السودانيون يتمسكون بثقافتهم الغذائية رغم كورونا والغلاء

الوجبات والمشروبات الشعبية تحضر على المائدة السودانية رغم تكلفة تحضير بعضها والارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية.
ارتفاع الأسعار لم يساهم في تراجع القوى الشرائية لمستلزمات شهر رمضان
الشارع السوداني لا يزال يحتفظ بموروثه التقليدي للتحضير لشهر رمضان وخصوصيته الغذائية

الخرطوم - تظهر الأيام الأولى لحلول شهر رمضان، تمسك السودانيين بثقافتهم الغذائية والاستهلاكية، على الرغم من الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد التي تعاني منها البلاد، تضاف لها جائحة كورونا.
منذ سنوات، والسودان يعاني من رزمة من المشاكل الاقتصادية والنقدية، وشح السلع الأساسية، على خلفية تذبذب موارده من النقد الأجنبي، ما يساهم في عدم مقدرته على استيراد السلع الاستراتيجية.
وتسبب تفشي فيروس كورونا، في إدخال السودان بأزمة اقتصادية جديدة، مدفوعة بالإجراءات الاحترازية، التي تطبقتها البلاد للحد من إنتشار الفيروس.
وعلى الرغم من كل هذه الظروف، إلا أن الشارع السوداني ما زال يحتفظ بموروثه التقليدي، للتحضير لشهر رمضان وخصوصيته الغذائية.
مشروب "الحلو مر"
وتعمل الأسر السودانية على تحضير مشروبات تقليدية، خاصة بالشهر الكريم، من أشهرها مشروب "الحلو مر" وهو عبارة عن عصير يجمع عددا من الأعشاب إضافة إلى طحين الذرة، تتم صناعته داخل البيوت.
ولم يمنع ارتفاع تكلفة تحضير المشروب، ربات المنازل، من صناعته وتحضيره ضمن مستلزمات الشهر، على الرغم من الارتفاع الكبير في أسعار مواده الأساسية العام الحالي.
ويؤكد التاجر بسوق امدرمان (شمال العاصمة الخرطوم)، عبدالرحمن أحمد، أن ارتفاع الأسعار لم يساهم في تراجع القوى الشرائية لمستلزمات شهر رمضان.
وقال أحمد إن ارتفاعا طرأ على أسعار الأعشاب التي يُصنع منها مشروب "الحلو مر" بنسبة تفوق 100 بالمئة عن العام الماضي، بسبب أن معظم الأعشاب تستورد من الخارج، كالقرفة والزنجبيل.
وأشار إلى أن الهبوط المتواصل لقيمة العملة الوطنية، أمام العملات الأجنبية، ساهم بشكل مستمر في ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
وسجل سعر شراء الدولار في الأسواق غير الرسمية، نهاية الأسبوع الماضي، نحو 125 جنيها، فيما يحدد البنك المركزي السوداني سعر الدولار الأميركي بـ 55 جنيها.

مشروب "الحلو مر"
من الصعب التخلي عن تحضير مشروب "الحلو مر"

مواظبة كاملة
ترى ربة المنزل زينب محمد عبدالله، أنه من الصعب بمكان التخلي عن تحضير مشروب "الحلو مر" ومستلزمات رمضان ذات الطبيعة السودانية، مهما تعقدت الظروف.
وأكدت على أن تجربتها تقوم على أن تجمع هذه المواد قبل عدة أشهر من قدوم رمضان، من خلال المساهمة مع رفيقاتها في الحي في تجميع النقود الخاصة بمستلزمات رمضان، والمعروف شعبيا باسم (صندوق رمضان).
وصندوق رمضان، هو مبالغ مالية محددة تجمعها النساء في الأحياء الشعبية على مدار العام، على أن يذهب المبلغ الكلي لفئة منهن كل شهر، تعمل على شراء المستلزمات لأسرتها.
وأوضحت زينب أن مستلزمات الشهر الكريم، لا تقتصر فقط على مشروب "الحلو مر" بل يتعدى الامر الى بعض الوجبات الشعبية مثل البليلة، العصيدة، الرقاق وهي أكلات شعبية شائعة.
وأكد الأمين العام للجمعية السودانية لحماية المستهلك ياسر مرغني، على إصرار الأسر السودانية على موروثاتها الغذائية في رمضان، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
وبرر مرغني هذا التقليد، "بطبيعة الشعب السوداني القائمة على تمسكه بالموروثات الشعبية والدينية، مهما كلف الأمر".
ونوه إلى أن معظم الأسر الكبيرة، تقوم بتحضير هذه المستلزمات وإرسالها إلى أبنائها وأقاربها في الداخل والخارج.
وأقرّ بوجود صعوبات كبيرة في إعداد المستلزمات، تزامنا مع الأزمات الاقتصادية المتجددة في السودان، والمتمثلة في ارتفاع الأسعار الذي وصفه بالجنوني.