السعودية والكويت تعيدان سفيريهما إلى لبنان

قرار المملكة والكويت بعودة سفيرهما إلى بيروت تعتبر إشارة ايجابية ونهاية لقطيعة دبلوماسية بعد خمسة أشهر من تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق التي اعتبرت مسيئة لدول الخليج والتحالف العربي.
لبنان يرحب بعودة السفيرين السعودي والكويتي
السعودية تؤكد على أهمية عودة لبنان إلى عمقه العربي

الرياض - في مؤشر على نهاية القطيعة الدبلوماسية بين لبنان والخليج أعلنت كل من السعودية والكويت الخميس عودة سفيريهما إلى لبنان، بعد أكثر من خمسة أشهر على استدعائهما على خلفية تصريحات لوزير لبناني سابق حول حرب اليمن اعتبرتها الرياض مسيئة.

وقال مكتب رئيس الحكومة اللبنانية اليوم الخميس في بيان إن الكويت أبلغت رئيس الوزراء بأن سفيرها في بيروت سيعود إلى لبنان قبل نهاية الأسبوع، في مؤشر على تهدئة التوتر في أعقاب الخلاف الذي شهد سحب دول الخليج مبعوثيها العام الماضي.

ورغم أنّ الأزمة اندلعت إثر تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي إلا أنّ الرياض اعتبرت أنها تكمن في سيطرة حزب الله اللبناني المدعوم من إيران على مفاصل الدولة في لبنان.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن وزارة الخارجية إعلانها "عودة سفير خادم الحرمين الشريفين إلى جمهورية لبنان الشقيقة"، مشيرة إلى أن ذلك يأتي "استجابةً لنداءات ومناشدات القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان، وتأكيدا لما ذكره رئيس الوزراء اللبناني (نجيب ميقاتي) من التزام الحكومة اللبنانية... بوقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي"، في إشارة إلى حزب الله اللبناني والذي تتهمه الرياض بالهيمنة على الحياة السياسية في لبنان.

وأكّدت الخارجية السعودية في بيانها على "أهمية عودة جمهورية لبنان إلى عمقها العربي متمثلةً بمؤسساتها وأجهزتها الوطنية وأن يعم لبنان الأمن والسلام وأن يحظى شعبها بالاستقرار والأمان في وطنه".

ورحب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بالخطوة السعودية وكتب على تويتر "نثمن قرار المملكة العربية السعودية عودة سفيرها إلى لبنان ونؤكد أن لبنان يفخر بانتمائه العربي ويتمسك بأفضل العلاقات مع دول الخليج التي كانت وستبقى السند والعضد".

كما رحب وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي بالخطوة السعودية وكتب على تويتر "مجددا تثبت المملكة العربية السعودية من خلال عودة سفيرها الوزير المفوض وليد البخاري أن لبنان في قلبها ووجدانها وهي لن تتركه أبدا".

وتدهورت العلاقات بين السعودية ولبنان في 29 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي فاستدعت المملكة سفيرها من بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض، على وقع تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي حول حرب اليمن، لكن وزير الخارجية السعودي اعتبر يومها أن المشكلة تكمن "في استمرار هيمنة حزب الله على النظام السياسي" في لبنان.

كما قررت المملكة حينها "وقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة" بغرض "حماية أمن المملكة وشعبها" ومنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.

وتضامنا مع الرياض، اتّخذت البحرين والكويت خطوة مماثلة وسحبت الإمارات دبلوماسييها وقررت منع مواطنيها من السفر إلى لبنان. وقررت السلطات الكويتية لاحقا "التشدد" في منح تأشيرات للبنانيين.

وفي 26 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، اتّهم التحالف العسكري في اليمن الذي تقوده السعودية إيران وحزب الله بإرسال خبراء وعناصر إلى مطار صنعاء لمساعدة المتمردين على إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة تجاه المملكة من المطار، تسبب أحدها آنذاك بمقتل شخصين، لكن حزب الله أنكر تورطه واعتبر أن تلك الاتهامات "تافهة وسخيفة لا تستحق التعليق والرد عليها".

كما تتهم الرياض الجماعة الشيعية بمحاولة إغراق السعودية بالمخدرات. وخلال الأسابيع والأشهر الماضية، أعلنت السعودية وعدد من دول الخليج عن عدة عمليات ضد مهرّبي المخدرات تمكّنت خلالها من مصادرة مئات الآلاف من حبوب الكبتاغون المخبأة داخل فواكه مستوردة من لبنان.

وجاءت القرارات الخليجية تجاه بيروت في وقت يعد فيه لبنان بحاجة ماسة للمساعدة الدولية وخصوصا من دول الخليج للخروج من أزمته المالية والسياسية.

ونشبت الأزمة على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي حول الحرب في اليمن.

وكان قرداحي اعتبر في مقابلة تلفزيونية أجريت قبل توليه حقيبة الإعلام في الحكومة اللبنانية في سبتمبر/ايلول، أنّ حرب اليمن "عبثية". وقال إنّ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران "يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات.

وأكدت الحكومة اللبنانية آنذاك "رفضها" تصريحات قرداحي، مشيرة إلى أنه "لا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا"، لكن الوزير رفض التراجع عنها قبل أن يستقيل لاحقا في ديسمبر/كانون الأول 2021 لنزع فتيل الأزمة مع السعودية ودول الخليج.

ويدور نزاع في اليمن بين الحكومة المعترف بها دوليا التي يساندها منذ 2015 تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.

وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص. وأكدت الأمم المتحدة مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا.

والجمعة الماضية أعلنت الأمم المتحدة اتفاق طرفي النزاع في اليمن على هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد بدأت السبت، الذي صادف أول أيام رمضان في عدة دول مسلمة وتوافقهما بشأن شحنات الوقود ومطار صنعاء.