السوداني يرفض مصادرة الفصائل المسلحة للقرار السياسي بمهاجمة القواعد الأميركية

استهداف وكلاء إيران للقواعد الأميركية يحرج الحكومة العراقية التي لا تريد جر البلاد إلى صراع دولي يضر بمصالحها ويتسبب بعقوبات اقتصادية .

بغداد - أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، رفضه استهداف القوات الأجنبية في العراق، ووجه الأجهزة الأمنية بالقيام بواجباتها وتنفيذ القانون وتعقب وتتبع العناصر المنفذة لتلك الهجمات، في إشارة إلى عدم رغبة الحكومة في الزج بالعراق في حرب وفوضى جديدة تزيد من نفوذ الميليشيات المسلحة التي تحاول مصادرة القرار السياسي لصالح إيران.

وتقول مصادر مطلعة أن استهداف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران للقواعد الأميركية بطائرات مسيرة وصواريخ أحرجت الحكومة العراقية التي لا تريد جر البلاد إلى صراع دولي يضر بمصالح العراق.
وقد شكلت حكومة السوداني لجنة تفاوض مع قادة وزعماء في الفصائل المسلحة تهدف إلى عدم عودة سيناريو الاستهداف لإبعاد العراق من شبح العقوبات الاقتصادية الأميركية.

وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في بيان الاثنين "في الوقت الذي عبرت فيه الحكومة العراقية بمناسبات عدة، عن إدانتها العدوان الصهيوني على سكان قطاع غزة، وكررت دعواتها لإنهاء الأوضاع المأساوية التي يعانيها أشقاؤنا الفلسطينيون جراء ذلك العدوان، وهو ما يمثل الموقف المبدئي الثابت تجاه نضال الشعب الفلسطيني، فإننا نؤكد كذلك رفضنا الهجمات التي تستهدف القواعد العراقية والتي تضمّ مقرات مستشاري التحالف الدولي المتواجدين في العراق، بدعوة رسمية من قبل الحكومة؛ لمواصلة عملهم في دعم عمل قواتنا الأمنية من حيث التدريب والتأهيل والاستشارة، وفق آلية واضحة جرى وضعها من قبل القنوات الرسمية والدبلوماسية العراقية، لا يمكن معها التهاون في أمن وسلامة تلك المقرات".

وتصاعدت الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على القواعد العسكرية العراقية التي تستضيف قوات أميركية وقوات دولية أخرى في الآونة الأخيرة. ولم تكتفي الفصائل العراقية الموالية لإيران بذلك بل عمدت بعضها إلى التهديد باستهداف المصالح والشركات الأميركية النفطية العاملة في العراق، الأمر الذي تعتبره الحكومة تهديدا لمصالح العراق وأمنه. ووجه السوداني باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، الأجهزة الأمنية كافة للقيام بواجباتها وتنفيذ القانون وتعقب وتتبع العناصر المنفذة لتلك الهجمات، وعدم السماح بأي حال من الأحوال في الإضرار بالأمن والاستقرار.

وتعرضت قاعدتي عين الأسد بالأنبار وحرير في أربيل لقصف بطائرات مسيرة لأكثر من مرة، تبنته فصائل مسلحة أطلقت على نفسها اسم "المقاومة الاسلامية في العراق"، كان آخرها الأحد. وأفادت مصادر بالجيش العراقي في وقت سابق بوقوع هجوم بصواريخ "كاتيوشا" استهدف القاعدة التي تستضيف قوات أميركية، وسمع دوي انفجار على الأقل داخل القاعدة، وفق ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.

ويقول محللون أن إيران لا تريد التورط المباشر في الصراع، بعد تجاربها في الحرب العراقية الإيرانية من عام 1980 إلى عام 1988 التي فقدت فيها ما لا يقل عن 500 ألف مقاتل، لذلك اتبعت في السنوات الأخيرة سياسة إقليمية أكثر عدوانية من خلال وكلائها، مما زاد من خطر سوء التقدير الكارثي.

وتبدو الفصائل العراقية جادة في استهداف كل المصالح والأهداف الأميركية في العراق وخارجه، والعمليات التي حصلت مؤخرا هي تنفيذ للتهديدات التي سبق أن أطلقتها إيران وقادة الفصائل التابعة لها، وربما تتطور في الأيام المقبلة إذا زادت واشنطن من دعمها لإسرائيل. وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الأسبوع الماضي إنّ "من واجبات الحكومة العراقية الحفاظ على أمن جميع الأجانب الموجودين على الساحة العراقية"، وإنَّ حماية البعثات الدبلوماسية "جزء من واجبات القوات الأمنية المختصة". وأضاف أنّ "القوانين العراقية والدولية تفرض على العراق هذه الحماية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ "الوضع في المنطقة مقلق، ومن الواجب العمل مع جميع الأطراف بهدف عدم توسيع رقعة الحرب".

 ومع تصاعد الحرب، قال المكتب الإعلامي للسوداني في بيان إن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن، جرى خلاله بحث التطورات الميدانية الجارية في الأراضي الفلسطينية، كما جرى خلال الاتصال تأكيد أهمية تحشيد الجهود والعمل المشترك لدعم الاستقرار المستدام في المنطقة، فضلاً عن جهود تعزيز علاقة الشراكة الثنائية بين العراق والولايات المتحدة، بحسب اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين. وشدد الجانبان على ضرورة احتواء الصراع، والعمل على عدم اتساع دائرة الحرب التي تستهدف المدنيين وتهدد السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.