السعودية تعزز تعاونها مع روسيا بفتح الأبواب أمام قمحها

المؤسسة العامة للحبوب في السعودية ستُخفف مواصفات واردات القمح إلى نسبة قدرها 0.5 بالمئة اعتبارا من العطاء القادم.
تعاون جديد يسبق زيارة بوتين للسعودية في أكتوبر
اتفاقات إنتاج النفط حفزت لإجراء محادثات بشأن القمح
أول زيارة لعاهل سعودي إلى روسيا كانت للملك سلمان في 2017
أوروبا أكبر شاحن للسعودية في الشرق الأوسط ستواجه منافسة كبيرة من روسيا

الرياض/موسكو - قالت السعودية اليوم الخميس إنها ستخفض مواصفاتها للأضرار الناجمة عن الحشرات في واردات القمح اعتبارا من العطاء القادم، فاتحة الباب أمام واردات من البحر الأسود ومعززة العلاقات مع روسيا إلى ما وراء التعاون في الطاقة.

وتسعى روسيا منذ وقت طويل لدخول سوق القمح السعودية في إطار جهودها لاقتناص حصة سوقية إضافية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في أسواق القمح بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ولم يف قمح البحر الأسود في السابق بالمواصفات السعودية التي تتطلب عدم وجود أي أضرار ناتجة عن الحشرات، لكن أحمد الفارس محافظ المؤسسة العامة للحبوب قال لرويترز إن المواصفات ستُخفف إلى السماح بنسبة قدرها 0.5 بالمئة اعتبارا من العطاء القادم.

والسعودية أحد الأسواق الأخيرة في الشرق الأوسط التي لا يهيمن عليها قمح البحر الأسود، وانخفضت العقود الآجلة للقمح في يورونكست عند بدء التداولات بعد نشر التقرير، لكنها استقرت في وقت لاحق مع ارتفاع الأسعار في شيكاغو مجددا.

وللتغيير تبعات أوسع نطاقا في الوقت الذي تتقارب فيه الرياض، التي تعتبر الولايات المتحدة أهم حليف لها، مع موسكو وفي ظل زيارة يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القيام بها إلى السعودية في أكتوبر/تشرين الأول.

وقال مسؤول روسي طلب عدم نشر اسمه إن التعاون بين البلدين تعزز بفضل اتفاقات إنتاج النفط المبرمة بين أوبك ومنتجين مستقلين في الآونة الأخيرة، والتي أصبحت محفزا إضافيا لإجراء محادثات بشأن القمح.

وأضاف أن روسيا تفسر التغيير على أنه ضوء أخضر للمضي قدما وبدء التوريد.

وقال تاجر أوروبي تعقيبا على هذه التطورات "قد يكون هذا عامل تغيير، وينقل المراكز المستهدفة لأسواق القمح الألماني ودول البلطيق. بدون هذا الحق الحصري، سيتعين على القمح الألماني ومن دول البلطيق أن يضع أسواقا أخرى في الحسبان، باستهداف الجزائر على الأرجح".

حقول روسيا تدخل سوق القمح السعودية
حقول روسيا تدخل سوق القمح السعودية 

وتستبعد الجزائر عمليا القمح من مناشئ البحر الأسود بسبب انخفاض معيار الأضرار الناجمة عن الحشرات، بينما يستورد العراق بشكل رئيسي قمحه من أستراليا والولايات المتحدة وكندا.

ويقول محللون إن التحرك إشارة أخرى إلى دفء في العلاقات بين السعودية وروسيا منذ زار الملك سلمان موسكو في 2017 في أول زيارة لعاهل سعودي إلى روسيا على الرغم من أن البلدين على خلاف بشأن سوريا وإيران.

وقال الخبير الاقتصادي السعودي فضل البوعينين "هناك جانب مهم مرتبط بإعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية السعودية لتحقيق التوازن فيها. وهذا لا ينطبق على روسيا فحسب، بل دول الشرق والغرب أيضا. وأحسب أنها سياسة جديدة ينتهجها ولي العهد السعودي".

وقال جون سفاكياناكيس كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مركز الخليج للأبحاث "كان الأمر متوقعا بشكل كبير بالنظر إلى تعاون روسيا والسعودية على مدى السنوات الأربع الماضية".

وأضاف "بما أنهم اشتروا شعيرا من روسيا على أي حال، فمن المنطقي أن يشتروا قمحا مع قيامهم بتنويع خيارات الأسعار والإمدادات".

وتعاون عملاقا النفط، اللذان كان ينظر إليهما يوما على أنها متنافسان في أسواق الخام، لدعم الأسعار في الوقت الذي مارس فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا على الرياض، أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لضخ المزيد من الخام وكبح الأسعار.

كما اتفق صندوق الثروة السيادي الروسي ونظيره السعودي على الاستثمار على نحو مشترك في مشاريع في الوقت الذي يسعى فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنفيذ خطة طموحة لتنويع الاقتصاد لتقليص اعتماده على النفط.

وقال البوعينين "أعتقد أن الثقة التي بُنيت بين موسكو والرياض في المباحثات والاتفاقيات النفطية ساعدت على توسيع العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري ووضع روسيا على خارطة الاهتمام السعودي لتعزيز أهداف رؤية 2030"، مضيفا أن الأمن الغذائي هدف رئيسي.