السودان يقر قوانين 'ثورية' منها إلغاء الردة وتجريم الختان

مجلس السيادة في السودان يصادق على حزمة تعديلات قانونية أُلغي بموجبها حد الردة وسُمح لغير المسلمين تداول وشرب الخمور بالإضافة إلى تجريم ختان الإناث وإلغاء عقوبات الجلد.
وزير العدل السوداني يقر بصعوبات في تطبيق التعديلات الجديدة
حمدوك يؤكد استمرار استكمال كافة التشوهات في النظم القانونية السودانية
السماح للمرأة باصطحاب أطفالها خارج السودان دون موافقة الزوج

الخرطوم - أجرى السودان تعديلات على مواد قانونية منها تجريم التكفير وختان الإناث وإلغاء مادة "الردة" كانت تثير جدلا كبيرا خلال حكم عمر البشير للبلاد، في خطوة هامة تقدم عليها الحكومة الانتقالية للتخلص من الإرث القديم وإرساء قواعد دولة مدنية تسع جميع الأطياف.

وأقر وزير العدل السوداني نصر الدين عبدالباري بصعوبات ستواجه تطبيق التعديلات القانونية الجديدة لكنه لفت إلى أن النيابة يمكنها لعب دور مهم في ذلك.

وكشف عبدالباري تفاصيل جديدة حول قانون التعديلات المتنوعة الذي سينشر في الجريدة الرسمية اليوم الأحد ليكون ساريا على الفور، وأكد إلغاءه مادة "الردة" وتضمينه عدم تعريض شاربي الخمر من غير المسلمين لأي عقوبات.

وتُعد "الردة" أي الخروج عن الإسلام أكثر مادة مثيرة للجدل في القوانين السودانية، مما جعل البلاد معرضة لضغوط كثيفة من جمعيات حقوق الإنسان المحلية والعالمية.

وألغت التعديلات الجديدة مادة "الردة"، كما سمحت لغير المسلمين بتناول الخمر دون عقاب علاوة على تجريم ختان الإناث ومنح المرأة الحق في اصطحاب أطفالها خارج البلاد دون موافقة الزوج وهو ما كان ممنوعا بموجب القانون السابق، بالإضافة لإلغاء المادة الخاصة بالزي الفاضح.

كما منعت التعديلات الجديدة تطبيق حكم الإعدام على من لم يبلغ سن الثامنة عشرة من عمره، واستثنت أيضا من بلغ سن السبعين من حكم الإعدام، فيما عدا جرائم الحدود والقصاص والجرائم الموجهة ضد الدولة وجرائم المال العام.

ونقل موقع "سودان تريبيون" عن الوزير القول في مقابلة تلفزيونية مساء السبت مع قناة "تلفزيون السودان" إن التعديلات هدفت لمواءمة القوانين مع الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية ووفقا للحاجة الملحة بإقرار الحريات وضمان سيادة حكم القانون دون تمييز.

وأضاف "أجيز قانون التعديلات المتنوعة وقدم إلى مجلس السيادة في نيسان/أبريل ولم يكن هناك اعتراض عليه بل تعليقات سعت وزارة العدل لتضمينها بما لا يقوض القانون".

وتابع أن "القانون يلغي عقوبة الجلد عدا في الجرائم الحدية والقصاص".

ومنحت الوثيقة الدستورية، التي تحكم عمل الفترة الانتقالية، سلطات التشريع إلى اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء، إلى حين تشكيل المجلس التشريعي.

وأكد الوزير كذلك أن القانون الجديد ألغى المادة 126 الواردة في القانون الجنائي لعام 1991 التي تتحدث عن الردة واستبدالها بمادة تجرم التكفير، سيما أن الوثيقة الدستورية نصت على ضمان حرية الاعتقاد، كما أن "تكفير الآخرين" بات مهددا لأمن ولسلامة المجتمع وفق قوله.

وبشأن دواعي التعديل الذي كفل للمرأة اصطحاب أطفالها عند السفر دون انتظار موافقة والدهم، قال وزير العدل إن الخطوة انطلقت من مبدأ المساواة بين الجميع لأن الرجل لا يكون بحاجة لإظهار موافقة الزوجة "وهذا يتعارض مع مبدأ المساواة ومبدأ حرية الحركة".

ولفت إلى أن هذه القضية تتصل بجوانب في قانون الأحوال الشخصية الذي كشف عن اتجاه لإلغائه وإقرار قانون بديل.

وبشأن تعاطي الخمر أوضح وزير العدل أن "غير المسلمين معفيين من أي مساءلة جنائية فيما يتعلق بتناول الخمر... أما المسلمون فما زالوا محاسبين".

وشرح بالقول "التداول والتناول الجماعي للخمر سيعاقب عليه الشخص غير المسلم إذا تعاون مع شخص مسلم".

واعترف نصرالدين بأن هذه القضايا من شأنها خلق تحديات كثيرة. وأردف "نحن سعينا فقط لأن نضمن لغير المسلمين حقوقهم".

واعتبر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، التعديلات الجديدة بمثابة خطوة هامة في طريق إصلاح المنظومة العدلية، مؤكدا في تغريدة على تويتر أن عملية مراجعة وتعديل القوانين ستستمر لإكمال كافة التشوهات في النظم القانونية السودانية.

وتباينت الآراء وردود الفعل حول التعديلات، حيث يرى فريق أنها مطلب شعبي وثوري يلبي جزء مما طالب به الحراك الشعبي الذي انهى حكم البشير ولا مفر من انتهاج سياسات تضمن حقوق الإنسان في وقت تشهد فيه البلاد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية طال انتظارها. في المقابل يرى آخرون أن القوانين لا تصلح وحدها لتغيير ثقافات وتقاليد وأعراف الشعوب خاصة في السودان الذي حكمه البشير بقبضة من حديد تحت رقابة الإسلاميين.

وأدانت وسائل إعلام ومنظمات حقوقية دولية في السابق انتهاكات خطيرة كانت الحكومة السودانية في عهد البشير تنفذها بموجب قوانين مرفوضة مثل عقوبات الجلد وختان الإناث والمواد التي تتعلق بالآداب العامة.

ويشهد السودان منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.