السودانيون يتوافدون على مقر الجيش استعدادا لـ"جمعة الانتصار"

قادة الاحتجاجات في السودان طالبوا بمجلس عسكري مدني مشترك، لكن كل ما حصلوا عليه كان مجلسا عسكريا يضم شخصيات عدة من النظام القديم.
تجمع المهنيين السودانيين يدعو المواطنين إلى الالتزام بالسلمية
واشنطن متفائلة وتنتظر الأفعال على الأرض

الخرطوم – تجمعت حشود ضخمة من المتظاهرين السودانيين اليوم الخميس أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم للمطالبة بتولي حكومة مدنية الحكم في البلاد، بعد أسبوع من الإطاحة بالرئيس عمر البشير.

وردد المتظاهرون شعارات "السلطة للمدنيين" و"حرية سلام عدالة" أثناء مسيرهم من عدة نقاط في المدينة نحو مقر الجيش. وقال مشارك "من الصعب جداً الاقتراب من موقع الاعتصام بسبب وجود المئات في الطرقات المؤدية إليه".

وفي 11 نيسان/أبريل، أنهت المؤسسة العسكرية حكم البشير الذي استمر لثلاثين عاماً بينما اعتصم عشرات آلاف المتظاهرين خارج مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم مطالبين بمساندتهم.

غير أن المتظاهرين تعهدوا بمواصلة الضغوط، ودعوا إلى إقامة حكومة مدنية مكان المجلس العسكري الذي تسلم سلطة البشير.

وقال متظاهر يدعى أحمد "نبعث برسالة بأننا لن نغادر قبل تحقيق هدفنا". وأضاف "الفكرة تكمن في الإبقاء على الحماسة متقدة".

ودعا تجمع المهنيين السودانيين المواطنين إلى الالتزام بالسلمية خلال الالتحاق بالمعتصمين في انتظار "جمعة التسامح والانتصار".
وقال في بيان "الدولة العظيمة تبنى برؤية واضحة وإرادة قوية صادقة، وقيم الحرية والسلام والعدالة. غداً جمعة التسامح والانتصار الموافق 19 أبريل في تمام الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت الثورة وفي ساحة اعتصامنا الباسل".

ويشير قادة الاحتجاجات إلى أنهم طالبوا بمجلس عسكري مدني مشترك، لكن كل ما حصلوا عليه كان مجلسا عسكريا يضم شخصيات عدة من النظام القديم.

وعلى إثر ذلك، رفعوا سقف مطالبهم.

ويطالب منظمو التظاهرات بأن يفسح هذا المجلس المدني الطريق أمام تشكيل حكومة انتقالية تتولى مهامها لأربع سنوات.

وقال المحلل آلان بوسويل من "مجموعة الأزمات الدولية"، "يتضح أكثر فأكثر أن الثورة لم تُستكمل". وأضاف أن "المجموعة الأمنية التي ما زالت في السلطة تقاوم بوضوح المطالب التي يمكن أن تجبرها على التخلي عن السلطة".

وأوضح بوسويل "لا أعتقد أننا اقتربنا حتى من نهاية الطريق"، محذرا "نقترب من وضع خطير".

وعرض المجلس العسكري تنازلات، بما يشمل إقالة النائب العام. غير أن الحكومات الغربية والإفريقية على حد سواء تدفع لإحداث تغيير أكبر.

وحضت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج المجلس العسكري على إطلاق حوار "شامل للجميع" يمهد الطريق أمام إقامة حكم مدني.

 وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورجان أورتاجوس اليوم الخميس إن السودان ما زال على قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب وشددت على أن سياسات واشنطن ستستند إلى "تقييمنا للأحداث على الأرض وأفعال السلطات الانتقالية".

وأضافت أن واشنطن متفائلة بسبب الإفراج عن المعتقلين السياسيين وقرار المجلس العسكري الانتقالي رفع حظر التجول.

بدوره، هدد الاتحاد الإفريقي الذي يضم 55 دولة، الاثنين، بتعليق عضوية السودان ما لم يسلم المجلس العسكري السلطة للمدنيين في غضون 15 يوما مؤكدا أن "قيادة الجيش للمرحلة الانتقالية تتناقض تماما مع تطلعات الشعب السوداني".

ومع تصاعد ضغوط القوى الدولية والشارع السوداني، تتجه كل الأنظار نحو المجلس العسكري وخطوته التالية.

واحتشد الآلاف في الساحة الخميس، بينهم معلمون رفعوا صور زميلهم أحمد الخير الذي قتل بعد اعتقاله في كانون الثاني/يناير أثناء الاحتجاجات.

وهو واحد من بين 60 قتلوا قبل رحيل البشير.

وردد المتظاهرون "نريد أن يواجه القتلة العدالة". وجاء المئات من ضاحية بحري الشمالية، رافعين لافتات "جلب البشير إلى العدالة".

وكان متوقعا أن تلتحق بهم مجموعات نسائية، نقابيون، مهندسون وطلاب.

وقال المتظاهر محمد علي "نظام البشير كان إرهابياً، ديكتاتورياً، نحن سعداء للإطاحة به". وأضاف "كل هذه العقود شهدنا حروباً داخل بلدنا، كما اهتزت علاقاتنا مع العالم أثناء حكمه. كل هذا يجب أن يتغير، وهذا ما تريده هذه الثورة".

وقالت متظاهرة تدعى أريج صلاح (23 عاما)، إن رحيل البشير مهم ولكننا نحتاج أكثر. وأضافت "علينا أن نكافح إلى أن نتخلص من هذا النظام".

غير أن المهندس طارق أحمد (28 عاما) أشار إلى أنه "فخور بما حققه جيلي. هذا أول أسبوع في حياتي دون البشير".

وتولى البشير (75 عاما) السلطة عبر انقلاب دعمه الإسلاميون عام 1989 وترأّس نظاما عرف بقسوته. وشهدت البلاد في عهده نزاعات في مناطق عدة حيث انفصل الجنوب بينما كانت عمليات الاعتقال ضد قادة في المعارضة وناشطين وصحافيين متواصلة.

وفي بدايتها، انطلقت التظاهرات في 19 كانون الأول/ديسمبر للرد على قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة احتجاجية واسعة في أنحاء البلاد ضد حكم البشير.

وصدرت بحق الرئيس المخلوع مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهم ارتكاب إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إطار النزاع في دارفور.

ورغم أن المجلس العسكري الانتقالي الذي تسلم الحكم قام باعتقاله، إلا أنه يرفض تسليمه إلى لاهاي حتى الآن، مشيرا إلى أن البت في هذه المسألة يعود إلى الحكومة المدنية التي تعهد تشكيلها.

وليل الثلاثاء، نُقل البشير إلى سجن كوبر في العاصمة، بحسب ما أفاد مصدر من عائلته.

وبعد مرور سبعة أيام على الإطاحة به، غصت الساحة الواسعة خارج مقر القيادة العامة للجيش بالمتظاهرين المطالبين بحل المجلس العسكري.

وفي البداية، تولّى الفريق أول ركن عوض ابن عوف وهو وزير الدفاع في عهد البشير، قيادة المجلس العسكري الانتقالي. لكنه تنحى بعد 24 ساعة بسبب الضغط الشديد الذي مارسه المتظاهرون. وحل محله الفريق الركن عبدالفتاح البرهان الذي لم يكن يعرف عنه الكثير خارج دوائر الجيش.

وإلى جانب البشير وابن عوف، استقال كذلك رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي يهابه السودانيون، صلاح قوش.

وأشرف قوش على الحملة الأمنية التي استهدفت المتظاهرين وأسفرت عن مقتل أكثر من 60 شخصا وإصابة المئات بجروح وسجن الآلاف.