السعودية وايران على طاولة واحدة في بغداد

رؤساء البرلمانات في الدول الست المجاورة يجتمعون في قمة رمزية تطالب بتجنيب العراق التجاذبات والتوترات الاقليمية.

بغداد - استضاف العراق مسؤولين برلمانيين كبارا من السعودية وإيران السبت في إطار سعي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى تعزيز دور بلاده الجديد كوسيط في المنطقة.
وشارك مسؤولون بينهم رؤساء برلمانات تركيا والكويت وسوريا والأردن في المؤتمر الذي استغرق يوما واحدا في العاصمة العراقية لبحث أمن المنطقة وقضايا دبلوماسية واقتصادية.
وفي الآونة الأخيرة، زار عبد المهدي إيران والسعودية، وهما قوتان نفطيتان تتنافسان منذ وقت طويل على النفوذ في الشرق الأوسط. وليس من المعتاد أن يحضر مسؤولون سعوديون وإيرانيون نفس الفعاليات.
وكان عبد المهدي قال إن العراق سيحتفظ بعلاقات قوية مع إيران، وكذلك مع واشنطن وجيرانه في المنطقة، الذين يعتبر كثير منهم، مثل السعودية، طهران خصما.
وعقدت القمة تحت شعار "العراق.. استقرار وتنمية"، وحضرها رئيس مجلس الشورى السعودي، ورئيس مجلس الأمة الكويتي، ورئيس مجلس الشعب السوري ورئيسا البرلمانين الأردني والتركي، فيما أوفدت إيران النائب علاء الدين بروجردي ممثلا لرئيس مجلس الشورى الذي اعتذر عن عدم المشاركة.

وخلال القمة التي لم تتجاوز ثلاث ساعات، ألقى رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي وممثلو الدول الست كلمات دعوا فيها إلى استقرار العراق وإعادة بنائه من أجل إنعاش اقتصاد ثاني دولة منتجة للنفط في أوبك، بعدما أنهكتها أربعة عقود من الحروب.
وفي البيان الختامي، أجمع رؤساء البرلمانات والمجالس التمثيلية لدول جوار العراق على ان "استقرار العراق ضروري في استقرار المنطقة".
ودعوا العراق إلى "الحفاظ على علاقات الجوار بمسافة واحدة مع الجميع ومن دون التدخل في شؤونه الداخلية"، رغم أن السياسيين في البلاد يتقاذفون الاتهامات بالولاء لدول ذات مصالح مختلفة، وخصوصا الولايات المتحدة وإيران وتركيا والسعودية.
وأكد المجتمعون أيضا "دعم عملية البناء والإعمار والتنمية في العراق، وتشجيع فرص الاستثمار فيه بمختلف المجالات"، رغم أن الثلاثين مليار دولار التي وعدت بها الدول المانحة في مؤتمر الكويت بداية العام 2018، لم تصل حتى الآن.

نحو علاقات جوار بمسافة واحدة مع الجميع ومن دون التدخل في الشؤون الداخلية للعراق

ومنذ دحر الجهاديين في نهاية العام 2017، يراهن العراق الذي يشهد تجاذبا بين إيران والولايات المتحدة، على موقعه الجغرافي في قلب الشرق الأوسط.
فبعد إعلانه "النصر" على تنظيم الدولة الاسلامية، انفتح العراق مجددا على دول الجوار من أبواب الحدود البرية، أولا مع الأردن غربا عبر منفذ طريبيل التجاري، وقريبا في الجنوب عبر المنافذ السعودية المغلقة منذ غزو الكويت قبل ثلاثين عاما رغم تحسن العلاقات بشكل كبير.
وبالنسبة الى الحدود الغربية الصحراوية المتاخمة لسوريا، فان بغداد اليوم هي العاصمة العربية الوحيدة التي تتواصل علناً مع جميع الأطراف في الداخل السوري، من روسيا مرورا بالتحالف الدولي والأكراد، وصولا إلى المعارضة ودمشق التي طلبت رسميا من العراق شن ضربات جوية على أراضيها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتكمن رمزية هذه القمة في جمع خصوم سياسيين على الطاولة نفسها، رغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، ودعم الأخيرة لنظام دمشق ضد المعارضة المدعومة من السعودية وتركيا، إلى جانب الأردن حليف الولايات المتحدة، العدو اللدود لإيران.
والتقى عبد المهدي بالملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للرياض التي كانت أول زيارة رسمية يقوم بها للمملكة منذ تولى منصبه قبل ستة أشهر.
وكان العراق والسعودية على خلاف منذ الغزو العراقي للكويت في عام 1990، لكن البلدين تبنيا في الآونة الأخيرة مسعى دبلوماسيا لتحسين العلاقات.
وجاءت زيارة عبد المهدي إلى الرياض بعد عشرة أيام من زيارة إيران. والتقى خلال زيارته لطهران بالزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس حسن روحاني.
والعديد من زعماء العراق ينتمون للأغلبية الشيعية وتربطهم علاقات وثيقة مع إيران.