السعودية تدين اغتيال هنية في طهران

الزيارة الأولى لوزير الخارجية الإيراني بعد مقتل رئيسي للمشاركة في الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي تأتي للتأكيد على استمرار مسار التقارب مع السعودية في ظل التصعيد الحالي في المنطقة.
السعودية يمكن أن تلعب دورا لخفض التصعيد في المنطقة

الرياض - ندّدت السعودية الأربعاء باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الأسبوع الماضي في طهران باعتباره "انتهاكا صارخا" لسيادة الجمهورية الإسلامية، في أول تعليق علنيّ على الهجوم الذي نُسب إلى إسرائيل، ويتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى جدة.

وقال نائب وزير الخارجية السعودي وليد بن عبدالكريم الخريجي خلال جلسة استثنائية لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي إنّ اغتيال هنية رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق يعد انتهاكا صارخا لسيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلامتها الإقليمية وأمنها القومي … كما يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين”.

وأضاف الخريجي أن السعودية ترفض "أي اعتداء على سيادة الدول أو تدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة".

ويأتي الموقف السعودي متناغما مع مواقف عدد من الدول تتصدرها إيران التي يزور وزير خارجيتها المملكة في أول زيارة لمسؤول ايراني منذ تولي الرئيس الجديد مسعود بزشكيان منصبه خلفا للرئيس الراحل ابراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه في حادث تحطم مروحية.

ووصل وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني إلى مدينة جدة السعودية للمشاركة في الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي وفق ما أعلنته وسائل إعلام إيرانية وسعودية فيما تعتبر الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول إيراني رفيع المستوى منذ وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في سقوط مروحية ووسط مخاوف من تصعيد في المنطقة على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران.

وفي كلمته أمام الاجتماع، قال باقري "راهنا، وفي غياب أي إجراء مناسب من جانب مجلس الأمن ضد اعتداءات وانتهاكات الكيان الإسرائيلي، ليس أمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية خيار سوى استخدام حقها الأصيل في الدفاع المشروع ضد اعتداءات هذا الكيان".

وأضاف أنّ "مثل هذا الإجراء ضروري لمنع المزيد من التعديات من جانب هذا النظام على سيادة ورعايا وأراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسيتم تنفيذه في الوقت المناسب وبطريقة متناسبة".

وحمّلت منظمة التعاون الإسلامي الأربعاء إسرائيل "المسؤولية الكاملة" عن اغتيال هنية، وذكرت المنظمة التي تضم 57 بلدا في بيان ختامي بعد اجتماع استثنائي لوزراء خارجيتها في مدينة جدة السعودية على البحر الأحمر أنها "تدين بشدة اغتيال إسماعيل هنية .. وتحمل إسرائيل سلطة الاحتلال غير الشرعي، المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء الآثم" الذي اعتبرته "اعتداء خطيراً على سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلامتها الإقليمية وأمنها القومي".

وطالبت بـ"تدخل فوري وفعال من مجلس الأمن الدولي في إطار مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين".

وكانت السلطات الإيرانية قد تواصلت مع نظيرتها السعودية بعد عملية الاغتيال فيما طالبت الرياض بضبط النفس ومنع انزلاق المنطقة لحرب شاملة تكون تداعياتها مدمرة حيث لا يستبعد أن تقوم المملكة بدور هام لاحتواء الأزمة.

ورغم أن الرياض حليف استراتيجي لواشنطن وتوجد علاقات عسكرية قوية بين البلدين لكن من غير المتوقع أن يدعم الجانب السعودي أية تحركات عسكرية غربية ضد السلطات الإيرانية خاصة في الظروف الحالية وفي ظل التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق.

ووجهت واشنطن تحذيرا شديد اللهجة لإيران في حال قررت الرد عسكريا على عملية الاغتيال داخل إسرائيل كما وجهت ضاعفت من تواجدها العسكري في منطقة الشرق الأوسط من خلال ارسال قوة ضاربة وحاملة الطائرات لنكولين.

في المقابل دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كلا من إسرائيل وإيران لتجنب التصعيد حاليا محذرا من انزلاق المنطقة نحو الحرب.

وشهدت العلاقات الإيرانية السعودية تحسنا كبيرا منذ اعلان البدان في 10 مارس/آذار 2022 استئناف علاقاتهما الدبلوماسية عقب مباحثات برعاية صينية في بكين.

وقد أتى الاتفاق المفاجئ والذي رفضته الدولة العبرية بثماره بالنسبة للمملكة، إذ جنبتها إلى حد كبير تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس والاضطرابات المرتبطة بها.

وقبل اتفاق العام الماضي التاريخي، كانت علاقاتهما الثنائية مقطوعة منذ أكثر من سبع سنوات، منذ الهجمات على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران خلال الاحتجاجات على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر.

وتبذل المملكة وإيران جهودا لتعزيز التعاون في مختلف القطاعات، لكن تظل هنالك العديد من الملفات التي لا تزال عالقة خاصة بشأن دعم طهران لحركات التمرد والفصائل المسلحة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، بالإضافة إلى تهديدها لأمن الملاحة البحرية في الخليج.

لكن قرار تطبيع العلاقات ساهم في دفع جهود السلام في اليمن حيث توقف المتمردون الحوثيون عن استغلال الصراع لتوجيه هجمات صاروخية على الأراضي السعودية.

ورغم أن رئيسي وحسين عبداللهيان كانا من مهندسي تقريب وجهات النظر مع السعودية لكن يعتقد أن الرئيس الحالي مسعود بزشكيان سيواصل نفس المسار.