السوداني مستعد لصرف رواتب موظفي كردستان بشروط
بغداد - أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن شرطين لصرف رواتب موظفي إقليم كردستان للشهر الجاري، يتمثل الأول في تسديدها في إطار قرض مؤقت، بينما ينص الثاني على تشكيل لجنة لتسوية الأزمة بين بغداد وأربيل، فيما يأتي هذا القرار في ظل ضغوط أميركية لحل المعضلة التي فاقمها النزاع على إدارة ملف النفط بين الطرفين.
وأفاد مصدر مسؤول بأن الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم المتمتع بحكم ذاتي اتفقتا على عقد اجتماع موسع لبحث الأزمة، فيما يُنتظر أن يجري وفد من أربيل زيارة إلى بغداد لبحث سبل تسوية الملف، وفق موقع "شفق نيوز" الكردي العراقي.
وتتبادل بغداد وأربيل الاتهامات بشأن المسؤولية عن التصعيد، حيث تؤكد الحكومة الاتحادية أن الإقليم لم يلتزم بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية وتوطين الرواتب، بينما يصف مسؤولون أكراد الإجراء بأنه "عقابي" وغير دستوري.
وتبذل جهود دولية، من بينها مساعي الإدارة الأميركية للإسراع في تسوية ملف الرواتب، بالإضافة إلى تحرك قوى سياسية عراقية لحل الأزمة قبل عيد الأضحى.
ودعت وزارة الخارجية الأميركية بغداد وأربيل إلى الالتزام بالمدفوعات المالية المنصوص عليها في الدستور العراقي والعمل على تسوية الخلافات عبر الحوار البناء.
وتنظر واشنطن بقلق إلى تداعيات تعطيل رواتب أكثر من 1.2 مليون موظف في كردستان، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى وتصاعد الغضب الشعبي في الإقليم.
وأكدت إدارة ترامب أن حل أزمة الرواتب سيرسل إشارة إيجابية بشأن إمكانية إعادة فتح خط أنابيب العراق - تركيا ويمهد الطريق لعودة الاستثمارات.
ولم تغادر العلاقات بين بغداد وأربيل طيلة العامين الأخيرين مربع التوتر بسبب ملفات شائكة من بينها تقاسم الميزانية وملف النفط، إذ يتهم الإقليم الحكومة الاتحادية بعدم إرسال حصته المالية كاملة وفي الوقت المناسب، بينما تتهمه بغداد بعدم الشفافية في إدارة إيراداته وعدم تسليم النفط المنتج.
ويتأثر العراق وإقليم كردستان بتقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية، فيما أوقع شلل الصادرات النفطية إلى تركيا عبر خط الأنابيب المشترك، منذ أكثر من عامين، في أزمة حدت من قدرته على الإيفاء بتعهداته المالية ومن بينها صرف الأجور.
وشهد الإقليم العديد من الاحتجاجات طالب خلالها المتظاهرون بحل مستدام لمعضلة تأخر الرواتب التي فاقمت معاناتهم وأدت إلى تدهور مقدرتهم الشرائية والعجز عن توفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية والتعليم.
ويرى مراقبون أن تسوية الأزمة تستوجت التوصل إلى توافق بشأن تقاسم الثروات وإدارة الإيرادات، بما يضمن حقوق الإقليم الدستورية والتزام الطرفين بالشفافية والمساءلة، بالإضافة إلى تفعيل دور المحكمة الاتحادية، أعلى هيئة قضائية، للفصل في النزاعات الدستورية والقانونية المتعلقة بالمسائل المالية.
كما تطالب القوى السياسية الكردية بإبعاد ملف الرواتب عن الخلافات السياسية واعتباره حقا أساسيا للموظفين يجب ضمانه بغض النظر عن التوترات.
وحذر متابعون من تداعيات عدم الاستقرار المالي لإقليم كردستان، ما من شأنه أن يدفع بعض الكفاءات والمختصين إلى البحث عن فرص عمل في مناطق أخرى أو خارج العراق.
وفي سياق متصل اتهم النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، محما خليل علي آغا، اليوم السبت حكومة السوداني بعدم الالتزام بالدستور وقرارات المحكمة الاتحادية، مشددًا على أن الكتل والأحزاب الكردستانية ستتخذ موقفًا موحدًا وحاسمًا في حال استمرار قطع رواتب موظفي الإقليم، وفق وكالة "بغداد اليوم".
وأضاف أن "إقليم كردستان أبدى التزامًا واضحًا بقرارات المحكمة الاتحادية، لا سيما قرار توطين الرواتب، حيث قام بتسليم جميع بيانات الموظفين إلى الحكومة الاتحادية"، مردفا "رغم هذا الالتزام، فإن بغداد اتخذت موقفًا غريبًا تجاه رواتب الإقليم".
وشدد على أن رواتب المواطنين ليست ورقة سياسية، مؤكدا أن "الكتل الكردستانية لن تسمح بعد اليوم بزج قوت المواطنين في الخلافات أو استخدامه كأداة ضغط سياسية".
وبحث رئيس الجمهورية عبداللطيف جمال رشيد، مع السوداني في وقت لاحق من اليوم السبت سبل إيجاد حلول جذرية للأزمة بين بغداد وأربيل وفق بيان الرئاسة.
وبحسب المصدر نفسه فقد "أكد الجانبان على ضرورة إيجاد حلول جذرية في إطار الدستور وقرار المحكمة الاتحادية وأهمية إقرار قانون النفط والغاز".