السياحة تتعافى ببطء في جنوب شرق اسيا

ماليزيا تسعى لاستعادة زوار برجيها الأعلى في العالم

بانكوك - هزت هجمات 11 أيلول/سبتمبر بطائرات ركاب مختطفة على مركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاجون (وزارة الدفاع) في واشنطن، أركان أكبر صناعة في العالم، السياحة.
غير أن تأثير تداعيات الهجمات الارهابية المروعة على الدول المعتمدة على السياحة في منطقة جنوب شرق آسيا تفاوت من دولة لاخرى، وذلك حسب كيفية تصور العالم لرد فعل شعوب تلك الدول على الحرب ضد الارهاب.
ففي إندونيسيا وهي أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان، كانت الآثار مدمرة. فقد دفعت التقارير الاخبارية عن تنظيم المسلمين المتشددين لمظاهرات مناهضة لامريكا في جاكرتا وغيرها من المدن، آلاف السائحين الذين كانوا يفكرون في زيارة هذا الارخبيل المترامي الاطراف ببيئاته المتنوعة لالغاء خططهم.
وكانت أكثر التقارير إثارة للقلق ما نشر عن قيام متعصبين مسلمين بعمليات "اجتياح" في بعض المدن بحثا عن الامريكيين لمعاقبتهم على الغارات الجوية الامريكية ضد أفغانستان.
وقال وزير الدولة الاندونيسي للسياحة آي. جدي أرديكا "دفعت التهديدات بنشاطات اجتياحية ضد الاجانب وخصوصا الرعايا الامريكيين، بعض الحكومات إلى إصدار تحذيرات لمواطنيها بعدم زيارة إندونيسيا".
ومن المفارقات أن يكون منتجع بالي الهندوسي، أشهر جزيرة إندونيسية سياحيا، الاشد تضررا من مخاوف السائحين الغربيين.
وقال آي. باجوس يودارا رئيس اتحاد بالي للسياحة "لقد أثرت هجمات 11 أيلول/سبتمبر الجوية على نيويورك وواشنطن و (الضربات) الانتقامية على أفغانستان، فعلا على وصول الزوار الاجانب وخصوصا إلى منتجع بالي".
وأضاف أن معدل إشغال الفنادق في بالي انخفض بنسبة تصل إلى 30 بالمائة بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر الارهابية.
ودفع انخفاض عدد الزائرين الحكومة الاندونيسية إلى تعديل توقعاتها لاعداد السياح الاجانب لعام 2002 إلى ما يتراوح بين 5.1و5.2 مليون زائر على مستوى البلاد بدلا من الرقم المبدئي وهو 5.4 مليون سائح.
ولكن يودارا وغيره من رجال الاعمال في قطاع السياحة عبروا عن تفاؤلهم بأن هذا الانخفاض سيكون مؤقتا وبأن السائحين الاجانب سيبدأون في العودة إلى بالي والمقاصد السياحية الاخرى في إندونيسيا خلال 2002
وقال يودارا "إن شاء الله سيعود وصول أفواج السياح تدريجيا إلى المعدل الطبيعي بحلول نيسان/إبريل أو أيار/مايو عام 2002".
ويشعر خبراء قطاع السياحة في ماليزيا المجاورة أيضا بالتفاؤل ويقولون أن 2002 سيشهد انتعاشا في عدد السياح الاجانب.
وصرح نائب رئيس الرابطة الماليزية لاصحاب الفنادق ايفو نيكفابيل بأن الانخفاض المبدئي في السياحة بنسبة 25 في المائة فور هجمات 11 أيلول /سبتمبر يرجع أساسا إلى رد الفعل المتسرع التلقائي للشركات الامريكية التي جمدت كافة الرحلات للخارج.
وقال "كان رد فعل الشركات الامريكية مبالغا فيه حيث ألغت جميع أنشطة السفر إلى هذا الجزء من العالم".
وأضاف نيكفابيل "يجب أن يدرك الناس في أمريكا وأوروبا أن ماليزيا هي أكثر دولة مسلمة أمانا في العالم في الوقت الحالي.
والوسيلة الوحيدة لتشجيع وبناء الثقة بين المسافرين الاجانب هي الحفاظ على صورة (البلاد) كحكومة ومجتمع مستقرين ومنفتحين".
من ناحية أخرى، ساهمت المخاوف من القيام برحلات جوية طويلة في حدوث زيادة حادة في السفر الاقليمي لدرجة أن الفنادق حجزت بالكامل في منتجعات جزر لانجكاوي وبينانج وبانجكور الماليزية خلال كانون الاول/ديسمبر الماضي.
وفي سنغافورة حيث كان المسئولون يتوقعون تحطيم الرقم القياسي غير المسبوق وهو 7.69 مليون سائح عام ،2000 قالت هيئة السياحة في سنغافورة أنه من المتوقع انخفاض عدد الزوار بنسبة ثلاثة إلى خمسة بالمائة عام 2001.
وقال المدير التنفيذي للهيئة يو خي لينج أن "الاحداث المأساوية في الولايات المتحدة مدمرة ومازالت تداعياتها تتوالى في أنحاء العالم".
ورفضت متحدثة باسم الهيئة تقديم تقديرات ولكنها قالت أن الهيئة أوقفت جميع برامج التسويق السياحي في الولايات المتحدة، مضيفة "سننتظر ونرى كيف تسير الامور قبل أن نقرر متى نستأنفها".
وقالت هيئة السياحة في سنغافورة أن عدد الزوار انخفض في تشرين الاول /أكتوبر/ الماضي بنسبة 10.6 بالمائة مقارنة بنفس الشهر من عام 2000 ليصل إلى 568،685 سائحا. وحدث أكبر انخفاض في عدد السائحين القادمين من اليابان وذلك بنسبة 51 في المائة، تليها الولايات المتحدة حيث انخفض عدد القادمين منها بنسبة 41.1 في المائة
أما في الفلبين، فإن السياحة تعاني من حالة ركود منذ عام 2000 بسبب مشكلات سياسية وأمنية مختلفة، خصوصا قيام متمردي جماعة أبو سياف بخطف 21 شخصا بينهم سياح غربيون من جزيرة ماليزية.
وبددت الهجمات على الولايات المتحدة والحملة الدولية ضد الارهاب أي فرصة لحدوث انتعاش حيث أصدرت الدول الاجنبية تحذيرات لرعاياها من زيارة الفلبين بعد الربط بين جماعة أبو سياف وأسامة بن لادن، المشتبه به الرئيسي في الهجمات.
وطبقا لاحدث الارقام الصادرة عن وزارة السياحة، فإن عدد السياح الذين زاروا الفلبين خلال الفترة من كانون الثاني/يناير إلى تشرين الاول/أكتوبر من عام 2001 بلغ 1.512.145 سائحا بانخفاض نسبته9.1 بالمائة عن نفس الفترة من عام 2000
ولكن وزير السياحة الفلبيني ريتشارد جوردون واثق من أن صناعة السياحة ستتعافى في عام 2002 رغم حالة عدم اليقين التي تسود العالم بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر والحملة العسكرية في أفغانستان.
وأعرب الوزير عن أمل الحكومة في اجتذاب ما بين2.4 مليونا إلى ثلاثة ملايين سائح العام الحالي.
وبدت تايلاند، أكبر مركز جذب سياحي في جنوب شرق آسيا، من بين الدول الاسرع في الانتعاش السياحي بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر.
ورغم انخفاض أعداد الافواج السياحية القادمة إليها بنسبة 9.1بالمائة في تشرين الاول/أكتوبر الماضي، فإن اتحاد السياحة التايلاندي يتوقع زيادة إجمالية ما بين واحد إلى اثنين بالمائة في عام 2001 مقارنة بعدد السياح عام 2000 والذي بلغ9.5 مليون سائح.
ويقول محللو صناعة السياحة في تايلاند أن أحد دعائم قوتها يتمثل في قدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة.
فقد أعلن اتحاد السياحة التايلاندي في مطلع كانون الاول/ديسمبر الماضي مبادرة جديدة لجذب المزيد من السياح من الشرق الاوسط، الذين يتردد الكثير منهم في السفر إلى الولايات المتحدة وأوروبا في أعقاب هجمات أيلول/سبتمبر.