشلل شبه تام بسبب إجراءات العزل العام لمكافحة فيروس كورونا تهاوى الطلب على النفط بما يصل إلى 30 بالمئة.

وتراجعت أسعار خام القياس العالمي برنت والعقود الآجلة للنفط الأميركي تسليم يونيو/حزيران مقتربة من أدنى مستوياتها في حوالي عقدين اليوم الثلاثاء.

وهبط برنت في عقود تسليم يونيو/حزيران وهو أقرب عقد استحقاق بعد أن انتهى استحقاق مايو/أيار، إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2001 ملامسا 18.10 دولار للبرميل. وبحلول الساعة 12:57 بتوقيت غرينتش كان خام القياس العالمي منخفضا 19.4 بالمئة عند 20.62 دولار للبرميل.

وتراجعت العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ الاثنين، وسط وفرة في المعروض زادت من تفاقمها حرب الأسعار التي بدأت في مارس/اذار بين القوتين النفطيتين.

وزادت السعودية العضو في منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، إنتاج النفط إلى مستويات قياسية في مارس/اذار وابريل/نيسان وعرضت تخفيضات كبيرة ردا على رفض روسيا خفض صادراتها لرفع الأسعار.

وتسبّبت هذه الخطوة بتراجع كبير في أسواق الطاقة حيث انخفضت الأسعار إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات، في وقت كانت السعودية تستعرض قوتها المالية لتؤكد أنها على النقيض من منافسيها قادرة على تحمّل الأسعار المنخفضة لسنوات.

وأدّى اضطراب السوق في نهاية المطاف إلى عودة روسيا والمنتجين الآخرين إلى دائرة الاتفاق، ما أدى إلى صفقة تاريخية لخفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يوميا في مايو/ايار ويونيو/حزيران، لكن أسعار الخام استمرت في الانخفاض.

السعودية تؤكد مجددا التزامها باتفاق الخفض القياسي لانتاج النفط ضمن تحالف أوبك+
السعودية تؤكد مجددا التزامها باتفاق الخفض القياسي لانتاج النفط ضمن تحالف أوبك+

وقالت تشينزيا بيانكو الخبيرة في شؤون الخليج في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية "كانت الكلفة بالنسبة لسوق الطاقة ما يقرب من شهرين من أسعار النفط المنخفضة، ولكن مع أكبر صفقة لخفض الإنتاج في التاريخ، فازت السعودية في حرب أسعار النفط".

وتداركت "هناك خطر كبير من أن الصفقة ضعيفة للغاية وقد تكون أتت متأخرة، ففي ظل عدم وجود إشارة إلى أن أسعار النفط سترتفع بشكل مستدام، قد تكون الرياض أطلقت العنان لأمر لا تستطيع السيطرة عليه".

وخرجت أسعار الخام الأميركي لفترة وجيزة من المنطقة الحمراء الإيجابية الثلاثاء، لكن الانهيار يؤكد أن الضربة التي وجّهت لصناعة الطاقة ستكون طويلة الأجل.

ويلقي المشرّعون الأميركيون اللوم على السعودية حيث يهدّد الانهيار إلى دفع منتجي النفط الأميركيين إلى الإفلاس.

وقال السناتور الأميركي كيفين كرامر إن "الانخفاض الكبير يبرز سبب وجوب عدم السماح للسعودية بإغراق السوق، خصوصا بالنظر إلى ضعف طاقتنا التخزينية"، مضيفا "في الوقت الحالي، أكبر عدد من ناقلات النفط السعودية منذ سنوات في طريقها إلى شواطئنا. في ضوء المستجدات الأخيرة، أدعو الرئيس (دونالد) ترامب لمنعها من تفريغ حمولاتها في الولايات المتحدة".

دول أعضاء في أوبك بقيادة الجزائر ومنتجون من خارج المنظمة يعقدون اجتماعا عبر الهاتف لم تشارك فيه السعودية والكويت والإمارات وروسيا لبحث تنفيذ فوري لاتفاق خفض قياسي في الانتاج، فيما انتهى الاجتماع بلا نتيجة تذكر

ولدى سؤاله عن تعليق كرامر، لمح ترامب الاثنين إلى أنه يفكر في إمكان وقف شحنات النفط الخام السعودية القادمة إلى بلاده. وقال للصحافيين "لدينا بالتأكيد كثير من النفط. لذا سأنظر في ذلك".

وذهب عضو مجلس الشيوخ الأميركي الآخر جيمس إنهوف إلى أبعد من ذلك، مطالبا بفرض رسوم جمركية على النفط السعودي.

وكتب في رسالة إلى وزير التجارة الأميركي ويلبر روس "من الواضح أن السعوديين والروس يواصلون إغراق سوق النفط العالمية في ما أعتبره محاولة لسحق منتجي النفط والغاز الأميركيين والاستحواذ على حصتهم في السوق".

وتابع "أحثّكم على فرض رسوم جمركية على النفط المستورد من السعودية وروسيا، ومعاقبتهم على سلوكهم المدمر".

وتجاهلت المملكة السعودية هذه التصريحات، لكنّها أكدت الثلاثاء أنها تراقب من كثب أوضاع سوق النفط ومستعدة لاتخاذ أي اجراءات اضافية لإيجاد توازن، رغم أنها أعلنت في السابق أنها لم تعد مستعدة للعب دور "المنتج البديل" الذي يتحمل عبء استقرار الأسواق.

ويقول محللون إن انهيار الأسعار ستكون له عواقب واسعة النطاق، من تراجع الإيرادات في الاقتصادات المعتمدة على الطاقة، إلى التسبب بانكماش عالمي وإعاقة مشاريع التنقيب عن النفط.

وعقد بعض وزراء أوبك مؤتمرا عبر الهاتف اليوم الثلاثاء لمناقشة الهبوط الحاد في أسعار النفط وإجراءات إضافية محتملة لدعم السوق، لكن المؤتمر لم تشارك فيه الدول الخليجية الرئيسية وهو ما يبرز انقساما متناميا داخل المنظمة.

وانتهى الاجتماع الذي لم تشارك فيه السعودية والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك روسيا العضو في تحالف أوبك+ (من خارج المنظمة)، دون نتيجة تذكر، لكنه يشكل سابقة وخروجا عن التوافق الذي تنهجه المنظمة في ما يتعلق بعقد اجتماعاتها.

ومع انهيار الطلب بسبب أزمة فيروس كورونا، من المنتظر أن تبدأ منظمة البلدان المصدرة للبترول إلى جانب روسيا ومنتجين آخرين، يشكلون ما يعرف بمجموعة أوبك+، تنفيذ خفض للإمدادات بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا في أول مايو/أيار.

لكن الخفض القياسي في الإنتاج فشل في وقف هبوط أسعار النفط. وهوت العقود الآجلة للخام الأميركي إلى المنطقة السلبية للمرة الأولى في التاريخ وهبطت عقود خام القياسي العالمي مزيج برنت اليوم إلى 18.10 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ ديسمبر/كانون الأول 2001 .

وقال مصدر بأوبك إن عددا من وزراء المنظمة ناقشوا أثناء المؤتمر الهاتفي تنفيذ اتفاق تخفيضات النفط على الفور بدلا من أن تبدأ في أول مايو/أيار.

وأضاف المصدر قائلا "اقترحنا تنفيذا فوريا للاتفاق وعدم الانتظار حتى مايو وأيضا التوقف عن الإفراط في الإنتاج في أبريل".

وقال المصدر إن أعضاء أوبك الجزائر التي تتولى رئاسة المنظمة في 2020 ونيجيريا وفنزويلا والعراق إلى جانب قازاخستان وأذربيجان وهما منتجان خارج المنظمة، شاركوا في المؤتمر.

وقال مصدران آخران بأوبك إن السعودية والكويت ودولة الإمارات العربية وأيضا روسيا، وهى الدول التي تنفذ الجانب الأكبر من تخفيضات النفط، لم تشارك في المؤتمر، في حين انتهت المحادثات غير الرسمية بدون اتخاذ أي قرار. وسيعقد الاجتماع الموسع القادم لأوبك+ في يونيو/حزيران.