السلطات التركية تعيد ستة صحفيين من جمهورييت للسجن

الستة موظفين سلموا أنفسهم في كوجالي بعد رفض استئناف أحكام تتعلق بالإرهاب صدرت ضدهم.

إسطنبول - أعادت السلطات التركية ستة عاملين سابقين في صحيفة "جمهورييت" التركية المعارضة بينهم رسام الكاريكاتور موسى كارت إلى السجن الخميس بعد أن رفضت محكمة الاستئناف الطعون التي تقدموا بها في الأحكام الصادرة بحقهم.

وكانت محكمة البداية دانت في نيسان/أبريل 2018 هؤلاء مع ثمانية أعضاء آخرين من طاقم الصحيفة بمساعدة "منظمات إرهابية". وسيمضون أحاكمهم في سجن كانديرا في مدينة كوجالي التي تبعد نحو 100 كيلومتر إلى الشرق من مدينة إسطنبول.

وثبتت محكمة استئناف في إسطنبول في شباط/فبراير الأحكام الصادرة على هؤلاء بالسجن بين سنتين ونصف السنة و14 عاما.

وقال المحامي عباس يالشين، إن الستة موظفين سلموا أنفسهم في كوجالي.

وكانت محاكمة العاملين في الصحيفة التي تعد واحدة من الأصوات المعارضة القليلة الباقية في البلاد، أثارت انتقادات غربية ومن قبل المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان.

والموظفون الخمسة الآخرون الذين أعيدوا إلى السجن مع موسى كارت الذي حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات وتسعة أشهر، هم ثلاثة إداريين والمحاسب إمري إيبر.

ومنح رسام الكاريكاتور الذي كان قد أفرج عنه مؤقتا، الجائزة الدولية للرسم الصحافي العام الماضي.

وكانت صحيفة "جمهورييت" انتقدت الحكم الصادر على كارت. وقالت "يبدو أن الحزب الحاكم لم يتخل عن فكرة تحييد رسامي الكاريكاتور بأحكام قضائية بالسجن".

ولم يعد أحد من الصحافيين المحكوم عليهم يعمل في الصحيفة التي غادروها أو طردوا منها بعد تغيير لم يعلن عنه مسبقا في فريق إدارتها في 2018.

وبدأت قضية جمهورييت في نهاية 2016 مع توقيف حوالى عشرين من العاملين فيها. وقد أصبحت مثالا على تراجع حرية الصحافة في تركيا حيث سجن عشرات الصحفيين وأغلقت العديد من المكاتب الإعلامية منذ محاولة الانقلاب التي قامت بها مجموعة من الجيش تموز/يوليو 2016.

الأحكام على العاملين السابقين في جمهورييت تتراوح بين سنتين ونصف السنة و14 عاما
حزب أردوغان يراقب 95 في المائة من وسائل الإعلام

وتحتل تركيا المرتبة الـ175 من أصل 180 على لائحة حرية الصحافة حسب منظمة "مراسلون بلا حدود" التي أشارت إلى أن أكثر من مئة صحفي يقبع حاليا في سجون تركية. 

ويراقب حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان 95 في المائة من وسائل الإعلام.

وأصدر أكبر حزب معارض في تركيا حزب الشعب الجمهوري قبل الانتخابات البلدية، دراسة بعنوان "تركيا السلطوية وتخريب وسائل الإعلام". وبعد نشرها بقليل، بدأ في تركيا نقاش نظراً للارتباط بين الانتخابات واستقلالية وسائل الإعلام.

وأثار رئيس اتحاد الصحفيين الأتراك، نظمي بيلغين، عدة تساؤلات حول العلاقة بين حكومة أردوغان ووسائل الإعلام قبل الانتخابات البلدية التي جرت في مارس/ آذار ومني فيها حزب العدالة بهزيمة مذلة في إسطنبول وأنقرة أكبر المدن التركية التي كان يسيطر عليها.

وقال بيلغين إن "وسائل الإعلام موجودة في يد واحدة. نحن في نظام إعلامي يعمل أكثر من 90 في المائة منه لصالح الحكومة. والأصوات المعارضة أخرست تقريباً. كما نلاحظ عشرات الصحف التي تحمل نفس العنوان. ثقة المواطنين في وسائل الإعلام تزعزعت بقوة".

وأوضح بيلغين أنه منذ عام 2014 صدرت أحكام ضد 53 صحفيا بسبب "إهانة الرئيس"، أي منذ انتخاب رجب طيب أردوغان رئيساً للجمهورية التركية. مشيرا إلى أن "تركيا ابتعدت عن حرية الصحافة، والحكومة تتحكم تقريباً في وسائل الإعلام، والقيود التي فُرضت على الصحفيين تقلص حق المواطنين في حرية المعرفة".

وقالت منظمة العفو الدولية إن "خوف الصحفيين من سجنهم لانتقاد السلطات أصبح أمراً واضحا في تركيا، بعدما أصبحت أعمدة صحف وبرامج تناقش الشؤون السياسية لا تتضمن حالياً سوى أصوات معارضة محدودة، كما لا تعكس آراء مختلفة بشدة عن توجهات الحكومة، علماً بأنها كانت تحظى بشعبية كبيرة سابقا".

وأشارت المنظمة إلى أن الصحفيون العاملون في وسائل إعلام أجنبية والصحفيون الأجانب الذين يعملون بشكل حر لم يسلموا أيضا من حملات القمع الحكومية، حيث رحِّل بعضهم من تركيا، أو منعوا من الدخول إليها؛ بينما لجأت السلطات إلى إلغاء التراخيص التي تخول لهم العمل في المجال الإعلامي.