السوداني يضع أمن العراق أولوية في التعامل مع الإدارة السورية الجديدة

الحكومة تنسق مع سوريا لضبط الحدود بعد استيلاء داعش على كمية كبيرة من أسلحة الجيش السوري.

بغداد - حذر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني من حدوث "أي خلل" يحدث في السجون بسوريا الأمر الذي يشكل تهديدا لأمن واستقرار العراق، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث تجددت المخاوف في العراق مع تصاعد الحديث عن تحركات لعناصر تنظيم داعش في مناطق متفرقة من البلاد، وسط تساؤلات عن طبيعة هذه التحركات، وقدرات داعش للنهوض مجددًا.

ومنذ سقوط الأسد، يرصد خبراء إضافة إلى بيانات أمنية رسمية، تحركات لعناصر تنظيم داعش في محافظة كركوك والمناطق القريبة من الحدود العراقية. وشدد السوداني على أنه "لن نسمح بدخول السلاح والجماعات المسلحة من سوريا الى العراق"، مضيفا إن "نظام الأسد لم يطلب من العراق التدخل عسكريا".

وقال رئيس الوزراء العراقي في مقابلة بثتها قناة "الحدث" الفضائية، "نحترم إرادة السوريين ونتطلع لعملية سياسية شاملة"، مردفا "أبلغنا الإدارة في سوريا رؤيتنا بشأن الوضع الراهن (..) نحرص على التنسيق مع سوريا لضبط الحدود".

وقبل سقوط نظام الأسد، أعلن العراق وقوفه إلى جانبه ودعمه جهود نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الحرب ضد فصائل المعارضة، ووصفت الحكومة العراقية الفصائل السورية المناهضة للأسد ومن ضمنها هيئة تحرير الشام التي تقود الإدارة السورية الجديدة بالإرهابية.

والتقى الخميس، وفد أمني عراقي برئاسة رئيس المخابرات العراقية حميد الشطري، رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق، ضمن أول زيارة يجريها وفد حكومي عراقي إلى سوريا منذ سقوط نظام الأسد.
ويرى محللون أن الزيارة تعتبر تغيرا كبيرا في موقف الحكومة العراقية اتجاه الوضع الجديد في سوريا.

وحذر رئيس مجلس الوزراء بالقول إن "أي خلل في سجون سوريا سيدفعنا لمواجهة الإرهاب"، مضيفا "لن نتدخل في شؤون سوريا ولن نكون جزءا في العبث بأمنها".

كما أشار إلى أن "الحكومة والقوى السياسية متفقة على عدم التدخل في سوريا"، منوها الى أن "تنظيم داعش استولى على كمية كبيرة من أسلحة الجيش السوري".

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، قد ذكر في اتصال هاتفي مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هاميش فالكونر، إن "تنظيم داعش الإرهابي يُعيد تنظيم صفوفه، إذ استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري وتركه مخازن أسلحته، وهو ما أتاح له توسيع سيطرته على مناطق إضافية".

وحذّر حسين من "خطورة هروب عناصر (داعش) من السجون، ومن انفلات الوضع في (معسكر الهول)، وانعكاس ذلك على الأمن في سوريا والعراق".

وتزامنت تحذيرات وزير الخارجية العراقي مع إعلان القيادة المركزية الأميركية قتل زعيم داعش "أبو يوسف" المعروف باسم محمود في محافظة دير الزور بسوريا.

وتشير القيادة المركزية الأميركية إلى أنها لن تسمح لداعش باستغلال الوضع الحالي في سوريا وإعادة تشكيل نفسه مجددًا.

وبعد سقوط نظام الأسد يخشى العراق عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.

ويشكل الوضع الحالي في سوريا مصدر قلق لمصر والأردن والسعودية على حد السواء نظرا لوجود جماعات متطرفة خلفيتها من جماعة الإخوان المسلمين وأخرى من السلفية والقاعدة، وهو ما سيمنحها أرضية شعبية في هذا البلد، أما بالنسبة إلى العراق فإنه يخشى من عودة سيناريو داعش في سوريا، ولذلك فهو يحاول تقوية الاتفاقات مع الدول العربية لإيجاد صيغة حلول للحد من نفوذ الجماعات الإرهابية ذاتها.

ومن خلال تصريحات الحكومة العراقية يبدو أنها لا تريد الذهاب باتجاه موقف عدائي تجاه تلك الجماعات التي أصبحت تحكم سوريا، بل تريد التعامل كدولة لأخرى وفقا للاتفاقيات الدولية.

وكان السوداني قد أكد خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنَّ بلاده تنتظر الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا مشددا على ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية من أي جهة كانت، إذ يمثل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة.

وجدد موقف العراق بدعم سوريا في هذه المرحلة المهمة، وأهمية أن تضطلع الدول الصديقة بمساعدة السوريين في إعادة بناء دولتهم، ومواجهة التحديات التي قد تؤثر على السلم الأهلي فيها، مشددًا على "ضرورة تمثيل كل مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها.