السلطات العراقية لا تتراجع عن قمع المحتجين

ترهيب قوات الأمن والميليشيات المسلحة الموالية لإيران لا يثني العراقيين عن التمسك بمطالب رحيل الطبقة السياسية برمتها وإنهاء النفوذ الإيراني والتواجد الأميركي بالعراق.
العراق يمنع قناة دجلة من البث لمدة شهر على خلفية تغطية الاحتجاجات

بغداد - قتل عراقيان وأصيب عشرات بجروح الثلاثاء خلال أعمال عنف مرتبطة بالاحتجاجات المناهضة للحكومة، بعيد إصدار السلطات أمراً بحظر بث قناة محلية لمدة شهر، معروفة بتغطيتها المكثفة للتظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.

وتتواصل الاحتجاجات المطلبية التي يمثل جيل الشباب العنصر الفاعل فيها، رغم القمع والعنف الذي أدى إلى مقتل أكثر من 500 شخصاً، غالبيتهم العظمى من المتظاهرين منذ اندلاع التظاهرات مطلع أكتوبر/تشرين الأول  في بغداد ومدن جنوب البلاد.

ويطالب المحتجون بإجراء انتخابات مبكرة تستند إلى قانون انتخابي جديد وتسمية رئيس وزراء بدلاً عن المستقيل عادل عبدالمهدي ومحاسبة المسؤولين عن إراقة دماء المتظاهرين ومحاكمة الفاسدين والمسؤولين عن تدهور الأوضاع المعيشية في العراق.

وفي الكوت كبرى مدن محافظة واسط جنوب بغداد، قتل متظاهر بالرصاص الحي وأصيب 56 شخصا الثلاثاء بينهم 20 متظاهراً بالرصاص خلال صدامات مع قوات الأمن التي استخدمت أيضاً قنابل الغاز المسيل للدموع، وفقاً لمصادر طبية وأمنية. وأشارت المصادر إلى وجود عشرة جرحى من قوات الأمن.

أما في بغداد فقد اغتيل الأستاذ الجامعي محمد حسين علوان، أحد المشاركين في الاحتجاجات الطلابية وداعم للتظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهجوم مسلح لدى مروره بسيارته في شمال بغداد، وفقا لمصدر في الشرطة.

ويطالب ناشطون مدنيون ومتظاهرون بوقف العنف وعمليات الخطف والاغتيال التي تستهدف المحتجين بهدف الترهيب.

على مقربة من ساحة التحرير الرمزية معقل الاحتجاجات في بغداد، حاول متظاهرون يحملون درعاً محلي الصنع إغلاق شوارع وإلقاء حجارة ضد قوات مكافحة الشغب التي ردت بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.

وأصيب 15 متظاهراً بينهم ستة بالرصاص الحي في تلك المواجهات، وفقاً لمصادر طبية وأمنية.

وفي مدينة الناصرية المضطربة تواصلت الاحتجاجات وتوافد متظاهرون غالبيتهم طلبة من مختلف المراحل الدراسية إلى ساحة الحبوبي مركز الاحتجاجات.

وقال المتظاهر جواد علي "خرجنا اليوم وسنتظاهر يومياً لدعم احتجاجات التحدي التاريخية لنجدد مطالبنا بتسمية رئيس للحكومة وتصديق قانون الانتخابات الجديد وتحديد موعد انتخابات مبكرة".

وأضاف أنه بخلاف ذلك "سنصعد الحراك السلمي في حال استمرار التسويف والمماطلة".

وفشلت الأحزاب السياسية حتى الآن بالتوصل لاتفاق على تسمية بديل لعبدالمهدي، الذي استقال في ديسمبر/كانون الأول، لكنه مازال يواصل مهامه كرئيس حكومة تصريف أعمال.

تأجج الاحتجاجات في العراق أمام ممطالة الحكومة وتسويفها
تأجج الاحتجاجات في العراق أمام ممطالة الحكومة وتسويفها

وبينما تواجه الحكومة في بغداد انتقادات لعدم بذلها جهوداً كافية لتأمين حماية الصحافيين العاملين في البلاد، ذكرت مصادر إعلامية وأمنية الثلاثاء أن السلطات العراقية أصدرت أمراً بإغلاق قناة 'دجلة' التلفزيونية المحلية المعروفة بتغطيتها المكثفة للاحتجاجات المناهضة للسلطة لمدة شهر كامل.

وقال مصدر في هذه القناة "قامت قوة من وزارة الداخلية ليل الاثنين بإغلاق تام لمكتب قناة دجلة في بغداد وطلبت من الكادر مغادرة المكان".

وأكد ضابط في وزارة الداخلية "قيام قوة من الشرطة بمداهمة وغلق مكتب قناة دجلة" الواقع في منطقة الجادرية ببغداد.

كما أكد مصدر في القناة طلب عدم كشف هويته أن السلطات الأردنية أمرت المكتب الرئيسي في عمّان بالتوقف عن البث لمدة شهر.

وأوضح إن "الحكومة العراقية طلبت من الأردن وقف بث القناة لمدة شهر بدءاً من ليلة أمس، بناء على شكوى عراقية"، وبالفعل انقطع الثلاثاء بث قناة دجلة.

وقد تولت دجلة تغطية متواصلة للمظاهرات المناهضة للحكومة في بغداد وغالبية مدن جنوب البلاد، منذ بداية الاحتجاجات رغم الضغوط.

ويذكر آن مكتبها في بغداد تعرض خلال الأسبوع الأول من الاحتجاجات إلى مداهمة من مسلحين مجهولين.

وفي العاشر من يناير/كانون الثاني، اغتيل مراسلها في البصرة أحمد عبدالصمد (37 عاماً) وزميله المصور صفاء غالي (26 عاماً)، بيد "مسلحين ينشطون داخل المدينة" الحدودية مع إيران وتسيطر عليها فصائل مسلحة موالية لطهران.

وفي العشرين من نفس الشهر انخرط أحد كبار مقدمي برامج القناة في جدل حاد مع المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء اللواء عبدالكريم خلف على خلفية الاحتجاجات.

في غضون ذلك تتصاعد الاحتجاجات المناهضة بسبب النفوذ الإيراني والتواجد الأميركي في العراق، على خلفية التوتر الذي يهدد بتحول الأراضي العراقية إلى ساحة صراع بين البلدين.

وتتهم واشنطن الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران بالوقوف وراء نحو 20 هجوماً صاروخياً، استهدفت المصالح الأميركية في البلاد.

وكان آخرها الأحد استهدف السفارة الأميركية ما أدى إلى إصابة شخص بجروح.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنّ "بومبيو عبّر خلال اتصال مع عبدالمهدي عن استيائه إزاء الهجمات المتكرّرة للجماعات المسلّحة التابعة لإيران على المنشآت الأميركية في العراق".

من جهته كتب الوزير الأميركي في تغريدة على تويتر "يجب على الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات فورية لحماية منشآتنا الدبلوماسية كما ينصّ عليه القانون الدولي".

واكتفى عبدالمهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي بالتنديد بتلك الهجمات واعتبارها أمراً خطيراً يهدد بزج بالبلاد بحرب جديدة.