السندات التركية ضحية الخلافات بين ترامب واردوغان

تكلفة التامين على ديون تركيا تصل إلى أعلى مستوى منذ شهرين وسط أزمة دبلوماسية حادة بين واشنطن وأنقرة.
انتقاد اردوغان لترامب بسبب اعترافه بسيادة اسرائيل على الجولان اضر بالاقتصاد التركي
اصرار أنقرة على شراء أنظمة الدفاع الصاروخي إس-400 من روسيا ساهم في مزيد تعميق اللافات
مخاوف في الشارع التركي من حصول تدهور سريع للعملة
حزب العدالة والتنمية يواجه تحديا رئيسيا في إقناع الناخبين بدعمه بسبب المصاعب الاقتصادية

أنقرة - شهدت تكلفة تأمين الانكشاف على  الديون السيادية التركية لأعلى مستوى منذ منتصف يناير الجمعة في ظل تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وأنقرة وتعرض أصول الأسواق الناشئة لضغوط أوسع نطاقا.

وصعدت عقود مبادلة مخاطر الائتمان التركية لأجل خمس سنوات 12 نقطة أساس إلى 363 نقطة أساس مقارنة مع 351 نقطة أساس عند الإغلاق الخميس، وفقا لما أظهرته بيانات من "آي.اتش.اس ماركت".

وتشهد السندات التركية المقومة بالدولار والليرة إلى ضغوط كبيرة بعد أن قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تحرك الرئيس الأميركي دونالد ترمب للاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان يضع المنطقة على شفا أزمة جديدة.

وتراجعت الليرة نحو 1.5 بالمئة إلى 5.5475 مقابل العملة الأميركية بحلول الساعة 0953 بتوقيت غرينتش، من قرب 5.4650 يوم الخميس.

ويطارد شبح تباطؤ الاقتصاد حزب أردوغان "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية هذا الشهر إذ قد ينقلب الناخبون الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة ضد حزب بنى أمجاده في صناديق الاقتراع على ازدهار البلاد.

وهوى إنتاج قطاع الصناعات التحويلية بتركيا 7.3 بالمئة على أساس سنوي في يناير/كانون الثاني، في أداء أفضل من المتوقع بقليل، حسبما ذكر معهد الإحصاءات التركي، الخميس، مؤكدا حدوث تراجع للشهر الخامس على التوالي مع انزلاق الاقتصاد إلى الركود.

ومقارنة مع الشهر السابق، ارتفع الإنتاج الصناعي واحدا بالمئة في يناير/كانون الثاني معدلا في ضوء التقويم والعوامل الموسمية، وفقا للمعهد.

وكانت العملة التركية هبطت إلى مستوى متدني قبل اسبوعين بفعل مخاوف بشأن تدهور محتمل في العلاقات مع واشنطن بسبب اتجاه أنقرة نحو شراء أنظمة الدفاع الصاروخي إس-400 من روسيا.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده لن تتراجع أبدا عن اتفاقها لشراء أنظمة إس-400 من روسيا، مضيفا أنها قد تبحث أنظمة إس-500 في وقت لاحق أيضا.

وانخفضت الليرة التركية مقابل الدولار في يناير/كانون الثاني، وذلك فور أن حذر ترامب من أن الولايات المتحدة ستدمر تركيا اقتصاديا إذا هاجمت أنقرة مقاتلين أكرادا في سوريا تدعمهم واشنطن.

وبدأت المخاوف في الشارع التركي من حصول تدهور سريع للعملة التركية، على غرار ما حدث إبّان أزمة احتجاز أنقرة للقس الأميركي أندرو برانسون.

وهدد ترامب تركيا بالدمار الاقتصادي إذا هاجمت المقاتلين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة في سوريا، مما حفز أنقرة التي صدمتها تحذيرات الرئيس الأميركي، على الرد محذرة من خطأ فادح، وتسبب ذلك في تراجع فوري بقيمة العملة التركية.

ومع ارتفاع التضخم ليسجل معدلات عشرية وتراجع العملة التركية وتباطؤ الاقتصاد، يشير محللون إلى أن حزب العدالة والتنمية يواجه تحديا رئيسيا في إقناع الناخبين بدعمه في اقتراع 31 مارس/ آذار.

واكتسح حزب العدالة والتنمية، وهو حزب إسلامي الجذور، انتخابات عام 2002 ببرنامج وعد بمكافحة الفساد وبناء الاقتصاد ومساعدة ملايين الفقراء والمتدينين الأتراك الذين كانوا محل تجاهل من الصفوة التركية.

العملة التركية
تراجع متواصل للعملة التركية

وحقق الحزب نموا اقتصاديا مدويا مولته الديون والمشروعات الإنشائية، وهو نمو حذر اقتصاديون من أنه غير مستدام. واهتز الاقتصاد في العام الماضي بسبب أزمة العملة التي جعلت معدل التضخم يقفز إلى 25 في المئة وأضعفت النمو.

وعقب توليه السلطة في 2003 كرئيس للوزراء، دوّن الازدهار الاقتصادي الذي شهدته البلاد بعد الأزمة المالية عام 2001 في سجل أردوغان إذ باتت تركيا تجذب المستثمرين في الأسواق الناشئة.

لكن التوقعات تغيرت، فانخفض إجمالي الناتج الداخلي للفرد إلى 9632 دولارا في 2018 مقارنة بـ10597 دولارا عام 2017 بينما يشهد الاقتصاد تباطؤا لأول مرة منذ 2009.

ويطبق حزب العدالة والتنمية حاليا إجراءات تحفيز تستهدف الناخبين الفقراء - رفع الحد الأدنى للأجور، وخفض بعض الضرائب على الواردات، وإعادة هيكلة ديون بطاقات الائتمان، لكن يبدو أن أثر ذلك محدود وأن الاقتصاد في طريقه إلى الركود.

وقال الأستاذ المساعد في قسم العلاقات الدولية في جامعة "بيلكنت" في أنقرة بيرك إيسن إن "حزب العدالة والتنمية وصل إلى حدود نموذجه الاقتصادي. لم يعد المستوى المعيشي ينمو".

وأشار إلى أن ناخبي الطبقة المتوسطة الذين كانوا يستفيدون في الماضي خلال حكم حزب العدالة والتنمية قد "ينقلبون" على الحزب عبر الامتناع عن التصويت في وقت يتأثر المستهلكون بالتباطؤ.

وفي وقت تشير الاستطلاعات إلى أن الاقتصاد يعد الهم الأول للناخبين الأتراك، سعى أردوغان للسيطرة على التضخم حتى أنه دفع السلطات المحلية لإقامة أكشاك تبيع الخضار بأسعار أقل من السوق.

وانتقد أردوغان مرارا إشارة المعارضة إلى أن الأشخاص الذين يصطفون عند الأكشاك يشكلون "صفوفا للفقراء" مصرا على أنها "صفوف ثراء" وأن حزب العدالة والتنمية هو مفتاح النجاح الاقتصادي.