السعوديون يتسابقون في ماراثون وطني لاكتتاب أرامكو

فترة الاكتتاب العام في أرامكو ستستمر حتى الرابع من ديسمبر للمكتتبين من فئة الشركات والمؤسسات، بينما تنتهي فترة اكتتاب الأفراد في 28 نوفمبر الحالي.
النطاق السعري للاكتتاب بين 30 و 32 ريال
حوالى 0.5 بالمئة من عملاق النفط سيباع للمستثمرين الأفراد
المواطن السعودي يمكنه الاكتتاب عن كامل أفراد أسرته بما فيهم الأطفال
بوسع المستثمرين الأفراد الشراء عبر الإنترنت أو بالبنوك المحلية

الرياض - بدأت شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية بيع أسهمها الذي طال انتظاره وسبق أن تأجل مرارا اليوم الأحد، عارضة على المستثمرين الأفراد ومن المؤسسات حصة في الشركة الأعلى ربحية في العالم من خلال إدراج في بورصة الرياض تداول.

وبوسع السعوديين التواقين لتملك قطعة من أكبر شركة مصدرة للنفط في العالم الشراء عبر الإنترنت أو التوجه إلى البنوك المحلية، التي مددت ساعات العمل لتلبية الطلب الكبير المتوقع خلال عملية البيع التي تستمر حتى 28 نوفمبر/تشرين الثاني.

وسيباع ما يصل إلى 0.5 بالمئة من أرامكو التي تملك 200 مليار سهم، إلى المستثمرين الأفراد أي نحو 8.5 مليار دولار من الأسهم، في الطرح الأولي الذي يقدر قيمة الشركة بين 1.6 و1.7 تريليون دولار.

وقالت أرامكو إنها تعتزم بيع 1.5 بالمئة من أسهمها، أي نحو ثلاثة مليارات سهم، بسعر استرشادي بين 30 ريالا (ثمانية دولارات) و32 ريالا، مما يعني تقييما للطرح الأولي يصل إلى 96 مليار ريال (25.60 مليار دولار) عند سقف النطاق السعري المعلن.

وستحدّد الشركة التي تضخ نحو 10 بالمئة من النفط العالمي يوميا، في الخامس من كانون الأول/ديسمبر السعر النهائي للسهم الواحد، على أن يبدأ التداول الفعلي في السوق المالية المحلية بعد ذلك بأيام.

وقد يكون هذا أكبر اكتتاب عام في التاريخ إذا ما تخطت قيمته عتبة الـ25 مليار دولار التي حصّلتها مجموعة على بابا سنة 2014.

 ولأسابيع، أخذت اللوحات الإعلانية على جوانب الطرق وفي مراكز التسوق تمهد للإدراج، صائحة "أرامكو السعودية، قريبا على تداول". وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وفي المقاهي وخلال الجلسات العائلية، هيمن الطرح الأولي على النقاشات.

ويقول طبيب الأسنان في الرياض عبدالله الفقيه (29 عاما) إنه بدأ الإدخار فور أن أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن خطط الطرح الأولي قبل نحو أربع سنوات.

وأضاف "سأستثمر في الشركة للمدى الطويل.. سأحصل على أسهم مجانية، وسأشتري مزيدا من الأسهم بالأرباح. إنها فرصة لا تتكرر".

وتتناقض حملة التسويق المكثفة تلك مع بيع أسهم ضخم آخر هذا الشهر، هو الإدراج الثانوي لعملاق التجزئة الصيني علي بابا في هونغ كونغ، المدينة التي تجتاحها الاحتجاجات. ومن غير المتوقع أن تقوم علي بابا بحملة إعلانية لما سيصبح أول إدراج بلا ورق في هونغ كونغ.

وسيحق للمستثمرين الأفراد السعوديين الحصول على سهم مجاني واحد عن كل عشرة أسهم يشترونها إذا احتفظوا بأسهمهم لفترة 180 يوما على الأقل. ومن المتوقع مشاركة ما يصل إلى خمسة ملايين شخص، بحسب وسائل إعلام محلية.

وأبلغ مصرفيان رويترز أن عشرات الآلاف من السعوديين يسعون للاستثمار نيابة عن جميع من يعولونهم - كطريقة لزيادة عدد الأسهم التي يمكنهم شراؤها.

السعوديون ينظرون إلى الاستثمار في أرامكو كفرصة لإظهار مدى وطنيتهم
السعوديون ينظرون إلى الاستثمار في أرامكو كفرصة لإظهار مدى وطنيتهم 

تسوق البنوك السعودية أيضا قروضا للعملاء للمساعدة في تمويل استثماراتهم، مع توسع البعض في الإقراض إلى أربعة أمثال السقف المعتاد، حسبما قاله مصدران ماليان آخران لرويترز. وقالت المصادر إن البنوك قادرة على زيادة الحد الأقصى لأنها ستحتفظ بالأسهم نيابة عن العملاء كضمان.

وقال موظف حكومي (37 عاما) طلب عدم نشر اسمه إن بنكه عرض عليه قرضا بلا فائدة يُرد في غضون ثلاثة أسابيع، لكنه ينوي الاستثمار بمدخراته.

وقال عضو بهيئة كبار العلماء السعودية في برنامج إذاعي أسبوعي يوم الجمعة إن الاستثمار في أرامكو جائز شرعا.

وأبلغ الشيخ عبدالله المطلق متصلا كان يسأل عن الطرح "هي (أرامكو) من أعمدة الاقتصاد في المملكة... أعتقد حتى المشايخ ونحن سنشارك فيها."

وتستحث الحكومة السعوديين الأثرياء للاستثمار في الطرح الأولي باستخدام السيولة المحتفظ بها في الخارج، إذ ينظر سعوديون كثيرون إلى الأمر كفرصة لإظهار مدى وطنيتهم عقب هجوم سبتمبر/أيلول على منشأتين لأرامكو والذي استهدف قلب صناعة الطاقة بالمملكة.

ألقت واشنطن والرياض باللوم على إيران في الهجمات التي أوقفت مؤقتا أكثر من خمسة بالمئة من المعروض العالمي. وتنفي طهران أي دور لها.

وقال الكاتب السعودي أنور أبو العلا في تغريدة حديثة "الاكتتاب في أرامكو واجب وطني لمن استطاع إليه سبيلا".

وعلى تويتر أيضا، وصف مشعل الذايدي مساعي الأمير محمد لطرح أرامكو للاكتتاب العام - حجر الزاوية لبرنامج إصلاح يستهدف الحد من اعتماد الاقتصاد على النفط - بأنها "حرب ضروس" ينبغي أن يدعمها السعوديون.

لكن حتى بعض السعوديين الذين يرون أن الحكومة مخطئة في تخليها عن السيطرة على الشركة ولو جزئيا، يجدون في فرصة تملك أسهم في أرامكو إغراء تصعب مقاومته.

يقول أبو محسن، الذي يعمل سائق سيارة مع أوبر، "أرامكو رابحة رابحة.. سأشتري لأن المكاسب كبيرة، لكن لا أحد راض عن الاكتتاب ولا عن بيع أرامكو، خصوصا للأجانب".

سهم مجاني لكل سعودي يشتري 10أسهم ويحتفظ بها لفترة 180 يوما
سهم مجاني لكل سعودي يشتري 10أسهم ويحتفظ بها لفترة 180 يوما

والاكتتاب العام لأرامكو هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي لولي العهد المسمّى "رؤية 2030". ويسعى المسؤولون إلى استقطاب عشرات مليارات الدولارات لتمويل مشاريع ضخمة ضمن هذا البرنامج الطموح.

وقالت وكالة "ستاندارد أند بورز" للتصنيف الائتماني الأحد إنّ الأموال التي تجمعها الشركة من الاكتتاب "قد يجري استخدامها لدعم مشاريع النمو الطويلة الأمد في المملكة".

وكانت ستاندرد آند بورز داو جونز وفوتسي راسل لمؤشرات الأسواق قد أبلغتا عملاء هذا الأسبوع أنهما قد تسرعان ضم أرامكو إلى مؤشراتهما بنهاية ديسمبر/كانون الأول، وستحذو إم.إس.سي.آي، أكبر شركة لمؤشرات الأسواق في العالم، أيضا حذوهما.

وكما تجري العادة، تضيف شركات المؤشرات، التي تتابعها صناديق الاستثمار، الشركات المدرجة حديثا خلال مراجعات الأوزان التي تجري بشكل فصلي أو شبه سنوي بناء على المؤشر.

في الأول من نيسان/أبريل الماضي، فتحت أرامكو دفاتر حساباتها للمرة الأولى منذ تأميمها قبل 40 عاما، لوكالتي "فيتش" و"موديز" الدوليتين للتصنيف الائتماني، في إطار استعداداتها لجمع الأموال من المستثمرين.

وبعد أسبوع من ذلك، رفعت الشركة سعر قيمة سنداتها من 10 إلى 12 مليار دولار بفصل ازدياد الطلب على هذه السندات.

وحقّقت أرامكو أرباحا صافية بلغت 111 مليار دولار العام الماضي، لتتفوق على أكبر خمس شركات نفطية عالمية، وبلغت العائدات 356 مليار دولار.

وفي 12 آب/أغسطس، أعلنت الشركة السعودية إيراداتها النصفية للمرة الأولى في تاريخها، مشيرة إلى تراجعها في النصف الأول من عام 2019 إلى 46.9 مليار دولار، مقابل 53.0 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.

كما أصدرت الشركة الشهر الماضي نتائج أدائها للأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، قائلة إنّها حقّقت أرباحا صافية بقيمة 68 مليار دولار.

وينظر إلى أرامكو على أنّها الدعامة الرئيسية لاقتصاد المملكة ولاستقرارها الاجتماعي. وقد أعلنت الشركة السعودية العملاقة عن مكامن القوة وأيضا المخاطر المحدقة بالاكتتاب، ضمن متطلب قانوني نشرته في نشرة الإصدار الخاصة بالطرح الأولي.

فأقرّت الشركة بأن التغير المناخي الذي يفرض على الاقتصادات الانتقال إلى مصادر طاقة بديلة، قد يؤثّر في المستقبل على أسعار النفط. كما تحدّثت عن احتمال وقوع هجمات جديدة ضد منشآتها بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفتها في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي.