السعودية والإمارات تدعوان لضبط النفس بعد مقتل سليماني

ولي العهد السعودي ووزير الخارجية الأميركي يبحثان سبل خفض التوتر في المنطقة على وقع تهديدات إيرانية بردّ قاس انتقاما من واشنطن لاغتيالها قائد فيلق القدس ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي.

الرياض تدعو المجتمع الدولي لتحرك يضمن الاستقرار في المنطقة
أبوظبي تشدد على ضرورة تغليب الحكمة والاتزان والحل السياسي
قلق إقليمي ودولي من تصعيد إيراني يدخل المنطقة في دوامة عنف لا يهدأ

الرياض/واشنطن - قالت وكالة الأنباء السعودية إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحث في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو سبل خفض التوتر في المنطقة وتناولت المكالمة التطورات في العراق.

وكانت وزارة الخارجية السعودية قد دعت في وقت سابق الجمعة إلى التحلي بضبط النفس لاحتواء أي تصعيد.

وطالبت السعودية والإمارات بضبط النفس وعدم التصعيد بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني في ضربة أميركية في بغداد فجر الجمعة، في عملية تثير مخاوف من نزاع مفتوح بين واشنطن وطهران.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الحكومية "مع معرفة ما يتعرض له أمن المنطقة واستقرارها من عمليات وتهديدات من قبل الميليشيات الإرهابية تتطلب إيقافها، فإن المملكة وعلى ضوء التطورات المتسارعة تدعو إلى أهمية ضبط النفس لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بما لا تحمد عقباه".

وأكّد المصدر على "وجوب اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع".

وكانت الرياض أدانت هذا الأسبوع محاولة ميليشيات مؤيّدة لإيران اقتحام السفارة الأميركية في بغداد.

وفي أبوظبي قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على حسابه بتويتر "في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة لا بد من تغليب الحكمة والاتزان وتغليب الحلول السياسية على المواجهة والتصعيد".

وتابع "القضايا التي تواجهها المنطقة معقدة ومتراكمة وتعاني من فقدان الثقة بين الأطراف والتعامل العقلاني يتطلب مقاربة هادئة وخالية من الانفعال".

وكتب المدير التنفيذي للإعلام والاتصالات الإستراتيجية في المجلس الوطني الإماراتي للإعلام الحكومي جابر اللمكي على حسابه على تويتر "إنه تصعيد كبير في مرحلة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والمنطقة غير قادرة على تحمل توترات إضافية".

وحذّرت وزارة الداخلية في البحرين التي تتهم إيران بالعمل على زعزعة استقرارها عبر تسليح وتدريب جماعات مسلحة فيها، إلى عدم التعاطي مع "حسابات التواصل الاجتماعي التي تستهدف إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي".

وقالت الوزارة في تغريدة على حسابها بتويتر إنّ السلطات ستتّخذ "الإجراءات القانونية المقررة تجاه كل من يستخدم حسابات التواصل الاجتماعي في مخالفة النظام العام".

وأعلنت في وقت لاحق "استدعاء عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إثر قيامهم بنشر رسائل قد تشكل مساسا بحفظ النظام العام".

وانتشرت صور على حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي قال أصحابها إنها لتظاهرات مندّدة بمقتل سليماني في قرى شيعية ولمواجهات مع الشرطة على خلفية هذه التظاهرات، لكن لم يكن بالإمكان التأكد من تاريخ هذه التظاهرات والموقع الذي صوّرت فيه.

وخلال الأشهر الماضية، تصاعدت التوترات بين واشنطن والرياض من جهة وطهران من جهة أخرى، بعد سلسلة هجمات على ناقلات نفط ومنشآت نفطية اتّهمت إيران بالوقوف خلفها بينها ضربة غير مسبوقة استهدفت منشأتين نفطيتين لشركة أرامكو في شرق المملكة في 14 سبتمبر/أيلول 2019 أدّت إلى توقف نحو نصف إنتاجها لأيام.

وقالت واشنطن إنّ إيران هي التي شنت الهجوم رغم تبنّيه من جانب المتمردين الحوثيين في اليمن الذين تقاتلهم السعودية والإمارات على رأس تحالف عسكري منذ مارس/آذار 2015.

ويرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط أندرياس كريغ من جامعة كينغز كولدج البريطانية أنّ أبوظبي والرياض "تشعران بقلق كبير بعد الأحداث الأخيرة في العراق وسط خشية من رد إيراني ضد القوات الأميركية المتمركزة على أراضيهما".

ونفذت الولايات المتحدة الثلاثاء ضربات جوية ضد مجموعات موالية لإيران في العراق ما أدى إلى مقتل 25 مقاتلا. وردّ أنصار قوات الحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران بمحاولة اقتحام السفارة الأميركية في بغداد.

الرياض وواشنطن اتهمتا في السابق إيران باستهدف منشأتين لأرامكو ما تسبب في توقف نصف انتاج المملكة من الخام لأيام
الرياض وواشنطن اتهمتا في السابق إيران باستهدف منشأتين لأرامكو ما تسبب في توقف نصف انتاج المملكة من الخام لأيام

وأدانت دول الخليج الهجوم على السفارة. ويرى كريغ أنّ أيا من هذه الدول لا "تريد الانجرار في دوامة التصعيد والعنف".

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الأمر باغتيال سليماني.

وكان سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، الجيش العقائدي للجمهورية الإسلامية الإيرانية وموفد بلاده إلى العراق وسوريا ولبنان للتنسيق مع المجموعات المسلحة الموالية لإيران في هذه الدول.

وأثار مقتل الجنرال الايراني قلقا في مختلف أنحاء العالم حيث دعت غالبية العواصم الى الهدوء لتجنب "التصعيد".

وأعلن قصر الإليزيه الجمعة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيبقى على "اتصال وثيق" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمتابعة الوضع في العراق "وتجنب تصعيد جديد خطير للتوتر" وأنه دعا "كل الأطراف إلى ضبط النفس"، فيما دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى ضبط النفس بعد اغتيال سليماني.

واضافة إلى الاتصال الهاتفي مع ولي العهد السعودي، تحدث بومبيو هاتفيا مع رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي اليوم الجمعة واتفقا على ضرورة الحد من التوتر في العراق والمنطقة في أعقاباغتيال سليماني وأبومهدي المهندس.

وقالت مورجان أورتاجوس المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية في بيان "عبر الوزير عن تقديره للشراكة المستمرة بين الحلبوسي والولايات المتحدة. اتفق الوزير بومبيو ورئيس البرلمان العراقي على أهمية الحد من التوتر في العراق والمنطقة".